اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار نياحة نياحة قداسة البابا يوساب الاول الـ٥٢ (٢٣ بابة) ٢ نوفمبر ٢٠٢٢
في مثل هذا اليوم من سنة 841 ميلادية تنيح الآب القديس الأنبا يوساب الاول الثاني والخمسون من باباوات الأسكندرية وكان من أولاد عظماء منوف وأغنيائها، ولما انتقل أبواه وتركاه رباه بعض المؤمنين. ولما كبر قليلا تصدق بأكثر أمواله، ثم قصد برية القديس مقاريوس، وترهب عند شيخ قديس.

ولما قدم قداسة البابا مرقس الثاني التاسع والأربعون من باباوات الأسكندرية، وسمع بسيرته دعاه إليه. ولما أراد العودة إلى البرية رسمه قسا وأرسله. فمكث هناك مدة إلى إن تنيح الأنبا سيماؤن الثاني الحادي والخمسون، وظل الكرسي شاغرا إلى إن اتفق بعض الأساقفة مع بعض من عامة الإسكندرية علي تقدمة شخص متزوج كان قد رشاهم بالمال. فلما علم بقية الأساقفة أنكروا عليهم عملهم هذا وطلبوا إلى الله إن يرشدهم إلى من يريده فأرشدهم إلى هذا الاب. فتذكروا سيرته الصالحة، وتدبيره حينما كان عند الآب الأنبا مرقس، وأرسلوا بعض الأساقفة لإحضاره. فصلي هؤلاء إلى الله قائلين "نسألك يارب إن كنت قد اخترت هذا الآب لهذه الربتة، فلتكن علامة ذلك إننا نجد بابه مفتوحا عند وصولنا إليه". فلما وصلوا وجدوا بابه مفتوحا، حيث كان يودع بعض زائريه من الرهبان. وإذ هم بإغلاق الباب رآهم مقبلين فاستقبلهم بفرح وأدخلهم قلايته.

فلما دخلوا امسكوه وقالوا له "مستحق". فصاح وبكي وبدا يظهر لهم نقائصه وعثراته، فلم يقبلوا منه، وأخذوه إلى ثغر الإسكندرية ووضعوا عليه اليد.
ولما جلس علي الكرسي المرقسي اهتم بالكنائس كثيرا. وكان يشتري بما يفضل عنه من موارده أملاكا ويوقفها علي الكنائس. وكان كثير التعليم للشعب لا يغفل عن أحد منهم فحسده الشيطان وسبب له أحزانا كثيرة.

ومن ذلك إن أسقف تنيس وأسقف مصر أغاظا شعب كرسيهما فأنكر هذا الآب عليهما ذلك، وطلب إليهما مرارا كثيرة إن يترفقا برعيتهما، فلم يقبلا منه نصيحة، وإستغاثت رعيتهما قائلة إن أنت أرغمتنا علي الخضوع لهما تحولنا إلى ملة أخرى، وإذ اجتهد كثيرا في الصلح بين الفريقين ولم ينجح، دعا الأساقفة من سائر البلاد وأطلعهم علي أمر الأسقفين وتبرا من عملهما، فكتبوا جميعهم بقطعهما.

فلما سقطا مضيا إلى الوالي بالقاهرة، ولفقا علي الآب قضية كاذبة، فأرسل الوالي أخاه مع بعض الجند لإحضار البطريرك. ولما وصلوا إليه جرد أخو الأمير سيفه، وأراد قتله، ولكن الله أمال يده عنه فجاءت الضربة في العمود فانكسر السيف. فازداد الأمير غضبا وجرد سكينا وضرب الاب في جنبه بكل قوته، فلم تنل منه شيئا سوي إن قطعت الثياب ولم تصل إلى جسمه فتحقق الأمير إن في البطريرك نعمة إلهية ووقاية سماوية تصده عن قتله، فاحترمه وأتى به إلى أخيه، واعلمه بما جري له معه، فاحترمه الحاكم أيضًا وخافه، ثم أستخبره عن القضية التي رفعت عليه، فاثبت له عدم صحتها واعلمه بأمر الأسقفين، فاقتنع وأكرمه، وأمر بان لا يعارضه أحد في رسامة، أوعزل أحد من الأساقفة، أو في أي عمل يختص بالبيعة.

وكان مداوما علي وعظ الخطاة وردع المخالفين، مثبتا الشعب علي الإيمان المستقيم الذي تسلمه من أبائه، مفسرا لهم ما استشكل عليهم فهمه، حارسا لهم بتعاليمه وصلواته. وقد اظهر الله تعالي علي يدي هذا الآب عجائب كثيرة. ولما اكمل هذه السيرة المرضية تنيح بسلام بعد إن أقام علي الكرسي تسع عشرة سنة. وفي الرهبنة تسعا وثلاثين. وقبلها نيفا وعشرين سنة.

بركه صلاته تكون معنا آمين...
و لآلهنا المجد دائما أبديا آمين...