إعداد/ ماجد كامل 
يمثل الأستاذ الدكتور جرجس متي ( 1905- 1967 ) أهمية كبيرة في تاريخ علم الآثار المصرية واللغة المصرية القديمة الخط الديموطيقي تحديدا   ؛ فهو يعتبر أول أستاذ مصري  يتخصص في  هذا الخط   " كان قد  سبقه العالم الانجليزي فرنسيس جريفث Francis Griffith ( 1862- 1934 )  في تولي كرسي الأستاذية في الجامعة المصرية "  . والحقيقة أنه قد واجهتني صعوبة كبيرة في الكتابة عنه نظرا لعدم توفر معلومات كافية عنه ؛  منها ما جاء في قاموس التراجم القبطية ؛ كما أشار  إليه الدكتور عبد الحليم نور الدين (1943- 2016    ) في كتابه الهام عن " الخط الديموطيقي " ؛ مع بعض المراجع الأخري سوف نشير إليها خلال المقالة . ولقد جاء عنه في قاموس  التراجم القبطية " رئيس قسم الآثار بكلية الآداب جامعة القاهرة  سابقا ؛ التحق بمعهد الآثار وتتلمذ علي أيدي جماعة من كبار العلماء المصريين والأجانب .نال دبلوم المعهد الكاثولويكي من باريس في 1931 . التحق بجامعة أكسفورد ونال البكالوريوس  في 1933 ؛ ثم الدكتوراة في 1936 وكان موضوع رسالته " الأوستراكا الديموطيقية في مجموعة  أكسفورد وباريس وفيينا والقاهرة . عين مدرسا في معهد  الآثار المصرية بكلية  الآداب ؛ وقد تدرج من هذه الوظيفة حتي أصبح أستاذا ورئيسا للمعهد  . وعندما ألغي المعهد وأنشيء قسم الآثار بنفس الكلية  اختير رئيسا للقسم بفرعيه المصري والإسلامي إلي  أن ترك الخدمة في عام 1965  .نشر قرابة ستين بحثا  باللغة الإنجليزية ؛ حول اللغة المصرية  وخاصة فرعها الديموطيقي ( قاموس التراجم القبطية :- جمعية مارمينا العجايبي بالاسكندرية ؛ صفحتي 64 و65 ) . 
 
ولقد جاءت سيرته في موسوعة Coptic Encyclopedia ؛ حيث كتب عنه منير  بسطا Munir Basta  تحت أسم Girgis Mattha ؛ حيث ذكر عنه انه كان واحدا من أوائل الخريجين من المعهد المصري للآثار المصرية  Institute of Egyptology in Fouad 1 Univeristy in Cairo . ثم سافر في بعثة لدراسة الآثار المصرية في المعهد الكاثوليكي Institute Catholoque in Paris ؛ ثم درس في انجلترا في  Queens College بجامعة اكسفورد تحت إشراف عالم المصريات والقبطيات قرنسيس جريفيث Francis L . Griffith  ؛ ثم عاد الي مصر عام 1937 ؛ حيث عمل محاضرا ثم أستاذا مساعدا في قسم فقه اللغة Philology   .ولقد عين نائب مدير للمعهد خلال الفترة من ( 1949- 1950 ) ثم صار عميدا للمعهد  خلال الفترة من ( 1950- 1965 ) . ولقد كانت كتابات الدكتور جرجس  متي في  علوم المصريات  متميزة سواء كانت كما أو كيفا  ؛ وتوجد له  كتابات قيمة في دوريات ( Institute Francais d Archeologe Orienatle- The Builletin of the Faculty of Letters  - Bulletin de Institute d Egypt  ) ومعظم هذه الدراسات في المواضيع القانونية والاقتصادية من الوثائق الديموطيقية  الأصلية Legal and economic subjects  from original demotics sources  . ( Muinr Basta ;- Girgis Mattha . Coptic Encyclopedia) 
ولقد ذكرت موسوعة Who Was Who  أنه ولد  في  5 مايو 1905 ؛ وتوفي  في 19 فبراير 1967 .
وفي مقالة هامة للدكتور بولس عياد عياد (  1928- 2009    ) بعنوان " الراحل جرجس متي رئيس قسم علوم المصريات بجامعة القاهرة The Late professor Girgis Mattha Chairman of the Department of Archeology University of Cairo  نشرت في مجلة  " Coptic Church Review volume 27 , Number 1 , spring 2006 “ 
 
حيث يذكر عنه التحق بكلية الطب  لمدة  سنتين ؛ ولكنه لم يشعر بميل لهذا النوع من الدراسة ؛  فحول دراسته الي قسم الآثار المصرية  لمدة أربع سنوات ؛وكان من بين زملاء الدراسة ( جورجي صبحي – سليم حسن – سامي جبرة من المصريين) ؛ وتتلمذ علي يد مجموعة من العلماء الأجانب مثل ( Newberry –Golenischeff – Junker  ) . وبعد  التخرج قامت جامعة فؤاد الأول بإرساله في بعثة إلي فرنسا للدراسة  في المعهد الكاثوليكي ؛  وكان ذلك خلال عام 1931 ؛ ثم  درس في جامعة أكسفورد  خلال الفترة من ( 1931- 1936 ) ولقد قام بزيارة العديد من المكتبات العالمية خلال فترة دراسته ؛وكان موضوع الرسالة حول الاوستراكا الديموطيقية  The Demotic Ostraca from the collections at Oxford ,Paris , Berlin , Vienna  and Cairo 
 
 ويذكر الدكتور بولس عياد أنه بعد عودته الي مصر ؛ عمل مدرسا في جامعة فؤاد الأول ؛ ولقد ساعد كثير من الباحثين في قراءة وترجمة النصوص الديموطيقية مما أثار اعجاب واحترام كل الباحثين ؛ وفي خلال عام 1956 ؛ تم اغلاق المعهد ليبدأ العمل في قسم الآثار المصرية  ؛ فعمل الدكتور متي رئيسا لقسم الآثار المصرية . 
ويذكر عنه الدكتور بولس عياد من خلال تلمذته علي يد العالم الكبير في كلية الآثار ؛ حيث كان يتميز بالقدرة العالية علي الشرح والتوضيح ؛ وكانت محاضراته شيقة جدا ؛ وكانت لديه القدرة أن يجيب علي أي سؤال يوجه  إليه ؛ ويذكر بولس عياد أنه حضر له ذات محاضرة ؛ أنه كان يترجم نصوص  هيراطيقية  بدون الاستعانة بقواميس؛ وكان يهتم أن يحلل كل كلمة جاءت في النص ؛ مع مقارنة مثيلاتها في اللغتين اليونانية والقبطية ؛ ولقد كتب الدكتور متي ما يقرب من حوالي 60  كتابا ؛  لقد غطت كتاباته  كل الكتابات المصرية  بخطوطها المختلفة ( هيروغليفية – هيراطيقية – ديموطيقية – قبطية ) .
ويذكر الدكتور بولس  عياد أخيرا ان بروفيسر جريفث  ؛ قد سجل في  أحدي كتبه ؛  حيث  أشاد كثيرا بجهود تلميذه  القبطي المجتهد جرجس متي   . 
( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع :- المقالة المذكورة ) .(لا يفوتني أن أقدم خالص الشكر للدكتتور سعد ميخائيل صاحب برنامج الحضارة القبطية  علي قناة لوغوس لتفضله بإرسال المقالة  لي  علي الماسنجر ؛ فله  مني جزيل الشكر ) .
وحول جهود جرجس متي في دراسة وتدريس  الخط الديموطيقي ؛يذكر الدكتور محمد رأفت  أنه  كان أول المقتحمين لهذا المجال "  الذي درس الديموطيقي في جامعة أكسفورد علي يد العالم الشهير جريفيث  F . L .Griffith ؛وكان أول مصري يقوم بنشر مجموعة كبيرة من النصوص الديموطيقية المسجلة علي الأوستراكا ( الشقاقات ) .(محمد رأفت :- الجهود التي بذلها العلماء لفك رموز الخط الديموطيقي  ؛موقع تاج  مصر Crown of Egypt ؛ نقلا عن كتاب الكتابة الديمويقية للأستاذ الدكتور عبد الحليم نور الدين ) .
 
و توجد محاضرة للعالم الكبير  بعنوان " تقرير تمهيدي عن قانون هرموبوليس . الشرائع القديمة والكشف عن بعض نصوصها "  جاءت في دورية Bulletin de L Egypt /Annee 1940  حيث يذكر سيادته في المحاضرة أن بعثة الآثار بجامعة فؤاد الأول عثرت  علي ملف من ورق البردي   داخل قادوس من الفخار  ... وعهدت الجامعة الي الدكتور جرجس متي بدراسة هذا الملف ؛ وتبين من الدراسة  أنه يحوي مجموعات خاصة بالتزامات المالك والمؤجر وشئون الهبة والميراث والانتفاع والتسجيل ؛ ولقد كشف هذا الملف  عن نصوص تشريعية هامة  تتعلق بتطور القوانين  في مصر القديمة . 
 
والجدير بالذكر  أن العالم الكبير الدكتور جرجس متي  ؛ كان قد رشح تلميذه النجيب "وهيب عطا الله جرجس بقطر " ( المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس  فيما بعد )  للدراسة  في جامعة مانشتسر عند  عالم القبطيات الكبير فالتر تل    Walter Till   (     1894- 1963 )  حيث جاء في خطاب التزكية " يسرني أن أرشح الأستاذ وهيب عطا الله جرجس الذي كان طالبا ممتازا  بمعهد الآثار المصرية بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول ؛ أرشحه لدراسة خاصة بالدراسات القبطية القديمة لبعثة صيفية إلي جامعة مانشتستر لدي العلامة الكبير الأستاذ ولتر تيل حيث لاتتوفر هنا المراجع الخاصة بهذه الدراسة  
 
30/3 / 1952 دكتور جرجس متي 
( السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس :- الجزء الأول  ؛ الأنبا غريغوريوس قبل رسامته أسقفا ؛ صفحة  67 ) .
وفي خطاب مرسل من الطالب وهيب عطا الله إلي الدكتور جرجس متي بتاريخ  1 فبراير 1954 ؛ جاء فيه " أستاذي الجليل الدكتور جرجس متي  أحييكم تحية حب باخلاص واجلال ؛   متمنيا  سلامة الله  أن يحفظكم متمتعين  بالسلامة  والصحة والرفاهية .  قد علمت هذا الأسبوع من أستاذنا الدكتور تل بسؤالكم له عني ؛ فقفز قلبي سرورا بذا الاهتمام ؛ وكذا رأيت أن  أكتب لكم لأشكركم  علي هذه التحية  ولأبثكم مشاعر الإمتنان ؛ وبهذه المناسبة أتمني  أن يكون خطاباي الأولان قد وصلاكم . إذ أخشي أن يكون كلاهما أو أحدهما  قد فقد بالبريد ؛ فقد عرفت أخيرا أنكم قد نقلتم إلي مسكن آخر . أذكر هذا فقط علي سبيل العلم ؛ وحتي لا أ بدو أمام أستاذنا مقصرا في واجب مقدس ؛ أحرص علي أدائه في احترام ومحبة واعزاز ..... أما عني فأني  أبذل جهدي في مواصلة الدرس بقدر ما يسمح به الوقت ؛ علي قدر ما أملك من إمكانيات ؛ واعترف بأنني راغب أن أستزيد كثيرا من القراءة والدرس ؛فموضوع الرسالة ؛ إلي جانب  أنه ممتع ومفيد ؛ فإنني أحس بأنني كلما قرأت رأيت إمتاعا وفائدة  ؛ كما أجد ما يجلو أمامي من صعوبات . علي أنني أعترف   لكم بامتناني الجزيل علي تفضلكم بالسؤال عني  والكتابة إلي  ؛ إن هذا بالحق فضل ومحبة وإهتمام ؛ بلغ من قلبي مبلغا عميقا  وأوقفني ذاهلا من هذا الخلق المسيحي الكريم . 
 
أما أنبائي بإيجاز فهي أنني منذ اليوم الذي سجلت فيه موضوع الرسالة ؛ وأنا  أواصل العمل قراءة وتحرير حتي هذه اللحظة ؛ ولقد فرغت من دراسة عدد لا بأس به من الكتب والمجلات العلمية .ولكن الموضوع يقتضيني  لإستتمامه دراسة كل النصوص التي نشرت باللغة القبطية  حتي الآن  ؛وهو يشمل تراث أربعة عشر قرنا علي الأقل ؛ زائدا علي ما اشتملت عليه المجلات العلمية من مقالات ؛ مما يقتضي جهدا ووقتا  . وإنني أؤكد لكم أنني بفضل نعمة الله لولا رغبتي ونهمي في إغتراف المعرفة بتراثنا الثمين ؛ لما قويت حتي الآن علي متابعة العمل نهارا وليلا بصورة دعت أستاذ اللغة العربية بالجامعة ؛ وهو مصري ؛ أن يطلب من الأستاذ تل أن يوصيني بأن أشفق علي صحتي وأعصابي من مواصلة العمل  . ختاما إذ أكرر شكري ؛ أرجو أن تتقلوا فائق احترامي 
 
 وهيب عطا الله 
( السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ؛ نفس المرجع السابق ؛  صفحتي 108 و109 ) 
بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
1-Morris L Bierbrier (ed) Who Was Who in Egyptology  4 revised ed  
ولا يفوتني أن اقدم خالص الشكر للأخ الحبيب الدكتور باسم سمير الشرقاوي لتفضله بترجمة الفقرة إلي اللغة العربية وإرسالها لي علي الما سنجر . 
2-Munir Basta ;- Girgis Mattha ;  The Coptic Encyclopedia , volme 4  
3-قاموس التراجم القبطية :- جمعية مارمينا العجايبي بالاسكندرية ؛ صفحتي 64 و65 . 
4-Boulos Ayad ;- The Late Professor Girgis  Mattha  Chairman of The Department of Archeology  University  of Cairo  . 
5- محمد رأفت :- الجهود التي بذلها العلماء لفك رموز الخط الديموطيقي  ؛موقع تاج  مصر Crown of Egypt ؛ نقلا عن كتاب الكتابة الديمويقية للأستاذ الدكتور عبد الحليم نور الدين ) .
6-الدكتور جرجس متي :- تقرير تمهيدي عن قانون هرموبوليس . الشرائع المصرية القديمة والكشف عن بعض نصوصها  ؛ Bulletin de L . Institute d Egypt جلسة يوم 2 يونية 1941. 
7-موسوعة الأنبا غريغوريوس :- السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ؛ الجزء الأول ؛ الأنبا غريغوريوس قبل رسامته أسقفا ؛ جمعية  الانبا غريوريوس أسقف البحث العلمي ؛  صفحتي 67  و 108 .
8- شكر خاص للاستاذ الدكتور سعد ميخائيل  صاحب برنامج الحضارة القبطية علي قناة لوجوس لتفضله بإرسال مقالة الدكتور بولس عياد لي علي الماسنجر فخالص الشكر لسيادته .