حمدي رزق
قبل عقد مضى سريعًا، وقبل أحداث ٢٥ يناير، طرحت وغيرى من المقدرين، الحادبين على المصالح العليا لوطن يستحق، فكرة «بنك الأرض المركزى»، كانت الظروف غير الظروف، والعقول غير العقول، وإهدار الأفكار «سلو بلدنا» قبل قيامتها تنفض غبار السنين.

فكرة بنك مركزى للأرض الطيبة، أرصدته أراضى مصر بطول وعرض البلاد، يقصده كل طالب أرض، من حق كل مواطن مصرى يطلب من أرض وطنه، حسب حاجته، ويُستجاب له فى التو واللحظة، مجرد زيارة قصيرة للبنك، وكأنه سيتحصّل على قرض، يطلبها وفق منظومة بنكية معلومة، محكمة، عادلة، لا تفرط فى شبر واحد دون استفادة مُحقَّقة، الأرض أغلى مما سواها ومروية بدم وعرق السنين.. غالية علينا قوى، لا نملك مؤنة للأيام وللأجيال سوى هذه الأرض وما عليها وما تحت الثرى.

بنك الأراضى قد يكون حلًّا، وحلًّا سحريًّا، بنك كالبنك المركزى تمام، يؤول إليه ما تبقى من أرض فى بحرى وقبلى وسيناء وخط القنال، وبأنواعها، زراعية، شاطئية، سكنية، سياحية، صناعية، استثمارية، وبتقسيماتها مناطق حرة أو استثمارية أو مدن جديدة أو حتى طرح نهر، النيل من كرمه يسقى عطشى يطرح أرضًا خصبة.

بنك يجمع الأراضى كلها، ويُصنفها ويُبوبها، ويُسعِّرها بسعر معقول وفى المتناول، بنك يقصده كل طالب أرض، مستثمرًا كان أو مواطنًا غلبانًا، ولكل نصيب، ولكل طلب، ولكل شروط، ولكل تقسيم، ولكل تصنيف، وكل بسعر معقول، وحسب النشاط، لإطلاق ثورة زراعية صناعية على أرض طيبة خالصة من التعقيدات البيروقراطية.

البنك الفكرة، مهمته فى عمق الاقتصاد الوطنى تلقى الطلبات كلها، دون استثناء أو واسطة، بنك يحقق الرغبات كلها فى حدود المتاح، والمتاح معلن ومعلوم للجميع، بنك يخضع لقوانين شفافة وقواعد مستدامة، معتبرة ومرعية ومدروسة ومهندَسة ومخططة، مضى زمن العشوائيات المقنَّنة، هذا زمن الانضباط الاستثمارى النافع والمفيد، لا نملك رفاهية بعثرة الأرض، ومَن يحفظها يحفظ مصر.

ساعتها، المستثمر الجاد يجد أرضًا للاستثمار بأسعار يحددها البنك، حسب جداول وقواعد سوقية معتبرة، بالأسعار والفوائد والأقساط والآجال، والمواطن يجد أرضًا لبيته، بالأسعار والفوائد والآجال، والمزارع يجد أرضًا لمزرعته بالأسعار والفوائد والآجال.

بنك يساوى بين الرؤوس، يلغى التخصيصات والممارسات والمزايدات التى سبقت، يلغى التداخل والتضارب بين الوزارات على ملكية الأراضى وحق التصرف فيها، وبين الوزراء والمحافظين على حق الانتفاع، ويفض العلاقة الآثمة بين البيروقراطية والمستثمرين، ويهش الضباع عن الأرض الحرام، ويصونها من السماسرة والمحتالين، وواضعى اليد.

بنك تؤول إليه أرض مصر كلها، يلملم ما تبقى من شتات الأرض الموزعة ضيعًا بين الوزارات والهيئات والمصالح والمدن الحرة وغير الحرة، بنك يتصرف فى ثروة مصر من الأرض بحساب مَن يخشى الفقر، بحساب السنين والأيام، يتحسب لقادم الأيام.

فى زمن الندرة، ندرة الموارد، نريده بنكًا لا يبعثر الأرض على شلل المنتفعين، بنك يملك حسابات بأسماء العملاء، لا يصرف أرضًا لمَن استفاد بأرض، لا يصرف أرضًا لمَن يُسقِّع الأرض، بنك يميز فى السعر بين مشروع استثمارى ومشروع إسكانى، بنك يخصص للفقراء بقدر ما يخصص للأغنياء، ما يظهر على سطح الأرض قليل، وما تحت الثرى كثير من أرض وضع اليد (ولها قانون معمول به)، ألَا قُطعت يد وُضعت على الأرض الحرام.
نقلا عن المصرى اليوم