ميلاد حنا زكي
«رفقة الأيام والسنين.. متعة ما أكتب هو رزق من ضابط الكل»، هكذا كان رد الكاتب الكبير الراحل مفيد فوزي عندما ناقشته في أحد مقالاته الأسبوعية التي كان ينشرها بانتظام بالمصري اليوم كل يوم سبت.

رحل الكاتب الكبير أحد أبرز رموز الإعلام في مصر بعد صراع مع المرض، وترك لنا ميراث كبير في مدرسة الصحافة، ميراث بدأه من «تسمحلي اسألك» في حواراته الشهيرة في برنامجه «حديث المدينة» الذي ظل لسنوات ويتذكرها جميع الأجيال ثم انتقالها إلى الصحافة باسلوبه المتميز والمختلف عن أي صحفي.

الأستاذ كان متصالح مع نفسه ومحب للحياة، فكان دائم الحديث معي بحكم إشرافي على قسم الرأي واتذكر انه في بعض الأحيان يتصل يتحدث عن بعض الأمور العامة، فقد نشر أحد مقالاته وحدث خطأ غير مقصود وحصل جدل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وتكلم معي وهو لا يتكبر أن يعتذر وبالفعل اعتذر في لقاء بأحد الصحف وأنه غير مقصود.

كان زوج مخلص ووفي لزوجته الراحلة الإذاعية أمال العمده، فمنذ أن توفت في ١١ مارس ٢٠١١ واعتبر هذا اليوم يوم فراق محبوبته، يوم لا ينسى ولابد أن يعلم كل قارئ ومتابع مدى حبه لها فقرر أن يكتب مقالا منتظما عنها في كل ذكرى تحل لها ومنذ هذا التاريخ ولمدة اكثر من ١٠ سنوات لم يكرر كلاما عن زوجته ودائما كان لديه المزيد واتذكر انه قال لي في احد حديثنا :«أمال هي الروح والحياة وبفقدانها الحياة بقت صعبة».

كان الأستاذ مفيد لا يتكبر على صحفي صغير أو كاتب فكان حكيما ومعلما للجميع، فكان يقول دائما انا بتعلم من الأجيال الصاعدة ومن حفيدي التقاليع الجديدة، واتذكر أنه كان يقول ويمدح في فكرة تعليمه عن طريقي عدم استخدام الفاكس في إرسال المقالات وإعتماده على إرسالها عن طريق برنامج الواتساب لكل وسائل الإعلام.

كما لا انسى أنه كتب في جريدة الأخبار يؤكد ويؤيد مقال نشرته عام ٢٠١٨ في «المصري اليوم» تحت عنوان «معرض الكتاب المتطرف» وكتب «روى لي الكاتب الصحفي حلمى النمنم وزير الثقافة السابق إنه في احدى جولاته بقصور الثقافة لاحظ أن بالمكتبة كتب حسن البنا على الأرفف، فسأل أمينة المكتبة: وفين كتب العقاد وسلامة موسى ويوسف إدريس؟ قالت حسن البنا الأكثر قراءة! فأمر باظهار كتب الادباء اولا. اسوق هذه الملاحظة تعليقا على مقال ميلاد حنا في المصري اليوم بعنوان»معرض الكتاب المتطرف«التي يطالب فيها بإعادة النظر في كل كتب المدارس والأزهر وشطب كل ما يحض على الكراهية للاخر …صح». واهداني كتابه «مفيد فوزي نصيبي من الحياة» قائلا لي «العزيز ميلاد لا يجب أن تنقص مكتبتك كتابا لي فيه سيرتي الذاتية ونصيبي من الحياة.. اتمنى لك الستر».

برحيل الأستاذ مفيد فوزي، فقدت الصحافة المصرية أحد المدارس الصحفية المهمة، فكان كاتبا ومحاورا محترفا وصحفي قدير، ترأس تحرير مجلة صباح الخير، وترك أثر كبير ببرنامجه المدينة'> حديث المدينة، فضلًا عن السلسلة الذهبية من الحوارات الصحفية والتلفزيونية مع رموز الفكر والفن والسياسة، خالص العزاء للزميلة الكاتبة الصحفية حنان فوزي ولأسرته وذويه ومحبيه ولأسرة الصحافة المصرية.
نقلا عن المصرى اليوم