سحر الجعارة
فى يوم المرأة المصرية 16 مارس.. قبلة على جبين كل امرأة مكافحة شقيانة، ربت وسهرت الليالى لتصبح أماً، وعملت بالحقل أو فى المصنع أو فى الطاقة النووية لتحقق ذاتها، لكل «أنثى» ثقفت نفسها وانتزعت حقوقها.. وسددت فاتورة التحقق من حريتها أو حياتها الخاصة أو أحياناً بحياتها.

لكل أم قدمت ابنها شهيداً للوطن، ولكل بنت طعنوها فى شرفها لأنها تظاهرت ضد الاستبداد، لكل «ربة منزل» وقفت فى الطابور الطويل لتمارس حقها الانتخابى.. القاعدة الأساسية للحياة «هن».

إلى كل قاضية يتزين محياها بوشاح «العدل».. لكل وزيرة تشقى كل ثانية لتثبت جدارتها بالمنصب.. لكل نسوية تؤمن بقضيتها وتتحمل اللعن والتكفير وهى ثابتة جذورها فى الأرض الطيبة ورأسها مرفوع فى كبرياء.. إلى مؤسسات المرأة التى تواجه فتاوى عبثية وتتحمل عبء قضايا هزلية وتواجه بكل صلابة «ثقافة الحريم»: كل عام وأنتن منتصرات تحصد أياديكن البيضاء مكتسبات جديدة للمرأة وتفتح ملفات أخرى مسكوتاً عنها لرفع القهر عن النساء وتمكين المرأة.

كل عام وأنت حرة فى كل موقع، رغم التنمر وادعاءات التحريم.. كل عام ووجهك خال من «النقاب».. وحجابك لا يعتقل أفكارك.. كل عام وأنت متحققة.. فقط أدعوك لنظرة إلى الخلف فما تحقق لما يكن من فراغ: فى العام الماضى، خلال احتفالية يوم المرأة المصرية، كلل الرئيس «عبدالفتاح السيسى» إنجازات عهده بثورة تشريعية لإنصاف النساء وحمايتهن: «الحماية من الإيذاء البدنى فى نطاق الأسرة صوناً لكرامة المرأة ومكانتها».. (لما ييجى حد يقول لى اضرب!! تضرب إيه؟ ده كلام يجوز؟ ما يصحش إن حتى حد فى الشارع يؤلم سيدة ماشية بنظرة مش بكلمة.. قلت لكم مرة فى موضوع الإيذاء البدنى.. قلت لما الراجل يكلم الست يحط إيده ورا ظهره ويتكلم كويس).. كلمات الرئيس كانت تكليفات للحكومة لتحقيق الأمان والسلام الأسرى بقوانين.. فحين تعجز «الأصول والتربية» عن ضبط العلاقات الأسرية تتدخل الدولة بتشريعاتها. لقد قال الرئيس سابقاً: (إن الإرادة السياسية وحدها لا تكفى لتمكين المرأة، بل يجب تغيير الثقافة المجتمعية أيضاً).. ويعلم الرئيس أن الثقافة السائدة رجعية ومتخلفة وسلفية، تنظر إلى المرأة نظرة دونية، تحقّر من شأنها بتفسيرات دينية خاطئة ومشوهة.

الآن، ادخل إلى موقع «المجلس القومى للمرأة»، واقرأ «رؤية وأهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030».. التى تتلخص فى السعى إلى التأكيد على التزام مصر بحقوق المرأة ووضعها موضع التنفيذ وفقاً لما أقرته المواثيق الوطنية وعلى رأسها دستور 2014، والاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية التى التزمت بها مصر. كما تسعى الاستراتيجية إلى الاستجابة للاحتياجات الفعلية للمرأة المصرية، خاصة المقيمة فى ريف الوجه القبلى، والفقيرة، والمعيلة، والمسنة، والمعاقة، باعتبارهن الفئات الأولى بالرعاية، عند وضع الخطط التنموية من أجل توفير الحماية الكاملة لهن والاستفادة الكاملة من الطاقات والموارد البشرية والمادية لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص كما نص عليه الدستور.

هل لاحظت معى «المرأة الريفية، والمسنة، والريفية والمعيلة، والمسنة، والمعاقة».. ما أتحدث عنه ليس بعيداً عن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر وفى القلب منها المرأة (قد أعود مرة أخرى للحديث عن جهود المجلس فى هذا الصدد).وتتكون استراتيجية المرأة من أربعة محاور رئيسية تسعى إلى تحقيقها وهى: التمكين السياسى للمرأة وتعزيز أدوارها القيادية، التمكين الاقتصادى للمرأة، التمكين الاجتماعى للمرأة، حماية المرأة.. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف العمل الجاد على: تغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة.. تبنى جميع فئات المجتمع لتمكين المرأة كمسئولية جماعية.. مساندة المرأة فى الحصول على حقوقها القانونية كاملة.. تجديد الخطاب الدينى فيما يتعلق بدور المرأة فى المجال العام.. وكلها مهام بالغة التعقيد والصعوبة، خاصة أن كل من يتبنى نفس الأفكار يتعرض لمحاولات التشويه و«اغتيال الشخصية» والذى لم تسلَّم منه حتى رئيسة المجلس الدكتورة «مايا مرسى».

لا تزال التحديات أمامنا كبيرة، فتغيير «ثقافة المجتمع» لا يتم بقرار فوقى سيادى إنه يحتاج إلى تضافر جهود الثقافة والإعلام وحماية المرأة من التحرش فى أماكن العمل ولو لفظياً.. أما تجديد «الخطاب الدينى» فهو المهمة المستحيلة التى عجزنا عن تحقيقها، لأن «السلطة الدينية» لا تريد أن تفقد سنتيمتر من وصايتها على البشر وحكمها للناس من الباطن!فى مجتمع لا يزال يعتبر المرأة «عورة» ويحجبها وهى طفلة فى المدارس الدينية، (دون سن التكليف)، ويمنع الاختلاط فى بعض الجامعات الدينية أيضاً تكاد تكون المهمة مستحيلة.. فقط «عافر».«تمكين المرأة» يحتاج إلى مناخ حاضن للنساء وليس مجتمعاً مناهضاً للنساء.. وهذا لن يتحقق إلا بتغيير العقلية الذكورية وإخراس فتاوى العمائم الرجعية المتخلفة.كل عام وأنتن على درب النضال.. فنحن لن نمل المطالبة بحقوقنا ولا محاولة التغيير والإصلاح.. حتى تعود «مصر التى نحبها» وتختفى «ثقافة الحريم والتحريم».
نقلا عن الوطن