مر من هنا ياسيد.. فلا زالت الطرق لدينا  غير مدونة في قائمة التعريف .. وأوطاننا ترقد كسيحة تترقب من يحرك فيها ماء النجاة  ..
 
مر من هنا  ياسيد .. الأطفال  يقفون حفاة  بعدما خلت  أصابعهم من الإشارة  ..مختزل الضحك عن شفاههم  وكل أياديهم  عارية من  التصفيق .. يتمزق جوعهم  بين قضايا النزاعات العنيدة فيما  يتصالح القضاة على جثة الحق المؤجل ..
 
مر من هنا ياسيد ..اطرق البوابات التي اغلقت في وجوهنا  حيث لايوجد عدل ولا وقضاء ولا غناء  والعاصفة التى تمرح بملابسنا المتهرئة  لم تعد تستر خطايا الدين ..
 
مر من هنا ياسيد ..ف سامريات الظهيرة  تكسرت  جرار أحلامهن  خوفا من انتهاكهن علانية  وتبعثر في المضاجع جوع المجدليات عشقا للتقدير ..
شغل الطاعون موائد الولاة وطبول الحرب غير المبررة تلهو باللحم الأخضر .. وحتى الآن  ياسيد  ماصار الماء خمرا ولا الخمس خبزات  اشبعت  جوع الغلاء  فيما راح الكهنة  ينصبون في الزوايا فخاخ الخرافة والنبوءات المجعدة من  عتمة الضمير .....
 
مر من هنا ياسيد ..فالمدينة التى نقطنها  مطعون خصرها بالجذام  ..شعائرها.. حكامها ..عاهراتها ..أنبياؤها ..لصوصها .. شرفها ...فالعنب رديء أيضا  هذا الموسم  والخمر المقدم لموتنا  مغشوش على بطاقات مزيفة بالاستقامة .. ..
 
مر من هنا ياسيد ..فقد سرقنا السعفات رغم عيون الرقباء المحشوة بالتلصص والعمى..نصنع صعودا من آبار الموت الجاف كي نملك حصتنا  من فتات الوميض.. ..
نحن وحدنا بسطاء الحي.. رغم تآكل النهار عن ظهورنا وضمور أطراف الفرح والخبز  لازلنا نحلم ..لازلنا نجدل اليقين ضفائر من أوتار وضحك وتلويحات  ..كلها تتنافس بالصياح ..تشير إليك   «من هنا ياسيد ..الطريق إلينا  من هنا ..»
 
اضحك  ياسيد.. ففي المدن المنتحرة  بجيد الناس زراعة التطلع وعناق زيتونات  المسرة لسعف النخيل .. مختوم بكفوفنا إسمك  ..وبأوجاع الاختناق  منقوش وجهك اليقيني ..فنحن المطوبون رغم التآكل ..فماعاد يرهبنا الفناء ..بساطة لأننا وجه الحياة 
مازلنا نحلم ياسيد مازلنا.. فمر هنا ..! 
كل سعف وأنتم السعداء ..