أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تذكار نياحة قداسه البابا يوأنس السادس الـ٧٤.وكان علمانيا باسم أبو المجد بن أبو غالب بن سويرس، وكان من أسرة غنية ويعمل بالتجارة. وكانت له وكالة بمدينة مصر وكذلك امتلك مصنعا للسكر وطواحن وأملاك. أما عن تقواه فيقول عنه ساويرس بن المقفع في كتابة تاريخ البطاركة "كان بتولا عالِما.. كاملا في جسده وقامته، بشوش الوجه حسن الخلق عليه الكلام، ما كان يفعل عن صلوات السواعي الليلية والنهارية محبا ومجتهدا في ضيافة الغرباء وافتقاد المرضى والمحبوسين" ولشدة محبة المسلمين له توسط في رسامته قاضيان منهم. 
وقيل انه كان متزوجا ولما ماتت زوجته لم يشأ أن يتخذ له زوجة غيرها وآثر العزلة، ومع أن القانون يحكم أن الذي ينتخب بطريركا يكون أعزبًا منذ بداية حياته، إلا أن علم هذا الرجل وتقواه أكسباه الأفضلية على جميع المرشحين، وجلس على الكرسي البطريركي في 4 امشير 905 / 189 م. في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي لم يعارض في انتخابه.
وبعد ولايته وصله خبر وفاة مطران الحبشة فعين بدله كيلوس أسقف فوة، التي كان شعبها قد قتل بسبب الحروب الصليبية (حروب الفرنجة) ورقّاة إلى درجة المطرانية، وسافر إلى الحبشة حيث قوبل بفرح عظيم ترأسه الملك نفسه، ولكنه عاش في بلاد الحبشة عيشة الترف فكان له عشرة قسوس بصفة تلاميذ.
وحدث مرة انه فُقِدَ من كنيسة اكسيوم (اسم الحبشة القديم) عاصمة المملكة آنية من الذهب عظيمة القيمة، فحصر المطران الشبهة في أمين خزائن الكنيسة – وهو أخ تلاميذه وأمر بضربه حتى مات! فثار عليه أهله وأرادوا أن يفتكوا به ولكنه لاذ بالفرار وأتى إلى مصر! فسأله البطريرك عن المسألة وعن سبب مجيئه، فأجابه أن أخ الملك اغتصب الرئاسة منه لعدم موافقته له في بعض أمور تختص بالدين، فلم يقبل البطريرك منه هذا السبب، وأرسل البطريرك مندوبًا من قبله إلى الحبشة ليستجلي الأمر والتحقيق فيه، بينما حجز هذا الأسقف لديه، وبعد سنة عاد المندوب وعرض على البطريرك نتيجة التحقيق، وأرسل ملك الحبشة مع هذا المندوب بعض كبار المملكة ونسيبه الخاص ليشهدوا أمامه ضد المطران، كما أرسل ملك الحبشة هدية ثمينة لملك مصر، وطلب مطرانا غيره.
إلا أن هذه المسألة نتج عنها مشكلة تقليدية وهى كيف يرسم مطرانًا على كرسي صاحبه موجود، فجمع مجمعًا كبيرًا من رؤساء الكهنة وكبار الأراخنة، وأحضرا المطران وبعد تلاوة القضية في حضوره حكم عليه المجمع بتجريده من رتبته وكل درجاته الكهنوتية قبل الشروع في رسامة آخر، وقد تقاطر الناس مسلمين وأقباط لمشاهدة هذا المنظر غير المسبوق. وجرد هذا المطران من ملابسه الرسمية وعاد علمانيا ممقوتا من الجميع، ورسم مكانه أحد رهبان دير الأنبا انطونيوس.
وحدت أن ترمَّل في ايامه قس من البشمور فتزوج مرة ثانية فطرده الشعب، ففرَّ إلى الإسكندرية وجعل يخدم هناك، فلما وصل خبره إلى البطريرك وبخ الإكليروس الذين أووه، وسنَّ قانونًا يقضى بأنه لا يجوز لأية كنيسة أن تقبل كاهنا غير معروف بدون أن يكون معه تصريح رسمي من رئيسه.
وشهد أحد المورخين المسلمين عن البابا يوحنا بأنه عاش حياته زاهدًا في المال فألغى السيمونية، وكان ثريًا، فلم يشأ أن يُثقل على الشعب في شيء، بل عاش كل أيام رئاسته يصرف على نفسه ومن معه، ويتصدق على الفقراء من ماله الخاص، وأبى إجابة مطالب الإسكندريين الباهظة حفظًا لمال الوقف، ولهذا توفرت أموال البطريركية، وكانت سببًا في طمع داود بن لقلق والسعي للاستيلاء عليها.
مما هو جدير بالذكر أنه منذ أيام هذا البطريرك بطل إرسال أساقفة إلى الخمس مدن الغربية وذلك نتيجة ارتداد أهلها عن المسيحية واعتناقهم الإسلام، وذلك بعد أن ذاقوا اضطهادًا مريرًا على يد الملوك البيزنطيين الملكانيين ثم حكام المسلمين.
وأخيرًا تنيّح هذا الأب الطاهر سنة 1216 م.، بعد أن قضى على الكرسي البطريركي نحو سبع وعشرين سنة وحزن عليه الجميع أقباطًا ومسلمون.
بركه صلاته تكون معنا كلنا امين...
و لالهتا المجد دائما ابديا امين...
وأيضًا غدًا تحتفل الكنيسة بتذكار نياحة قداسة البابا بنيامين الثانى الـ٨٢ (١١ طوبة) ١٩ يناير ٢٠٢٣
في مثل هذا اليوم تذكار نياحة قداسه البابا بنيامين الثانى ال82.وُلد ببلدة دميقراط بالصعيد الأقصى، أحب حياة الهدوء والسكون فاعتزل في الصحراء بالقرب من بلدته، وإذ كان الكثيرون من أقاربه ومعارفه يزورونه، انطلق إلى دير البغل بجبل طره ليحقق اشتياقه في حياة الوحدة بعيدًا عن معارفه.
ولم يكن ممكنًا أن تختفي فضائله، إذ أحبه الكثيرون وجاءوا يطلبون مشورته ويسألونه الصلاة عنهم، وحين رآه الأنبا برسوم العريان تنبأ عنه أنه يجلس على كرسي مارمرقس. وبالفعل إذ تنيح البابا يوحنا التاسع الـ81 أُختير خلفًا له في سنة 1327 م.
وفي أيامه هبت عاصفة من الضيق الشديد خاصة على الكنائس والأديرة وذاق الرهبان والراهبات العذابات، وأيضًا تمررت حياة الأساقفة، هذه التي أثارها الوالي شرف الدين بن التاج، لكنه لم يبقَ في الولاية سوى سنة واحدة إذ وافته المنية بعدها، وجاء والٍ حليم منصف مملوء حبًا للمسلمين والمسيحيين، فقام الأنبا بنيامين ببناء ما تهدم من كنائس وأديرة خاصة دير الأنبا بيشوي الذي كان قد خرب تمامًا.
وفي السنة الثالثة لباباويته اجتمع معه 20 أسقفًا في دير القديس مقاريوس لطبخ الميرون، من بعدها واجهت الكنيسة موجة جديدة من الضيق بواسطة السلطان قلاوون. وقد تدخل إمبراطور أثيوبيا بتكوين جو سلام بينه وبين السلطان أعطى للكل هدوءًا واستقرارًا.
بركه صلاته تكون معنا كلنا امين...
و لالهنا المجد دائما ابديا امين...