عادل نعمان
وندفع دفعا الى الجدال والسجال ، حين يستفزنا اولهم ، أو يثير حفيظتنا  آخرهم ، وأما الإستفزاز حين يقول قائل " أن العلماء قد اجمعوا على أمر  أو تكليف ، وتلقته الأمة بالقبول والرضا " فلا إجماع على أمر او تكليف " كما قال احمد بن حنبل  : " من قال ان هناك إجماع فقد كذب" إلا أن الإجماع مقبول من جماعة فى زمن معين وفى مكان معين ، وبالقطع لاينفى هذا ان يكون فى هذا الزمان وهذا المكان مخالف او مخالفون، ومابالكم فى ازمان واماكن ورجال مختلفون . ولم يصلنى بعد طول العمر إجابة عن كيف تتلقى الامة امرا أو مسألة أو تكليفا بالقبول والرضا ؟ وقد إختلفوا وتقاتلوا وقتلوا بعضهم بعضا ، هذا مادفع به الشيخ سالم عبد الجليل عن تحريم زواج المسلمة من الكتابى ، " ان الفقهاء قد أجمعوا على تحريمه وتلقته الأمة بالقبول " . وأما حفيظتنا تثار حين يكون القياس ليس فى محله ، او يحتج او يدلل أحدهم بنص لحكم خاص ويسحبه على العموم " عموم اللفظ " وهذا مااستشهد به "الدكتور أحمد كريمة" يبرهن ويدلل على حرمة زواج المسلمة من الكتابى ، وقد كنا ضيوفا فى برنامج المواجهة " الدين والحياة الجزء الثانى " على القاهرة والناس للإعلامى المتميز" أحمد سالم " .

والموضوع : أن البرنامج قد تساءل هل زواج المسلمة من الكتابى حرام ام حلال ؟ وفيما أكدت عليه " بعدم وجود نص قطعى الدلالة والثبوت بالتحريم " وهو الاصل فى التحريم ، وان آية تحريم زواج المشركين كما جاءت بالقرآن تحرم زواج المسلمة والمسلم من المشرك والمشركة " ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن الى آخر الآية " ومن الجائز قبول هذا التحريم للطرفين ، إلا أن السماح للرجل المسلم بمخالفة هذا الامر والزواج من الكتابية امر يدعو للغرابة ، وإذا كانت الإباحة بحجة ان الكتابية ليست بمشركة بنص القرآن " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة " والواو هنا واو المغايرة اى ليس اهل الكتاب بمشركين ، فلماذا لانبيح للمسلمة الزواج من الكتابى كما اجزنا للمسلم ذلك ، والحكم فى هذه المسالة واحد للمراة والرجل ؟ !! . إلا أن الشيخ احمد كريمة قد أصر على يبرهن على التحريم بآية قرآنية أخرى ، ليس لها علاقة بما نقوله إذا عدنا الى سبب نزولها ،وهى الآية العاشرة من سورة الممتحنة

«يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات، فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار، لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن، وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا أتيتموهن أجورهن، ولا تمسكوا بعصم الكوافر» لو استمر العمل بهذه الآية لكان زواج المسلم من غير المسلمة، وزواج المسلمة من غير المسلم على عمومه محرما تحريما قاطعا، إلا أن الواقع غير ذلك فالمسلم يتزوج من الكتابية على الرغم من الآية واضحة " ولاتمسكوا بعصم الكوافر " اى لايحل للمسلم ان تكون على عصمته كافرة ، إلا أن سبب النزول له رأى آخر ، والحكاية : أن صلح الحديبية قد اشترط على المسلمين أن يردوا من جاءهم مسلما من مكة، ولا يرد أهل مكة من جاءهم مرتدا من المسلمين، وكان للنساء وضع خاص، فمنهن من جاءت تلحق بزوجها، ومنهن من خافوا عليهن من وحشة الطريق أو انتقام أهليهم، وهذا عكس الرجال، فرد المسلمون الرجال، وأبقوا على النساء شرط «فامتحنوهن» للتأكد من صدق الإيمان، وعلى الرجال فى المدينة تطليق من على ذمتهم من الكوافر (جمع كافرة) وكان هذا الحكم على الاثنين فى ظروف الحرب، وليس من الحنكة والحكمة ان تظل زوجات رجال المسلمين فى مكة على عصمتهم ، فما علاقة المراة المسلمة بهذا الحكم ؟ وإذا كان التحريم قائما لماذ يتزوج الرجل المسلم بالكتابية ؟  

أما عن إجماع الأمة وقبوله كما إستند اليه الدكتور  سالم عبد الجليل فلا يخرج عن كونه" رأى "ويمكن الاخذ به من عدمه ، وفحواه ان سبب تحريم الفقهاء زواج المسلمة من الكتابى وإباحته للرجل ،اولا : ان المسلم مؤمن بنبوة عيسى وموسى ولن يمنع الكتابية من إقامة شعائرها الدينية ، والعكس عند الكتابى فهو ليس بمؤمن بنبوة محمد وسوف يمنعها من إقامة شعائرها الدينية ،وهى حجة بالية وقديمة ، فماذا لو اجاز لها ذلك ؟ فضلا على ان حرية العبادة حق ومصانة فى كل بلاد العالم الحر ومنتهكة ومنة وفضل فى بلادنا ، ثاتيا : الخوف ان يلحق الابناء بديانة الاب ، وفيها الكثير، فمثلا ماذا لو اتفقا على إلحاقهم بديانة الام ؟ وماذا لو كان احدهم غير قادر على الإنجاب ؟ او تخطت المرأة هذه المرحلة ؟ او إتفقا على عدم الإنجاب ؟ أو السن للطرفين يحول من الإنحاب ؟ هل ينتفى السبب ؟ هذا تحريم ليس من حق البشر فقيها أو خليفة ، وهو حق الله فقط .

اما عن " عنترية البعض فى مقولة " نرثهم ولايرثوننا كما ننكح نساءهم ولاينكحون نساءنا" فقد عفى عليها الزمن ، ولم يعد للغطرسة والفظاظة مكان ، الحقوق لاتتجزأ ، والعدل لايقبل المساومة او التقسيم ، والرحمة على الغريب قبل القريب وعلى الحيوان والإنسان ، وإذا غاب العدل والرحمة عن الحكم قل ماجاء ليس من عند الله " الدولة المدنية هى الحل”
نقلا عن المصرى اليوم