إيجا وأجمل دروس حياتها وحياتنا

مشاعر الانسان الحقيقى لا تغيرها خسارة أو انتصار .. وأخلاق الانسان النبيل لا تتبدل مهزوما أو فائزا .. حزينا ومجروحا أو سعيدا وقويا .. ولهذا تستحق بطلة التنس البولندية إيجا شفيونتيك التوقف أمامها الآن رغم عدم فوزها ببطولة استراليا المفتوحة التى انتهت منذ يومين .. فقد خسرت إيجا المصنفة الأولى على العالم حاليا فى دور الـ 16 أمام الكازاخستانية إيلينا ريباكينا .. ورغم هذه الخسارة المفاجئة والقاسية التى كانت حديث إعلام العالم فى الأيام الماضية .. لم تفقد إيجا هدوءها واتزانها واحترامها سواء لإيلينا التى أخرجتها من البطولة أو البيلاروسية أرينا سبالينكا التى فازت بها .. بل كان هدوء إيجا ورد فعلها أكبر من مفاجآة خسارتها فى الملعب .. تماما مثلما فجآت إيجا العالم أيضا حين فازت لأول مرة فى 2020 ببطولة رولان جاروس التى كانت أول بطولة جائزة كبرى لها ولبلادها أيضا .. فحين فازت إيجا برولان جاروس وهى المصنفة 54 على العالم وفى التاسعة عشر من عمرها .. قالت أنها لم تكن الأفضل فى البطولة ولم تفز رغم تعبها واجتهادها إلا بكثير من الحظ ونتيجة أخطاء مفاجئة لمن هن أحق منها بالبطولة .. وحين خسرت إيجا فى استراليا المفتوحة منذ أيام وهى مصنفة أولى على العالم .. نفس الهدوء والاتزان ولم تخترع أسبابا أو مبررات لخسارتها .. وكانت إيجا قد كتبت مقالا طويلا فى يناير الماضى قبل بطولة استراليا المفتوحة عن رؤيتها للحياة وأكدت فيها أن الإنسان قد يكون أكبر أعداء نفسه حين يخاف من الخسارة والفشل والخطأ .. فليس هناك انسان لا ينهزم ولا يعيش لحظات ضعف وحزن .. وقالت إيجا أنها فى البداية كانت تصر على القيام بكل شىء على أكمل وجه دون أى أخطاء سواء وهى فى ملعب التنس أو حتى حين تقوم بتنظيف بيتها فى وارسو .. لكنها تعلمت يوما بعد يوم أن هذا الإصرار غير واقعى وغير صحيح أيضا .. وأنها بالتأكيد مثل أى أحد آخر ستنجح وتفشل وتنتصر وتخسر وتصيب وتخطىء .. وليس مطلوبا منها إلا أن تبذل غاية ما تستطيعه من جهد على أمل تحقيق أحلامها .. واعترفت إيجا قبل كتابة هذا المقال بأن التى ساعدتها على ذلك كانت طبيبتها النفسية داريا أبراموفيتش التى علمتها كيف تقاوم أى ضغوط وتحافظ على توازنها النفسى .. وكيف تتعامل مع الفوز ومع الهزيمة أيضا .. فلا يصيبها غرور وثقة مفرطة حين تفوز ولا يدركها يأس واحباط وانكسار حين تخسر .. ولهذا كان هدوء وبساطة إيجا فى التعامل مع خسارتها المفاجئة أمرا مربك ومحيرا لكثير من الصحفيين فى ملبورن وهم يشاهدون المصنفة الأولى على عالم التنس تتعامل مع الأمر بمثل هذه البساطة .. فلم يقرأ هؤلاء فى الأغلب ما كتبته إيجا فى مقالها الطويل أو حواراتها الكثيرة وإلا كانوا قد عرفوا وتفهموا سر إيجا شفيونتيك الذى تعلنه دائما للجميع .. فهى أول من يعرف أنها لن تبقى مصنفة أولى ولن تفوز بكل البطولات طول الوقت.