محرر الأقباط متحدون
"من خلال التواجد مع يسوع نحن نتعلم أن نتعرّف، في وجهه، على جمال الحب المنير الذي يبذل ذاته، حتى عندما يحمل علامات الصليب" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي
 
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها في هذا الأحد الثاني من زمن الصوم، يتمُّ إعلان إنجيل التجلي: مَضى يسوعُ بِبُطرسَ ويَعقوبَ وأَخيه يوحَنَّا، فانفَردَ بِهِم على جَبَلٍ عالٍ، وتَجلَّى بِمَرأًى مِنهُم، بجماله كابن الله.
 
تابع البابا فرنسيس يقول لنتوقف للحظة عند هذا المشهد ولنسأل أنفسنا: على ما يقوم هذا الجمال؟ ماذا رأى التلاميذ؟ تأثير مذهل؟ لا، ليس هذا. لقد رأوا نور قداسة الله يسطع في وجه وثياب يسوع، صورة الآب الكاملة. لكن الله محبة، لذلك رأى التلاميذ بأعينهم جمال وروعة الحب الإلهي المتجسد في المسيح. استباق للسماء. يا لها من مفاجأة للتلاميذ! لقد كان وجه الحب أمام أعينهم لفترة طويلة، ولكنّهم لم يتنبّهوا أبدًا لمدى جماله! الآن فقط يتنبّهون لذلك وبفرح عظيم.
 
أضاف الأب الأقدس يقول إنَّ يسوع، في الواقع، يُنشِّئهم بهذه الخبرة ويُعدُّهم لخطوة أكثر أهمية. وقريبًا في الواقع، سيتعين عليهم أن يعرفوا كيف يروا فيه هذا الجمال عينه عندما سيُرفع على الصليب وسيتشوَّه وجهه. صعُب على بطرس أن يفهم: لقد أراد أن يوقف الوقت، أراد أن يبقى هناك ويطيل هذه الخبرة الرائعة؛ لكنَّ يسوع لم يسمح بذلك. لا يمكننا في الواقع، أن نختزل نوره إلى "لحظة سحرية"! وإلا فسيصبح هكذا شيئًا مزيفًا ومصطنعًا يذوب في ضباب المشاعر العابرة. لكنَّ المسيح هو النور الذي يوجه المسيرة، مثل عمود النار الذي كان للشعب في الصحراء. إنَّ جمال يسوع لا يُبعد التلاميذ عن واقع الحياة، ولكنّه يمنحهم القوة لكي يتبعوه إلى أورشليم، وصولاً إلى الصليب.
 
تابع الحبر الأعظم يقول أيها الإخوة والأخوات، يرسم هذا الإنجيل دربًا لنا نحن أيضًا: فهو يعلمنا مدى أهمية أن نكون مع يسوع، حتى عندما لا يكون من السهل علينا أن نفهم كل ما يقوله ويفعله لنا. في الواقع، من خلال التواجد معه نحن نتعلم أن نتعرّف، في وجهه، على جمال الحب المنير الذي يبذل ذاته، حتى عندما يحمل علامات الصليب. وفي مدرسته نتعلم أن نرى الجمال عينه في وجوه الأشخاص الذين يسيرون بقربنا يوميًّا: أفراد العائلة والأصدقاء والزملاء والذين يعتنون بنا بأساليب وطرق مختلفة. كم من الوجوه المنيرة، وكم من الابتسامات، وكم من التجاعيد، وكم من الدموع والندوب تتكلّم عن الحب من حولنا! لنتعلم كيف نتعرف عليها ولنملأ منها قلوبنا. ولننطلق بعد ذلك لكي نحمل للآخرين أيضًا النور الذي نلناه من خلال أعمال محبة ملموسة، ونغوص بسخاء أكبر في اهتماماتنا اليومية، فنحب ونخدم ونسامح بدفع أكبر وجهوزيّة.
 
أضاف الأب الأقدس يقول يمكننا أن نسأل أنفسنا: هل نعرف كيف نتعرف على نور محبة الله في حياتنا؟ هل نتعرف عليه بفرح وامتنان في وجوه الأشخاص الذين يحبوننا؟ هل نبحث حولنا عن علامات هذا النور الذي يملأ قلوبنا ويفتحها على المحبة والخدمة؟ أم نفضل بهرجة الأصنام التي تنفرنا وتغلقنا على أنفسنا؟
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لترافقنا على الدوام على دروب الحب العذراء مريم التي حافظت في قلبها على نور ابنها حتى في ظلام الجلجلة.