محرر الأقباط متحدون
"يعلّمنا يسوع أن ندافع عن الوحدة مع الله ومع بعضنا البعض من هجمات المُقسِّم" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.
 
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يقدم لنا إنجيل الأحد الأول من زمن الصوم الكبير هذا يسوع في الصحراء حيث يجربه الشيطان. الشيطان يعني "المقسِّم"، هو يريد على الدوام أن يقسِّم ويفرِّق. وهذا ما يقترحه أيضًا من خلال تجربة يسوع، لنرى إذن عن من يريد أن يفرِّقه وبأي طريقة.
 
تابع البابا فرنسيس يقول عن من يريد الشيطان أن يفصل يسوع؟ بعد أن نال المعمودية من يوحنا في نهر الأردن، كان الآب قد دعا يسوع "ابني الحبيب" ونزل عليه الروح القدس في شكل حمامة. هكذا يقدم لنا الإنجيل الأقانيم الثلاثة المتحدة في المحبة. ومن ثمَّ سيقول يسوع أيضًا إنه جاء إلى العالم لكي يجعلنا شركاء في الوحدة الموجودة بينه وبين الآب. أما الشيطان فيفعل العكس: هو يدخل لكي يفصل يسوع عن الآب ويصرفه عن مهمته، مهمّة الوحدة من أجلنا.
 
أضاف الأب الأقدس يقول لنرى الآن كيف يحاول أن يقسِّم ويفرِّق. يريد الشيطان أن يستفيد من الطبيعة البشرية ليسوع الذي كان ضعيفًا لأنه صام أَربَعينَ يومًا وأَربَعينَ لَيلةً حتَّى جاع. لذلك حاول الشرير أن يبعث فيه ثلاث "سموم" قوية لكي يشل مهمته في الوحدة. هذه السموم هي التعلق وانعدام الثقة والسلطة. أولاً، سم التعلق بالأشياء، والتعلّق بالاحتياجات؛ وبحج مقنعة، حاول الشيطان أن يؤثِّر على يسوع: "أنت جائع، فلماذا تصوم؟ استمع إلى حاجتك وقم بإشباعها، لديك الحق والقوة: حوِّل الحجارة إلى خبز". ثم السم الثاني، عدم الثقة: "هل أنت متأكد - يلمح الشرير - أن الآب يريد الخير لك؟ اختبره، ابتزه! أَلقِ بِنَفسِكَ إِلى الأَسفَل من أعلى نقطة في الهيكل واجعله يفعل ما تريده". أخيرًا السلطة: "أنت لست بحاجة إلى أبيك! فلماذا تنتظر عطاياه؟ اتبع معايير العالم، خذ كل شيء بنفسك وستكون قوياً!". إنه أمر رهيب، ولكن هكذا هو الحال بالنسبة لنا نحن أيضًا: التعلق بالأشياء وعدم الثقة والعطش للسلطة إنها ثلاث تجارب واسعة النطاق وخطيرة يستخدمها الشيطان لكي يفرِّقنا عن الآب ولا يجعلنا نشعر بعد الآن بأننا إخوة وأخوات فيما بيننا، ولكي يقودنا إلى الشعور بالوحدة واليأس. هذا ما أراد الشيطان أن يفعله، وهذا ما يريد أن يفعله بنا: أن يقودنا إلى اليأس.
 
تابع الحبر الأعظم يقول لكن يسوع تغلب على التجارب. كيف؟ من خلال تجنب المجادلة مع الشيطان والاجابة بواسطةكلمة الله: ذكر ثلاث جمل من الكتاب المقدس تتحدث عن التحرر من الأشياء والثقة وخدمة الله، ثلاث جمل تتعارض مع التجارب. لم يتحاور مع الشيطان، ولم يتفاوض معه، بل رفض تلميحاته بالكلمات النافعة في الكتاب المقدس. إنها دعوة لنا أيضًا: لا جدال مع الشيطان! لا يمكننا أن نهزمه من خلال التفاوض معه، وإنما بمعارضته بالكلمة الإلهية. بهذه الطريقة يعلّمنا يسوع أن ندافع عن الوحدة مع الله ومع بعضنا البعض من هجمات المُقسِّم. ونحن بحاجة للوحدة!
 
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لنسأل أنفسنا إذن: ما هو مكان كلمة الله في حياتي؟ وهل ألجأ إليها في صراعاتي الروحية؟ إذا كانت لدي رذيلة أو تجربة متكررة، فلماذا، مع طلب المساعدة، لا أبحث عن آية من كلمة الله تُجيب على هذه الرذيلة؟ ثم عندما تأتي التجربة، أقرأها وأصليها. لنحاول، سيساعدنا ذلك في التجارب، لأنه من بين صدى الأصوات التي تهتزُّ في داخلنا، سيتردد صدى الصوت النافع لكلمة الله. لترافقنا في جهاد الصوم الكبير الروحي العذراء مريم التي قبلت كلمة الله وبتواضعها هزمت كبرياء المقسِّم.