(غياب الله من الحياة - اختلاف المشارب)
 
هناك عدة مصادر للمشاكل الأسرية منها: 1- مصادر شخصية، 2- مصادر ثنائية، 3- مصادر اجتماعية
 
نسمع فى هذه الأيام عن الكثير والكثير من المشاكل العائلية التى لربما لم تكن كثيرة بهذا الشكل فى الماضى، والتى قد تنتهى بالانفصال، حيث يكون الزوج أو الزوجة أو الاثنان معًا متحوصلين حول ذواتهما، وغير مبالين بالأطفال والأولاد.. ونتيجة لذلك تتشتت الأسرة، وتفقد تماسكها، ويتعب الصغار والكبار ما بين الأم والأب.
 
لذلك نعرض هنا لبعض مصادر المشاكل الأسرية، حتى تتلافاها الأسرة وخصوصًا المكونة حديثًا، ليستمر الزواج المقدس رباطًا وثيقًا راسخًا، وتسعد الأسرة، بروح الوحدة والسعادة.
 
أولًا: المصادر الشخصية:
 
1- غياب الله من الحياة:
 
وهذا هو محور وأساس وجوهر كل المشاكل داخل الأسرة. لأنه حينما يكون الله رب البيت، وملك الحياة، وموضوع انشغال كل من الزوجين، يسلك كل منهما سلوكًا، نابعًا من فكر الله شخصيًّا، ومن فعل روحه القدوس.
 
مشكلة المشاكل فى الأسرة عدم إقامة الصلاة، بحيث يشترك الزوجان يوميًّا فى صلوات قصيرة، وقراءة جزء من الكتب المقدسة.
 
إن غياب الرب عن الحياة يجعلها جحيمًا لا يطاق، لأن غياب الرب يحدث فراغًا رهيبًا فى القلب، لا يحاول أن يملأه سوى عدو الخير، أو الطموح الذاتى، أو أصدقاء السوء، أو إيحاءات رديئة من أقرب الأقربين، حتى الأسرة الخاصة بكل منهما.
 
أما الارتباط بالله فهو ببساطة اقتراب لكل من الطرفين نحو المحور (الله) ونحو بعضهما البعض، حتى يتحدا فى الرب.
 
وبالعكس الابتعاد عن الله ابتعاد عن مركز الدائرة، وارتداد إلى محيطها، وتبعثر وتمزق وتمركز فى الأنا الذاتية.
 
الله له المجد، يغير الطبيعة من الشر إلى الخير، وأسلوب التفكير ليصير مقدسًا وبنّاءً، وسلوكيات الزوجين لتصير فى وداعة واتضاع وتكامل، كما أنه يسكب روح سلام وصفاء فى كل من الزوجين، فلا يستجيبان بسرعة لأية إثارة، بل إنه يجعل كلًّا من الزوجين قادرين على التنازل عن مزاج معين وضعفات دفينة لا يرتضيها الشريك فى فرح وصبر، بل إنه يجعل من كل طرف إنسانًا قادرًا على العطاء والبذل من أجل شريك حياته.
 
إذن فالله يعطينا القدرة على التفاهم، والسلام، والتنازل، والاحتمال، والعطاء، والبذل. سلسلة جميلة تحفظ للبيت المؤمن بالله تماسكه وسعادته ووحدته.
 
فليراجع كل زوجين خط حياتهما!! هل كل منهما له حياة روحية مع الله، وروح توبة، وعشرة قلبية، ومرشد للطريق، وكتب مقدسة مفتوحة، وركبة منحنية فى الصلاة؟!.
 
إذا ما عاش الزوجان للرب منذ بداية تكوين الأسرة، سيلتقط الأطفال نفس الروح المقدسة، والنار الإلهية، والسلام السمائى، فلا نتعب معهم فيما بعد، إذا ما انحرفوا وضاعوا فى زحام الحياة.
 
إن البيت الذى يملكه الرب يصير جنة سعيدة.
 
2- اختلاف المشارب:
 
من أكثر مصادر المشاكل الأسرية شيوعًا اختلاف المشارب.. فالزوج من بيئة حضارية والزوجة من بيئة ريفية.. هناك بالطبع اختلاف كبير فى أسلوب التربية، وفى أسلوب التعامل مع المجتمع، وفى التقاليد والعادات الخاصة، والأسرية، والعامة، فالزوج ببساطة يتحرك فى كلامه ومجاملاته وملابسه ونشاطاته، بينما الزوجة تتعجب، بل ربما لا تتواءم معه فى هذه الأمور، فيتضايق الزوج وتتعب الزوجة. والعكس.. إذا ما كانت الزوجة من بيئة حضارية والزوج ريفيًّا.. يغضب ويثور حين تسلم زوجته باهتمام على ابن عمها أو ابن خالتها أو زميلها فى الكلية أو العمل.
 
أسلوب الكلام.. والزيارات.. وارتداء الثياب.. ونظام الأكل.. ومحتويات المنزل.. وصورته أمام الناس.. وعلاقاته الاجتماعية.. الجيران.. الزملاء.. الأصدقاء.. المجاملات فى المناسبات المختلفة كأعياد الميلاد، والزواج، وظروف العزاء.
 
هذه مجرد أمثلة توضح ضرورة أن يتقارب الزوجان ويتفاهما، إلى أن يريح كل منهما الآخر، فى بذل وعطاء، وليس فى عناد واستعلاء!.
 
وربما كان من الأصوب أن يختار الإنسان شريكة حياته من نفس البيئة، أو من بيئة متقاربة اجتماعيًا، حتى لا يحدث هذا النوع من المشاكل، أو يقل حدوثه.
 
ومن الملاحظ أن الزوجة أكثر ارتباطًا بأسرتها، وبالبيئة التى نشأت فيها. فلا داعى للضغط على البنت لتقبل زوجًا يعيش فى بيئة مختلفة حضاريًّا واجتماعيًّا، وعلى بعد مئات الكليومترات من موطن الزوجة الأصلى. هى ربما تتعب فى التوافق مع البيئة الاجتماعية الجديدة، وهو كذلك سيتعب لأنها ستطلب منه السفر المتكرر لترى أسرتها.
 
تصوروا شابة تربت فى الإسكندرية بروح اجتماعية منطلقة، تذهب إلى أقصى الصعيد. سينتقدون ملابسها، وكلماتها، وضحكاتها، ومعاملاتها، ويحاولون الضغط عليها بالكلام الواضح وبالغمز واللمز لكى تصير مثلهم. وهذا صعب طبعًا.
 
لذلك من المستحسن توافق المشارب، فإن اختلفت فلابد من حياة روحية قوية، وروح احتمال وصبر وعطاء، حتى يتوافق الزوجان وتسير الحياة.. وللحديث بقية.
نقلا عن المصري اليوم