زهير دعيم
 وكأنّنا في فصل الصّيف .
بل نحن فيه فعلًا وبدون كأنّنا  ، فالجوّ حارّ وجافّ ، والغيم في عالم الغيب ، علمًا أنّنا في كانون الثّاني ؛ هذا الكانون الذي كان من المفروض أن يكون باردًا ، قارسًا ، ماطرًا ، عاصفًا ، يُجبرنا على ايقاد أتون النار والموقد والمدفأة ولبس المعاطف والكنزات والشّالات  واستعمال كلمات : أح ... أحُّو ..

 ولكن لا شيء من ذلك ، فهناك من ظلّ يلبس الشورت والقميص ذا  الكمّ القصير ، وبدأت التنزيلات في حوانيت الملابس وفصل الشتاء في أوجّه !!!.

     رحم الله امّي التي كانت تقول في حالات أكثر مطرًا من أيامنا هذه :
  " شو شايف الله تحتو "
    نعم شو شايف غير العنف المستشري والقتل المُعربد ، والمتعصّبين في كلّ انحاء المعمورة وفي بلادنا ايضًا  يرفعون الرؤوس ويُهدّدون السلم والطفولة والسلام وهدأة البال ، ناهيك عن الرجل يتزوّج من الرجل ويظهر معه متباهيًا على شاشات التلفزة،  والمرأة تُعاقر المرأة .

    لا أدين أحدًا  - وإن كنت لا أحبّها وأصلّي لأهلها كي يبتعدوا عنها – بل ادين العنف نفسه وأُشفق على من يُحبّ الظُّلمةَ ويعيشها ويهرب من النور ..
 حقًّا أنا  لا أدين أحدًا ولا أُكفّر أحدًا وانمّا أُشفق وأصلّي وأتمنّى وأرجو .

     أتُرانا في أواخر الأيام فعلًا وفي سدوم وعمورة ؟!!

  لا أريد أن ازرع التشاؤم في النفوس ولكنّ الظروف والواقع يقولان هذا .

   هربّ مرّة النبي إيليا ( الذي عاش في القرن التاسع قبل الميلاد )  من وجه آخاب ملك مملكة  إسرائيل وايزابيل زوجته  الفينيقية  الى صحراء بئر السبع وركع على الرمال مصلّيًا  وقائلًا للربّ : " بقيت أنا وحدي أعبدك "

  فقال له الربّ : " قد أبقيت في إسرائيل سبعة آلاف ، كلّ الرُّكب التي لم تجثُ للبعل "

  حقًّا لست بطبعي متشائمًا ولكن الظروف تجبرنا ، فالأخ في هذه الأيام  يقاطع أخاه والأب يحارب ابنه ، والأم تقاطع ابنتها ، والقطيعة في كلّ مكان،  وأمّا عن العنف فحدّث عنه  ولا حرج،  فننام على قتيل ونصحو على آخَر ، ناهيك عن الظُّلم والجوع والفقر والالحاد الذي راح يرفع رأسه متباهيًا .

    كلّي أملّ ورجاء أن استيقظ غدًا أبو بعد غد او بعد خمسة أيام لأجد الغيمات الحبلى بالمطر والخيرات تُوقّعُ فوق روابينا وتلالنا سيمفونيات الخير أيامًا كثيرة ،  وتنشد قصائد المحبّة والعطاء ، وترسم لوحات البركات ، وتغرّد أناشيد الانسانيّة،  فتنتشي النفوس ويعود الامل يُغرّد فوق روابينا ..

 انه أمل ليس الّا  فالواقع يقول غير هذا.
 كم أحبّ  وأرغب أن أكون مخطئًا !!!