محرر الأقباط متحدون
تحويل الواقع الصعب من أمر سلبي إلى إيجابي مع النظر إلى خبرة يسوع، كان هذا ما تحدث عنه البابا فرنسيس إلى أعضاء وفد الاتحاد الوطني الإيطالي لمشوَّهي الخدمة الذين استقبلهم ظهر اليوم.
 
استقبل البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت ٢١ كانون الثاني يناير وفد الاتحاد الوطني الإيطالي لمشوَّهي الخدمة، أي مَن تعرضوا لبتر أو تشويه خلال ممارستهم لعملهم أو مهامهم في جهات عامة. وعقب ترحيبه بالجميع، وتوجيهه الشكر إلى رئيس الاتحاد على كلمته وعلى تأكيده صلاة الجميع من أجل قداسته، قال البابا فرنسيس لضيوفه إنه يريد أن يتقاسم معهم فكرتين بسيطتين وذلك انطلاقا من طبيعة الاتحاد. وتابع أن الفكرة الأولى التي راودته هي أن هذا الاتحاد، ومثل هيئات أخرى شبيهة وهي كثيرة في إيطاليا والحمد لله، قال قداسته، يعمل كي يمنح معنى اجتماعيا لما هي على الصعيد الفردي خبرة سلبية وتحديد تَعرَّض له الشخص في ظروف مختلفة بين فرد وآخر. ووصف الأب الأقدس هذا بعامل ذي قيمة أخلاقية وروحية كبيرة، فكل شخص هو مدعو إلى أن يتجاوز الميل نحو الانغلاق على الذات، في ظروفه الخاصة، مدعو إلى الانفتاح على اللقاء والتقاسم والتضامن. وبإمكان هذا أن يُحدث تغيرا كبيرا، قال قداسة البابا، وتابع أن المحدودية وعبء تحملها لا يزولان إلا أنهما يكتسبان معنى مختلفا، إيجابيا. وتحدث عن تحويل هذا الواقع من سلبي إلى إيجابي، وقال البابا إن هذا أمر ممكن من خلال القيام به معا وذلك لأن هذا يعني الدعم المتبادل.
 
وواصل قداسة البابا أن هذا التحول من السلبي إلى الإيجابي هو أحد الجوانب الأساسية في سر يسوع المسيح، وقال إنه سيشير إلى هذا الجانب الآن بشكل مختصر وأعرب عن رجائه في أن تتوفر لضيوفه إمكانية التأمل فيه بشكل أعمق خلال لقاءاتهم. وواصل الأب الأقدس أن يسوع، وبقوة محبة الله، قد حوَّل الشر إلى خير، لا بشكل مجرد، نظريا، بل لقد فعل هذا بشكل ملموس في ذاته، في خبرته الشخصية، في جسده. فقد حوَّل يسوع ما تعرَّض له من شر، والذي بلغ ذروته في آلامه وموته على الصليب، إلى افتداء خلاصي من أجلنا، وقد فعل هذا بفضل محبة أبيه الغني برحمة غير متناهية. وواصل البابا أن هذا السر قد جسده يسوع في الإفخارستيا وذلك حين شكر الله مدركا لما ينتظره، أي الصليب، وترك لتلاميذه سر فدائه. وهكذا حوَّل يسوع الشر إلى خير، الكراهية إلى محبة، العنف إلى مداواة. وكرر الأب الأقدس هنا دعوته ضيوفه إلى التأمل في هذا الجانب بشكل أكثر عمقا.
 
ثم انتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عن الفكرة الثانية التي يريد تقاسمها مع ضيوفه انطلاقا من طبيعة عمل الاتحاد الوطني، فقال إنها ترتبط بالفكرة الأولى وقد راودته بفضل اهتمام الاتحاد بقضية السلام والتزامه من أجله. وواصل قداسته أنه يعلم أن ما حدث من تشوه لبعض ضيوفه قد وقع خلال مشاركتهم في مهام سلام أو خلال تأديتهم لخدمة النظام العام والشرعية. وأضاف البابا أن هذا يثري الإرث الأخلاقي للاتحاد، وأشار إلى أن الالتزام من أجل بناء السلام أمر يعني الجميع بغض النظر عن قصة كل واحد منكم، قال البابا لضيوفه.
 
وهنا أيضا عاد البابا فرنسيس مجددا إلى يسوع مذكرا بكلماته: "طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام فإِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون" (متى ٥، ٩). وواصل الأب الأقدس متسائلا: ماذا يمكننا أن نفعل، إلى جانب الصلاة، أمام حرب تبدو كوحش لا يُهزم؟ وتابع مجيبا أن بإمكاننا أن نعمل في الحياة اليومية على مواجهة النزاعات بتفادي أي من أشكال العنف أو القهر. وأضاف البابا فرنسيس أن هذا ليس بالأمر السهل، فقد تكفي في بعض الأحيان كلمة للتسبب في جرح أو قتل أخ أو أخت، ودعا في هذا السياق إلى التفكير في تشويه السمعة والثرثرة على سبيل المثل. ووجه قداسة البابا بعد ذلك دعوة إلى ضيوفه، حيث أكد أن بإمكان الاتحاد، بل وعليه، ان يكون قوة سلام في المجتمع، وذلك بأن يساعد على حل النزاعات بشكل سلمي متطلعا إلى الخير العام ولافتا الأنظار إلى من لديهم حماية أقل.
 
وفي ختام كلمته إلى وفد الاتحاد الوطني الإيطالي لمشوَّهي الخدمة، الذي استقبله ظهر اليوم السبت، أراد قداسة البابا فرنسيس توجيه الشكر إلى ضيوفه على زيارتهم هذه، ثم شجعهم على السير قدما متضرعا إلى الرب كي يهبهم القوة لمساعدة أشخاص كثيرين على أن يحوِّلوا أوضاعهم الصعبة من سلبية إلى إيجابية. بارك الأب الأقدس في نهاية اللقاء الجميع وعائلاتهم وسألهم أن يُصلّوا من أجله.