محرر الأقباط متحدون
"أشكركنَّ على كل ما تقُمنَ به وأشجعكنَّ على المضي قدمًا بحماس في مشاريعكنَّ ونشاطاتكنَّ لصالح البشارة، من خلال اتباع صوت الروح القدس الداخلي، والانقياد للمساته الداخلية" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء الاتحاد العالمي للمنظمات النسائية الكاثوليكية
 
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر السبت في قاعة بولس السادس بالفاتيكان الاتحاد العالمي للمنظمات النسائية الكاثوليكية وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيفاته وقال بحضوركنَّ هنا أنتنَّ تردنَ أن تستعدَّنَّ للمشاركة في الجمعية العامة التي ستعقد في أسيزي الأسبوع المقبل. يمكنكن القيام بكل ذلك من خلال مرافقة المندوبات بالصلاة، لكي يسمحن للروح القدس بأن يقودهنَّ وتكون فرصة لكي تجدِّدنَ دفعكنَّ الرسولي، من خلال اتباع المبادئ الأصلية التي حركت مؤسسات الاتحاد، وفي الوقت عينه لكي تنظرنَ إلى المستقبل بعيون وقلوب منفتحة على العالم، وتصغينَ إلى أنين العديد من النساء في العالم اللواتي يعانين من الظلم والهجر والتمييز والفقر. إنَّ المرصد العالمي للمرأة الذي أطلقتموه سوف يعطيكنَّ المؤشرات لتحديد الاحتياجات وبالتالي لتكنَّ "سامرييات"، رفيقات سفر يبعثن الرجاء والصفاء في القلوب، ويساعدن ويعملنَ لكي يساعد آخرون أيضًا في التخفيف من الاحتياجات الجسدية والروحية للبشريّة.
 
تابع البابا فرنسيس يقول هناك اليوم حاجة ملحة لإيجاد السلام في العالم، سلام يبدأ بشكل خاص داخل القلب، قلب مريض، يمزقه انقسام الكراهية والحقد. بالإضافة إلى السلام، تتعرّض للخطر أيضًا الهوية الأنثروبولوجية للمرأة إذ يتم استغلالها كموضوع للخلافات السياسية والأيديولوجيات الثقافية التي تتجاهل الجمال الذي خُلقت به. من الأهميّة بمكان أن نقيِّم بشكل أكبر قدراتها على الارتباط والعطاء، ولكي يفهم الرجال بشكل أفضل غنى المبادلة التي يدينون بها للمرأة، من أجل استعادة العناصر الأنثروبولوجية التي تميز الهوية الإنسانية ومعها هوية المرأة ودورها في العائلة وفي المجتمع حيث لا تتوقف عن كونها قلبًا نابضًا.
 
أضاف الأب الأقدس يقول في هذا اليوم الذي نحتفل به بذكرى ظهورات العذراء مريم لرعاة أطفال فاطيما، لننظر إلى مريم كنموذج للمرأة بامتياز، تعيش عطية ومهمة على أكمل وجه: هبة "الأمومة" ومهمة "العناية" بأبنائها في الكنيسة. أنتنّ أيضًا، كنساء، تمتلكنَ هذه العطيّة وهذه المهمة، في جميع المجالات التي تتواجدنَ فيها. ومريم تعلمكنَّ أن تولِّدنَ الحياة وتحمينَها على الدوام من خلال التواصل مع الآخرين انطلاقًا من الحنان والرحمة، من خلال الجمع بين ثلاث لغات: لغة العقل، ولغة القلب، ولغة اليدين. كما قلت في مناسبات أخرى، أعتقد أن النساء يملكنَ هذه القدرة على التفكير بما يشعرنَ به، وأن يشعرنَ بما يفكرن فيه ويفعلنه، وأن يفعلنَ ما يشعرنَ به ويفكرنَ فيه. أشجعكنَّ على الاستمرار في تقديم هذه الحساسية لخدمة الآخرين.
 
تابع الحبر الأعظم يقول بالعودة إلى فاطيما، في وسط صمت وعزلة الحقول، التقت امرأة طيبة مليئة بالنور ببعض الأطفال الفقراء والبسطاء. كما في جميع الأشياء العظيمة التي يصنعها الله، يتسم المشهد بالفقر والتواضع. في هؤلاء الرعاة الصغار، نحن مُمَثَّلون أيضًا – البشريّة بأسرها - هشين وصغار، ويمكننا حتى أن نقول تتملّكنا الحيرة والخوف أيضًا إزاء الأحداث التي تحدث في الحياة والتي لا يمكننا أن نفهمها أحيانًا، لأنها تتخطانا وتضعنا في أزمة. في هذا السياق المطبوع بالضعف، علينا أن نسأل أنفسنا: ما الذي جعل مريم قوية؟ ما الذي أعطى القوة للرعاة الصغار لكي يفعلوا ما طلبته منهم؟ ما هو السر الذي حوّل هؤلاء الضعفاء والصغار إلى شهود حقيقيين لفرح الإنجيل؟ إنَّ سر كل تتلمذ واستعداد للرسالة يكمن في تنمية هذا الاتحاد الداخلي مع "ساكن القلوب العذب" الذي يرافقنا دائمًا: محبة الله والبقاء متحدات معه، مثل الأغصان بالكرمة، لكي تعشنَ – على مثال مريم – ملء كونكنَّ نساء مع الوعي بالشعور بأنّه قد تمَّ اختياركنَّ وبأنّكنَّ رائدات في عمل الله الخلاصي. لكن هذا الأمر وحده لا يكفي. على هذا الاتحاد الداخلي مع يسوع أن يظهر إلى الخارج من خلال البقاء في شركة مع الكنيسة أو مع عائلتي أو مع منظمتي، التي تساعدني لكي أنضج في الإيمان. هذا ما يعطي قيمة لجميع المبادرات التي نقوم بتنفيذها. لذلك من الضروري أن "نصلي" الأعمال و "ننفذ" ما رأيناه في الصلاة، لكي ندخل في انسجام مع رسالة الكنيسة بأسرها. هذا أيضًا هو جوهر السينودسيّة، وما يجعلنا نشعر بأنّنا رواد ومشاركون في مسؤوليّة كوننا كنيسة، لكي نعرف كيف ندمج الاختلافات ونعمل في تناغم كنسي.
 
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أشكركنَّ على كل ما تقُمنَ به وأشجعكنَّ على المضي قدمًا بحماس في مشاريعكنَّ ونشاطاتكنَّ لصالح البشارة، من خلال اتباع صوت الروح القدس الداخلي، والانقياد للمساته الداخلية. ليبارككنَّ يسوع ولتحفظكنَّ مريم العذراء سيّدة فاطيما وتحفظ عائلاتكنَّ. أصلي من أجل ثمار جمعيتكنَّ العامة وأسألكنَّ من فضلكنَّ، أن تستمررنَّ في مرافقتي بصلواتكنَّ.