اعداد : مجدى سعدالله  - الباحث فى التاريخ القبطى 

 
ابينا مثلث الرحمات قداسه البابا شنوده الثالث  لم يكن مجرد رأس الكنيسه الجالس على كرسىمار مرقس . بل سيكتب له التاريخ انه ارتقى بالمنصب وبالكنيسة وانتقل بهما الى مصاف غيرمسبوقه .
 
نتذكر  فى هذا اليوم غيبوبه النظام والطغيان  قرارات  الرئيس السادات  باعتقال وتحديد اقامهبعض رموز الدين الاسلامى والمسيحي . وكان على راسهم مثلث الطوبى والرحمات قداسه الباباشنوده الثالث . الذى كان نورا وسلاما لمصر فى احلك لحظات الظلام .  
 
ومعروف ان قداسته كان قد اعتلى الكرسى المرقسى سنه 1971 . ومنذ جلوسه على الكرسى المرقسى شهدت فترة حبريته عددا كبيرامن الحوادث الطائفيه التى جعلت الاقباط يهرعون الى حضن البابا ليحمل دموعهم فى وجدانهويحمل الصليب معهم . 
 
  كانت اولى الحوادث  فى 6 نوفمبر 1972 . قبيل الاحتفال بالعيد الاول لجلوس قداسه الباباشنوده الثالث . اضرم مجهولون النار فى دار جمعيه الكتاب المقدس التى كان اهالى منطقهالخانكه يتخذونها كنيسه بدون ترخيص . 
 
 وفى يوم الاحد التالى تجمع مجموعه كبيره من الكهنه والشعب واتجهوا الى اطلال الجمعيهالمحترقه  . وفى نفس المساء تجمع عدد كبير من العامه واثاروا حاله من الرعب واحرقوا عددا منالمنازل والمحلات القبطية 
 
.   كان الحادث جللا واهتزت له البلاد  وكون مجلس الشعب  لجنه لتقصى الحقائق   حول الحادثوتداعياته واثاره . 
 
كانت البلاد تمر بظروف متوترة فى ذلك  الوقت  .  كان الناصريين  واليساريين وطلبه الجامعهينددون بالنظام  لتاخر قرار الحرب . ونتيجه لذلك كانت الدوله بقياده الرئيس السادات ترعىالجماعات المتشددة 
 
لقد وجد الرئيس  فى هذه الجماعات المنقذ له  للقضاء على كل الانشطه  المعارضه فى البلاد . ومنثم اتجهت هذه الجماعات بعد ذلك لتنشب انيابها فى الاقباط فتوالت الاحداث والماسى. التىادمت قلب البابا شنوده الثالث وباعدت بينه وبين الرئيس السادات
 
 لتستمر الاحداث والازمات والحوادث لنصل الى يونيو 1981 حيث شهدت مصر اسوا حوادثالفتنه الطائفيه  . فقد تحول شجار شخصى فى حى الزاويه الحمراء الى معركه مسلحه . وتراجعالنظام بالبلاد الى الوراء . 
 
وبدت جميع الاطراف فى حاله غضب  يصل الى حد الغليان والانفجار والعنف المسلح بفعلسياسه بدات بتقويه النظام الحاكم لحركات التيار الدينى المتطرف . لقد استاسدت هذه الحركاتوقويت شوكتها ضد الاقليه القبطية . 
 
بدات قصه حادث الزاويه الحمراء. بان اعلن المسلمون حقهم فى قطعه ارض كان قد اعتزم بعضمن الاقباط فى اقامه كنيسه عليها . وتحول الشجار العادى بين الجيران الى معركه مسلحه . اصيب سكان الزاويه الحمراء بالتوتر والهلع بعد خمسه ايام من الاشتباكات العنيفه بين الاقباطوالمسلمين .
 
بدء هذا التوتر فى  81/ 17/ /6 . استخدم المتطرفين  مجموعه من الصبيه فى سن الاحداث . حتىاذا ما تم القبض عليهم . لا يتم اتهامهم بشىء ويفرج عنهم فورا . كانت هذه المجموعات منالصبيه تنتقل من حى الى اخر ( من منشئه الصدر . الى الويلى . الى الزاويه الحمراء ) 
 
كانوا يهتفون ( احرق . دمر ) الى اخر هذا الكلام بل كانوا يضعون علامات على بعض البيوتتظهر ان بداخلها مسيحيين . كانت وراء هذه هذه المجموعات من الصبيه قيادات كبيرة تحركهم . 
 
وبكل اسف تركتهم الدوله ثلاثه ايام الى ان اشتعل الموقف الى ابعد حدود . وقد علق على ذلكالرئيس السادات بقوله ( ان وزير الداخليه السيد نبوى اسماعيل( عالج الموقف بطريقه سياسيهوليس بطريقه بوليسيه ) 
 
ياليت اجهزه الدوله فى ذلك الوقت عالجت الامر بطريقه بوليسيه . كان انتهى الامر . وفى حقيقهالامر فان الرئيس السادات اراد ان يترك الامر يشتعل لكى يجد سببا يعتمد عليه فى استخدامسلطاته الاستثنائيه فى الدستور .
 
حينما وقعت احداث الزاويه الحمراء نفذت اجهزه الشرطه تعليمات وزير الداخليه انذاك . بانحاصرت قوات الشرطه الناس . وتركتهم يقتلون ويضربون بعضهم البعض مسيحيين ومسلمين . 
 
حيث قام مثيروا الفتنه والخارجون عن القانون . باعمال السلب والنهب دون اى تدخل . بفض هذهالمعارك . وعلينا ان نستنتج ماذا حدث للاقباط فى ظل الكثرة والغالبيه المسلمه . كذلك ما فعلهالغوغاء والمجرمين فى ظل غياب الامن هذا . 
 
وقد اسفرت حوادث مذبحه الزاويه الحمراء فى يونيو 1981 عما ياتى : 
 
➖ الشهيد القمص مكسيموس جرجس حيث وضعوا السكاكين على رقبته . وطلبوا منه ان ينطقالشهادتين فرفض فذبحوه ونال اكليل الشهاده . وقد قرر قداسه البابا شنوده الثالث وقتها دفنهبالقاهره وعدم سفر جسده الى طهطا بلدته منعا للاثاره واشعال الفتن . 
 
➖ كذلك كان من ضحايا الحادث 20 عائليه قبطية مات جميع افرادها بالكامل حرقا فى منازلهم . 
 
لقد كانت حادثه الزاويه الحمراء وموقف  قداسه البابا شنوده الثالث الرافض لزياره الاقباطللقدس هما الطريق الى قرارات سبتمبر 1981 والتى تضمنت التحفظ على قداسه البابا فى ديرالانبا بيشوى . بوادى النطرون  . الامر الذى استمر حتى يناير  1985
 
ما لايمكن اغفاله ونحن نتذكر احداث 5 سبتمبر 1981 . الدور الوطنى العظيم الذى قام به قداسهالبابا شنوده الثالث فى دمج الكنيسه القبطية وشعبها فى الوطن مصر . وسياسته الحكيمه فىاحتواء المشاكل التى تعرض لها الاقباط .
 
وكان ضمن الدور الوطنى الذى تحلت به الكنيسه مواقف قداسه البابا العديدة فى التفاعلوالتعاطف مع قضايا الوطن وليس ادل على ذلك من موقف الكنيسه من القضيه الفلسطينيهوتحرير القدس وربط زيارة الاقباط للاماكن  المقدسه فى القدس   بحل القضيه برمتها . 
 
لقد ظن الرئيس السادات بعد توقيع معاهدة  كامب ديفيد . ان كل الدنيا تخضع له ولقراراته . لقداعتقد السادات  ان قداسه البابا شنوده الثالث يخضع له  ويوافقه فى كل ما يتخذه من قرارات . 
 
 ظن السادات ان البابا فى طاعه كامله له كحاكم مما دفعه الى ارسال وفد الى قداسه البابا يدعوهفيه لاعداد وفود مسيحيه لزيارة القدس فى اطار مجهودات الرئيس السادات للتطبيع . 
 
 ولكن ردا صاعقا جاءه من قداسه البابا شنوده الثالث . الذى قال لرسل السادات
 
( ارجوكم ابلاغ الرئيس اننى لا ارى الوقت مناسبا لتنفيذ هذا الاقتراح ) 
 
ليشتعل غضب الرئيس السادات من هذا الموقف خاصه وان السادات كان قد وعد الرئيس  بيجنبانه لا يمانع فى زيارة الاقباط للقدس . 
 
ولم يكن يتصور ابدا ان يجروء البابا شنوده  الثالث على رفض طلبه . 
 
 كان البابا شنوده الثالث . بعيد الروىء اذ انه لم يشاء ان يجعل المسيحيون يعيشوا فى ضغينهمع اخوتهم المسلمين بالحجيج الى القدس . لقد راى قداسته انه من الخيانه ان يحج المسيحيونالى القدس فى ظل الاحتلال . 
 
لقد شعر الرئيس السادات ان البابا شنوده الثالث ينازعه الزعامه السياسيه وهذا  ما ذكره الكاتبمحمد حسنين هيكل فى كتابه خريف الغضب : ( كان البابا شنوده يملك الكثير من المقوماتاللازمه كان متعلما وكاتبا وخطيبا متمكنا . وكانت شخصيته قويه . الى جانب كثير من صفاتالزعامه . وقوة الاحتمال والمثابرة ) 
 
كان ذلك احد الاسباب فى الصراع المحتدم بين البابا والرئيس السادات . لقد وصل الصراع بينهماالى ذروته حينما وقف السادات امام البرلمان ليعلن قرارات سبتمبر الغاضبه فى 8 بنود . 
 
ونص البند الثامن على ( الغاء القرار الجمهورى 2782 لسنه 71بتعيين البابا شنوده الثالث باباالاسكندريه وبطريرك الكرازة المرقسيه . وتشكيل لجنه للقيام بالمهام البابوية من خمسه منالاساقفة ) 
 
 وعلى الرغم من الرئيس السابق حسنى مبارك كان قد افرج عن كل المعتقلين بعد مقتل الرئيسالسادات . لكن قداسه البابا شنوده الثالث ترك فى حجزة بدير الانبا بيشوى حتى مارس 1985 . 
 
وخلال هذه الفترة من سبتمبر 81  وحتى خروج قداسه البابا من الدير فى سنه 85 عاشت الكنيسهفترة صعبه اذ ان بابا وبطريرك الكنيسه مبعد عن كرسيه لكنها كانت بالحقيقه فترة من الحفظالالهى ولكثير من المعجزات فى حياة قداسه البابا شنوده الثالث . بركته وشفاعته فلتشملناجميعا . 
 
 
 
اقدم لكم صوره لمثلث الرحمات  قداسه  البابا شنوده الثالث سنه 1984 على باب دير الانبا بيشوىوهو يودع  المرحوم الصحفى الاستاز مكرم محمد احمد  اثناء 
 
وجوده فى فتره التحفظ .