محرر الأقباط متحدون
أكثر من مائتي مسيحي تجمعوا خلال الأيام القليلة الماضية في ساحة التحرير بوسط بغداد ليعبروا عن تضامنهم مع بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس ساكو على أثر حملة الانتقادات التي تعرض لها في الأسابيع الماضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
 
شارك في التجمع أيضا عدد من الكهنة والراهبات، رفعوا الأعلام العراقية وأضاؤوا الشموع وحملوا أغصان الزيتون ولافتات تطالب السلطات بالتدخل من أجل الحفاظ على المقاعد البرلمانية المخصصة للمسيحيين كي لا تسيطر عليها مجموعات متصلة بالأحزاب الكبيرة. كما رفع المشاركون في اللقاء الصلوات وأطلقوا شعارات تدعو إلى الحفاظ على السلم الاجتماعي والوحدة بين المسيحيين. ولم يخلُ التجمع من التوتر بعد تدخل فرق أطلقت شعارات مسيئة للبطريرك ساكو. جاء تجمع ساحة التحرير في العاصمة العراقية بعد أن شهدت الأسابيع الماضية مواجهة وسجالاً بشأن مسألة منح الـ"كوتا" من مقاعد مجلس النواب العراقي إلى الأقليات، لاسيما الجماعات المسيحية.
 
للمناسبة نشرت وكالة فيديس للأنباء مقالاً ذكّرت فيه بأن قانون الانتخابات العراقي المعمول به حالياً ينص على تخصيص خمسة مقاعد من البرلمان للمرشحين المنتمين إلى الجماعات المسيحية المحلية، كي تكون لهذه الأخيرة كلمة في ممارسة السلطة التشريعية في العراق. بيد أن عمليات التصويت الهادفة إلى انتخاب المرشحين عن المقاعد المسيحية الخمسة لا تنحصر بالناخبين المسيحيين، إذ باستطاعة غير المسيحيين أيضا أن يختاروا النواب الخمسة. وبهذه الطريقة تتمكن القوى السياسية من التأثير على اختيار المرشحين الواجب أن يمثلوا الأقليات بما في ذلك المسيحيون.
 
وتذكر وكالة فيديس أنه بعد الانتخابات التشريعية في العاشر من تشرين الأول أكتوبر ٢٠٢١، صرح النائب المسيحي السابق جوزيف صليوا بأن البرلمانيين الخمسة الجدد الذين فازوا بالمقاعد المخصصة للمسيحيين لا يمثلون المعمدين العراقيين لأن تسعين بالمائة من الأصوات التي حصلوا عليها أتت من ناخبين غير مسيحيين على حد قوله. وقد نشب سجال حول ما يُعرف بـ"حركة بابل" التي تشغل الآن أربعة من أصل المقاعد الخمسة المخصصة للمسيحيين في البرلمان العراقي، وقد أبصرت الحركة النور كتعبير سياسي عن ما يُعرف بـ"كتائب بابل" وهي الميليشيا التي شُكلت في إطار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، وأدت إلى استعادة السيطرة على المناطق الشمالية العراقية التي احتلها التنظيم الإرهابي في العام ٢٠١٤. وطالما أكدت كتائب بابل على هويتها كميليشيا تتألف من مقاتلين مسيحيين، مع أن هناك من وثقوا ارتباطها بميليشيات الحشد الشعبي الشيعية.
 
وتضيف وكالة فيديس أنه في نهاية شهر آذار مارس الماضي أعلن أساقفة الكنائس في الموصل وسهل نينوى عن إمكانية مقاطعة الانتخابات المقبلة من قبل المكون المسيحي، إن لم تُؤخذ مطالبه في عين الاعتبار والمتعلقة بضمان التمثيل المسيحي في البرلمان وباقي المؤسسات السياسية الوطنية والمحلية، تماشياً مع القوانين الانتخابية السارية المفعول. وتذكّر وكالة فيديس بأن البطريرك ساكو تناول أيضا هذا الموضوع. ففي الثامن من الشهر الجاري، وخلال مقابلة أجرتها معه محطة تلفزيونية في كردستان العراق، لمح إلى إمكانية اللجوء إلى الهيئات القضائية الدولية من أجل ضمان المقاعد النيابية الخمسة المخصصة للمكون المسيحي. وقد أدى هذا الموقف لتعرضه لحملات من الانتقادات والإساءة من طرف أشخاص مرتبطين بحركة بابل.
 
وقد عبر مسؤولون عن باقي الأقليات الدينية في العراق شأن الأيزيديين والصائبة المندائيين والشبك عن تضامنهم مع الكاردينال ساكو، متحدثين عن محاولات للنيل من الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية الممثلة بشخص البطريرك مار لويس روفائيل ساكو. وعبروا عن رفضهم الاتهامات الموجهة إليه، مشيدين بالإسهام الذي قدمه لعملية تحرير المجتمع العراقي من الصراعات المذهبية.