الأب جون جبرائيل

الإنجيل بعيون مصريّة (٥)
نادرًا ما يشدِّد علم اللاهوت في مصر على الجانب العمليّ للاَّهوت. فيهمل أنّ اللاهوت يخلق علاقة جديدة بين الإنجيل وتطبيقه في واقع الإنسان اليوميّ. بين المعرفة والأخلاق، وبين التفكير والثورة اليوميّة. ستتحقّق هذه العلاقة في حياة المؤمنين إذا كفّ اللاهوت عن أن يكون حكرًا على ماليس ملموس وعلى دوائر خاصّة متخصّصة. على قراءة الإنجيل أن تكون في قلب كلّ فكرٍ نقديّ موجّه للاَّهوت وللحياة اليوميّة.  

للإنجيل قراءة خاصّة بشأن المجتمع. فالخلاص الذي يعلنه ليس أمرًا فرديًّا أو خاصًّا. فيسوع بتجسّده تدخل في صراع مع القوى الاجتماعيّة والدينيّة والسياسيّة لعصره. وفي النهاية لم يكن صليبه خبرةً صوفيّة في إطار العلاقة الشخصيّة الداخليّة

 انتصب الصليب "في خارج الأسوار" وستائر الهيكل تمزّقتْ في النهاية، هادمة كل فصل بين المقدّس وبين اليوميّ. لذا، يجب التشديد  على الصفة المدنيّة لمحاكمة يسوع أمام بيلاطس، الممثّل الرسميّ للدولة الرومانيّة، وبالتالي، الممثّل للسلطة السياسيّة.

 إنّ وعود الإنجيل (الحرّيّة والعدالة والسلام والمصالحة) لا يجب أن يتمّ خصخصتُها. ولا يمكن أن ينتحلها أيّ وضع اجتماعيّ كان. فهذه الوعود محفوظة في المحتوى الإسخاتولوجيّ المقدّم من الله. لهذه الوعود ارتباط كبير بما هو اجتماعيّ، لأنّها تضع الواقع الاجتماعيّ تحت نقد إجباريّ وتحريريّ. ويجب قياس الوضع الاجتماعيّ الحاليّ بمعايير مرتبطة بمضمون هذه الوعود. إنّ أمثال يسوع تؤسّس ملكوت ﷲ وتضع المؤمنين في الوقت نفسه في علاقة نقديّة مع المحيط الاجتماعيّ .

إنّ اللاهوت يتبع مباشرة مفهوم العالم الذي يبرز من الوعي التاريخيّ والوعي الاجتماعيّ. فإنّ العالم واقعٌ اجتماعيّ في عمليّة تاريخيّة. نتيجة لذلك، لم يعد ممكنًا أن تُفهم الكنيسة وكذالك الإنجيل خارج الواقع الاجتماعيّ والتاريخيّ، وعلى الكنيسة أن تعتبر رسالتها دائمًا مرتبطة بالوضع الاجتماعيّ.
#الإنجيل_بعيون مصريّة