ياسر أيوب
هناك حكايات تبقى مجرد حواديت يمكن سماعها، وترديدها فقط من باب التسلية والثرثرة.. وحكايات أخرى تجبرك على طرح الكثير من الأسئلة، منها حكاية النجم الكروى الإنجليزى الكبير والشهير «جارى لينيكر».

حكاية بدأت بانتقاد لينيكر لسياسة الحكومة البريطانية الخاصة بالهجرة وإعلان وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان أنها لن تمنح أى مهاجر غير شرعى حق اللجوء وستعيده إما إلى بلده الأصلى أو بلد آخر يأمن فيه على حياته. وقال لينيكر إن بلاده أصبحت الأكثر عنفًا وقسوة فى أوروبا مع المهاجرين، وإن الحكومة البريطانية الحالية باتت أشبه بحكومة ألمانيا النازية فى زمن هتلر. وأعربت الحكومة البريطانية عن غضبها واستيائها، وأعلنت أن ما قاله النجم الكروى الكبير غير مقبول.. وكانت المفاجأة هى قرار هيئة الـ«بى بى سى» وقف لينيكر عن تقديم برنامجه الخاص بمباريات الدورى الإنجليزى الذى يقدمه على شاشتها منذ 20 عاما، وأصبح أهم إعلامى كروى لديها والأعلى أجرًا أيضا.. ثم فوجئت «بى بى سى» نفسها بأن زملاء لينيكر يرفضون تقديم البرنامج بدلا منه تضامنًا مع زميلهم، لدرجة بث البرنامج اليومين الماضيين دون مذيع ولكن بلقطات وتعليقات صوتية فقط.

ثم قرر لاعبون كثيرون أيضا مقاطعة البرنامج ورفض استضافته لهم.. ولم يقتنع كثيرون بما قاله ريشى سوناك، رئيس الحكومة، بأنه ليس طرفًا فى هذه الأزمة التى تخص «لينيكر» و«بى بى سى» فقط.. وانزعج الإنجليز من هذا التصريح الذى يتناقض تماما مع ما قالته المتحدثة الرسمية باسم الحكومة البريطانية حين أكدت أنه لم يكن لائقا أن ينتقد لينيكر سياسة حماية المجتمع الإنجليزى وهو الذى يقبض راتبه الكبير من أموال الإنجليز دافعى الضرائب.. ورغم أن الأزمة لاتزال قائمة إلا أن أسئلة بدأت تفرض نفسها على الجميع.. وأهم تلك الأسئلة كان يخص ديمقراطية حقيقية بالفعل، لكنها لا تتحمل أحيانا انتقادا شخصيا ورأيا معارضا.. وسؤال آخر يخص السياسة الخاصة بالهجرة، خاصة أن رئيس الحكومة ووزيرة الداخلية من أصول هندية لكنهما أصبحا ملكيين أكثر من الملك

. وسؤال أيضا عن دوافع وأسباب بى بى سى لوقف لينيكر عن العمل رغم أن انتقاده الخاص بالهجرة كان مجرد رأى شخصى لصاحبه، وهل كان من اللائق هذا السلوك مع نجم كروى كبير بشهرة ومكانة وتاريخ جارى لينيكر، النجم السابق للمنتخب الإنجليزى وأندية ليستر سيتى وإيفرتون وتوتنهام وبرشلونة، وتخصص عقب اعتزاله فى الإعلام الكروى وكان طوال الوقت راقيا ومهذبا، وكان طوال الوقت بعيدا عن كرة القدم متعاطفا مع قضايا المهاجرين وطالبى اللجوء ليس بحثا عن شهرة وأضواء أو مكاسب سياسية لكن لدوافع إنسانية بالمقام الأول، حتى إنه كان أحيانا يستضيف بعض هؤلاء المهاجرين فى بيته شفقة بهم؟!. وكل ذلك كان سببًا فى تضامن نجوم كثيرين وزملاء كبار له فى «بى بى سى» وحتى جماهير الكرة الإنجليزية معه فى هذه الأزمة التى قد تنتهى بتغييرات إنجليزية حقيقية، سواء فى السياسة الحكومية والهجرة أو كرة القدم وإعلامها أيضًا.
نقلا عن المصرى اليوم