محرر الأقباط متحدون
عملهم كرسالة خدمة للأشخاص والكرامة البشرية والخير العام، هذا ما تحدث عنه البابا فرنسيس اليوم في كلمته إلى رجال الإطفاء الإيطاليين الذين استقبلهم مع عائلاتهم. وتوقف قداسته عند مثل السامري الصالح كما وأشار إلى الاحتفال بعيد الميلاد وما يحمله من معانٍ وقيم.

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت عددا كبيرا من رجال الإطفاء الإيطاليين وعائلاتهم. وعقب ترحيبه بالجميع قال الأب الأقدس إن هذا اللقاء يوفر له الفرصة للتعبير عن تثمينه لما يمثله رجال الإطفاء وما يقومون به في خدمة الجماعة، سواء على الصعيد اليومي أو في حالات الطوارئ الكبيرة. وذكر قداسته أنه لمس بشكل مباشر خلال بعض زياراته الخير الذي قام به رجال الإطفاء في مناطق مختلفة تعرضت لحالات طوارئ، وذلك سواء للأشخاص أو للإرث البيئي والتاريخي والفني لتلك المناطق.

وواصل البابا فرنسيس كلمته قائلا لرجال الإطفاء إن خدمتهم، بالتنسيق مع قوى أخرى، تهدف إلى ضمان الظروف من أجل سلامة وسكينة الحياة المدنية، والتدخل في حال الاحتياج إلى حماية الأشخاص من الكوارث أو المخاطر. تحدث قداسته بالتالي عن حس التفاني والاستعدادية، الغيرية والجرأة والاستعداد للتضحية، وأشار إلى أن رجال الإطفاء يُعرِّضون سلامتهم للخطر في بعض الحالات. وتابع أن رسالتهم هي اختيار شخصي وواعٍ انطلاقا من واجب حماية الأشخاص والجماعة عند الحاجة.

ثم توقف الأب الأقدس عند هذا الاختيار لرجال الإطفاء من وجهة النظر المسيحية، فعاد إلى مثل السامري الصالح الذي رأى على الطريق رجلا جريحا فاعتني به بشفقة وسخاء كبيرَين. وتابع البابا أن هذا المثل قادر على إلقاء الضوء على الخيار الأساسي الذي نحتاج إلى القيام به من أجل إعادة بناء هذا العالم الذي يؤلمنا. إزاء الكثير من الألم، إزاء الكثير من الجراح، المخرج الوحيد هو أن نكون مثل السامري الصالح. فهذا الرجل، قال قداسة البابا، يُظهر المحبة والاستعداد بتقديمه المساعدة للرجل الجريح في لحظة الاحتياج الأقصى، وذلك في وقت أدار فيه آخرون وجوههم بسبب اللامبالاة أو قسوة القلوب. السامري الصالح يعلِّمنا أيضا الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد حالة الطوارئ وتوفير الظروف من أجل العودة إلى الوضع الطبيعي، فبعد أن أسعف الجريح حمله إلى فندق وطلب من صاحب الفندق أن يعتني بأمره.

تابع البابا فرنسيس حديثه عن هذا المثل فقال إن السامري الصالح يُظهر لنا شفقة الله وحنانه، يخبرنا بأن الأخوّة هي الإجابة من أجل بناء مجتمع أفضل، فالغريب الذي ألقاه جريحا على الطريق هو أخي. وأنتم، رجال الإطفاء، واصل الأب الأقدس، تمثلون أحد أشكال التعبير الأكثر جمالا عن تاريخ التضامن الطويل للشعب الإيطالي، تاريخ تمتد جذوره في الغيرية الإنجيلية، ودعا البابا رجال الإطفاء إلى الحفاظ على هذا الإرث الأخلاقي والمدني بإنمائه في المقام الأول في أسلوب حياتهم الشخصية. وأضاف أن مهنتهم هي من بين تلك المهن التي لها طابع الرسالة، رسالة خدمة للأشخاص في لحظات الاحتياج ما بين حالات طوارئ صغيرة أو كبيرة، رسالة خدمة لكرامة الأشخاص الذين يجب ألا يُتركوا أبدا بمفردهم خلال الصعاب، رسالة خدمة للخير العام للمجتمع الذي يحتاج، وخاصة في لحظات الأزمات مثل هذه اللحظة التي نعيشها، إلى قوى سوية جديرة بالثقة تعمل بمثابرة في الخفاء.

هذا وتحدث البابا فرنسيس إلى ضيوفه عن اقتراب الاحتفال بالميلاد، وقال إن هذا هو العيد الذي يتضمن في داخله أكثر من أي عيد آخر تلك القيم التي تحدَّث عنها: القرب، الشفقة، الحنان، التضامن، الخدمة والأخوّة. لقد ظهر كل هذا لا في شريعة مكتوبة، واصل البابا، بل لقد كُتب في جسد ابن الله، يسوع. هذا هو الجديد المسيحي الذي لا يكف عن إثارة الدهشة، فقد جاء الله ليخلصنا جاعلا نفسه مثلنا، لقد فعل ما تفعلون أنتم، قال الأب الأقدس لضيوفه، جاء لإسعافنا في لحظة الخطر، ليخلصنا، وقد قام بهذا بأكثر الأشكال جذرية، فقد كان يعلم أن عليه بذل حياته كي يخلصنا، إنه السامري الصالح للبشرية. وواصل قداسة البابا معربا عن الرجاء أن يكون عيد الميلاد فرصة للجميع كي يكتشفوا ويختبروا كم يحب الله الإنسان، كل كائن بشري.

ثم ختم البابا فرنسيس حديثه إلى رجال الإطفاء الإيطاليين، الذين استقبلهم ظهر اليوم السبت مع عائلاتهم، مكررا شكره لهم على عملهم الثمين راجيا أن تكون مريم العذراء التي توجهت مسرعة إلى اليصابات كي تساعدها النموذج بالنسبة لهم. ثم أوكل قداسته ضيوفه إلى شفيعتهم القديسة بربارة وباركهم سائلا إياهم الصلاة من أجله.