القمص يوحنا نصيف
    + من أجمل ما قرأت هذا الأسبوع، هذه القصّة البديعة، المُترجمة من اللغة الإنجليزيّة.. ويسعدني تقديم ملخّصًا لها:

    وقفَت معلّمة الصفّ الخامس ذات يوم، وألقَت على التلاميذ جملة: "إنّني أحبّكم جميعا"، وهي تستثني في نفسها تلميذًا يُدعَى "تيدي" (ثيؤدور)..!!
   فملابسه دائمًا شديدة الاتّساخ، ومستواه الدراسي مُتَدَنٍّ جدًّا، ومنطوٍ على نفسه..

    هذا الحكم الجائر منها، كان بناءً على ما لاحظته خلال العام.. فهو لا يلعب مع الأطفال، وملابسه متّسخة، ودائما يحتاج إلى الحمّام..
    إنّه كئيبٌ، لدرجة أنّها كانت تجد مُتعةً في تصحيح أوراقِهِ بقلمٍ أحمر.. لتضع عليها علامات (x) بخطّ عريض، وتكتب كلمة "راسب" في أعلى الورقة..!
    ذات يوم طُلِبَ منها مراجعة السجلات الدراسيّة السابقة لكلّ تلميذ، وبينما كانت تراجع ملف "تيدي" فوجئت بشيء ما..!

    لقد كَتَبَ عنه مُعلّم الصفّ الأوّل: "تيدي" طفل ذكي موهوب، يؤدّي عمله بعناية، وبطريقة منظّمة.
    ومعلم الصف الثاني كتب: "تيدي" تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه، ولكنّه منزعجٌ بسبب إصابة والدته بمرض السرطان.

    أمّا مُعلِّم الصفّ الثالث فكتب: لقد كان لوفاة أمّه وقعٌ صعبٌ عليه، لقد بذل أقصى ما يملك من جهود، لكنّ والده لم يكن مهتمًّا به، وإنّ الحياة في منزله سُرعان ما ستؤثر عليه، إنْ لم تُتَخَّذ بعض الإجراءات.

    بينما كتب مُعَلِّم الصفّ الرابع: "تيدي" تلميذ منطوٍ على نفسه، لا يُبدِي الرغبة في الدراسة، وليس لديه أصدقاء، وينام أثناء الدرس.
    هنا أدركت المُعلِّمة "السيّدة تومسون" المشكلة، وشعرت بالخجل من نفسها..!

    تأزّم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها، ملفوفة بأشرطة جميلة، ماعدا الطالب "تيدي"، فكانت هديّته ملفوفة بكيس، مأخوذ من أكياس البِقالة.

    تألّمت "السيدة تومسون" وهي تفتح هديّة "تيدي"، وضحك التلاميذ على هديّته، وكانت عُقدًا مؤلَّفًا من ماسات ناقصة الأحجار، وقارورة عِطر ليس فيها إلاّ الرُّبع..!

    ولكن كَفَّ التلاميذ عن الضحك، عندما عبَّرت المُعلِّمة عن إعجابها بجمال العُقْد والعِطر، وشكرته بحرارة، وارتدَتْ العُّقد، ووضعَتْ شيئًا من ذلك العطر على ملابسها..!

    يومها لم يذهب "تيدي" بعد الدراسة إلى منزله مباشرة، بل انتظر ليقابلها، وقال: إنّ رائحتَكِ اليوم مثل رائحة أمّي.
    عندها انفجرَتْ المُعلّمة في البكاء، لأنّ أدركَت أنّ "تيدي" أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووَجَد في معلّمته رائحة أمّه الراحلة..!
    منذ ذلك اليوم، أولَت اهتمامَا خاصًّا به، فبدأ عقله يستعيد نشاطه، وبنهاية السنة أصبح "تيدي" أكثر التلاميذ تَمَيُّزا في الفصل، ثمّ وَجَدَتْ السيدة مذكرةً عند بابها للتلميذ "تيدي"، كَتَبَ فيها أنّها أفضل مُعَلِّمة قابلها في حياته، فردَّتْ عليه: أنت مَن علّمني كيف أكون مُعلِّمة جيّدة..!

    بعد عِدّة سنوات فوجِئَتْ هذه المُعلّمة، بتلقّيها دعوة من كليّة الطبّ، لحضور حفل تَخَرُّج دفعة الأطبّاء في ذلك العام، مُوقَّعَةً باسم:
    ابنك "تيدي"
    فحضرَت، وهي ترتدي ذات العُقْد، وتفوح مِنها رائحة ذات العطر..!
    هل تعلم من هو "تيدي" الآن؟!
    تيدي ستودارد Teddy Stoddard هو أحد أشهر الأطباء في كلّ العالم، ومالك مركز (ستودارد) لعلاج السرطان.
+ + +
    + هذه القصّة الغنيّة بالمعاني، ألّفتها الكاتبة إليزابيث بولارد، وتمّ نشرها عام 1974م في إحدى المجلات الأمريكيّة (الحياة المنزليّة HomeLife)، من أجل مساعدة المدرّسين في التعامل الناجح مع الطلبة. وقد انتشرت هذه القصّة كأنّها قصّة حقيقيّة، ولكنّ الواقع أنّها فقط تضَمّنَتْ بعض مواقف يمكن أن تتشابه مع ما يحدُث في حياة الكثيرين، وتؤكِّد كيف أنّ الحُبّ يستطيع أن يُحدِث تغييرًا هائلاً في النفس..!
القمص يوحنا نصيف