الأنبا إرميا
خاض رحلة الحياة بكل ما تحمله من بساطة وتعقيد، أفراح وآلام، نجاحات وتعثرات، فأمسى أحد رموز الوطن فى الداخل والخارج، رمزًا اتسم بالعمل الدؤوب الشاق، الجراءة، الطموح المتخطى حدود الآفاق، بعد أن بنى صرحًا اقتصاديًّا عظيمًا فى مجالات عديدة، حتى إن عدد شركاته تجاوز الخمسين، بأعمال سنوية تفوق 30 مليار جنيه، وعدد عاملين بلغ 25 ألفًا. ومع تلك النجاحات، تراه يملك قلبًا ناجحًا فى الامتلاء بحب الخير للجميع، فلا تنظره إلا وهو يمُد يد العون إلى كل من يحتاجها، حتى وقت أزماته!، إنه الراحل بجسده الحاضر دائمًا بأعماله، رجل الأعمال الطبيب «رؤوف غبور»، الذى قال عنه رئيس مجلس إدارة مصرف Barclays: «بدأ بداية بسيطة. لم تكُن ظروفه مثالية، تعرض لمشكلات كثيرة، لكنه استطاع النجاح ثم التألق، بالعمل الشاق والمثابرة والجهد والعرق».

«رؤوف غبور» هو الابن الأكبر لرجل الأعمال «كمال غبور» الذى أنشأ مع أخيه «صادق غبور» مؤسسة «إخوان غبور»، ووالدته هى السيدة «فريدة نسيم» حفيدة «حنا نسيم» أكبر مقاولى زمانه. وُلد «رؤوف غبور» سنة 1953م بـ«المستشفى القبطيّ». بدأت أولى خطواته الدراسية وهو فى سن الرابعة بمدرسة العائلة المقدسة Jésuites. وقبل أن يبلغ الثامنة، جاء قراره الأول بالتفوق فتبدلت أحواله الدراسية مائة وثمانين درجة، فيقول عن تلك المرحلة: «كل ما أتذكره أننى قلت لنفسى: هل أرضى لنفسى هذا الوضع: أن يعُدّونى مع «الخياب» والفاشلين ومكانى فى مؤخرة الفصل؟!، تبدلت أحوالى الدراسية من هذا الموقف المصيرىّ، حتى حصلت على الثانوية العامة بتفوق ودخلت كلية الطب». لٰكن شغفه بالتجارة سلبه من الطب؛ ليخُط مستقبل رجل أعمال واعد عبقرىّ استطاع التغلب على محن وعقبات جمة فى رحلة ارتقائه العملى.

لقد بدأ رحلته فى ميدان رجال الأعمال وهو فى السابعة، حين كان يحصل على 15 قرشًا فى الأسبوع مصروفًا، فيقول: «لم أفكر لحظة واحدة فى طريقة صرف هذه النقود؛ وهذا هو التصرف الطبيعى فى سنى. ولكن كل تفكيرى تركز حينذاك فى كيف أن أستثمر هذه النقود». فقرر شراء «بسبوسة» وبيعها لأطفال النادى، ونجح فى ادخار خمسة جنيهات كاملة فى أسبوع واحد!، ومنذ ذلك الحين لم يحصل على أى مصروف.

استمر «رؤوف غبور» فى تجارة أشياء عديدة خلال سنوات الطفولة والمراهقة، حتى وصل رأس ماله وهو على مشارف المراهقة إلى 10 آلاف جنيه. وبعد أن بلغ الثانية عشرة، دخل مزاد هيئة «نمرو»: «وحدة البحوث الطبية للبحرية الأمريكية»؛ ونجح فى الفوز بالصفقة وربح مبلغًا كبيرًا. ثم اتجه إلى الاشتغال بتبديل العملة فكان ربحه يصل إلى 30 ألف جنيه شهريًّا. وعند انتهاء دراسته الجامعية سنة 1976، كانت ثروته الشخصية قد تجاوزت نصف المليون جنيه!!.

عمِل «رؤوف غبور» بعد تخرجه موظفًا بشركة «إخوان غبور». كان يتسم عمله بالإخلاص، فكان ينصت إلى حوارات العمل من أجل الاستمرار والفَهم، ونجح نجاحًا كبيرًا، كما نجح فى إنقاذ توكيل إطارات Bridgestone من السحب من الشركة. وفى سنة 1984م، أصبح المدير التجارى لشركة «إخوان غبور»، ثم أسس شركة خاصة به، وإلى جانبها تسلم إدارة الشركة من عمه «صادق» فى نهاية 1985. سنة 1990، قرر ترك إدارة «إخوان غبور» للتركيز فى إدارة شركاته. وبدأ فى استيراد السيارات، ثم الحصول على توكيل «هيونداى» الذى يُعد إحدى المحطات المهمة فى حياته. حصل على توكيلات دولية عديدة فى مجالات الاتصالات والإلكترونيات وقِطع الغيار والإطارات، ثم السيارات والشاحنات والمعَدات الإنشائية والزيوت، وإلى جانب كل تلك بات منافسًا لكبار مصنعى التليفزيون الملون.

تزوج «رؤوف غبور» بـ«علا لطفى زكى» الشهيرة بالسيدة «علا غبور»، وأنجب منها كمال ودينا ونادر. وقد اتسمت شخصية «رؤوف غبور» بسمات عديدة أهمها عدم اليأس وعدم الاستسلام، و... والحديث فى «مصر الحلوة» لا ينتهى!
نقلا عن المصرى اليوم