قداسه ابينا مثلث الطوبى والرحمات  البابا شنودة الثالث - عظة الأربعاء  8 سبتمبر 2010م

اعدها ونقلها لكم : مجدى سعدالله 
نحتفل كل عام في مثل هذا الوقت بعيد النيروز وهو رأس السنة القبطية (أول توت) أو عيدالشهداء. والأقباط جعلوا لأنفسهم تقويم خاص بهم هو التقويم القبطي أو تقويم الشهداء والذييبدأ بسنة 284م. وهي بداية عصر ديوقلديانوس الذي كان من أقسى عصور الاضطهاد التي مربها الأقباط.
 
مكانة الكنيسة'> الشهداء في الكنيسة:
 
والكنيسة تحب الشهداء وتحب الاستشهاد وإن كنا نحتفل بعيد الشهداء في (عيد النيروز ) فنحننحتفل بالشهداء في كل يوم تقريبًا.
 
 والشهداء لهم عندنا مقام كبير جدًا وتبنى الكنائس على أسمائهم والأديرة أيضًا على أسمائهموخصوصًا أديرة الراهبات.
 
دير أبو سيفين على اسم الشهيد مارقوريوس أبو سيفين.
 
ودير الأمير تادرس على اسم الشهيد الأمير تادرس.
 
ودير مارجرجس في مصر القديمة
 
ودير مارجرجس في حارة زويلة
 
ودير القديسة دميانة على اسم الشهيدة دميانة.
 
كلها أديرة على أسماء شهداء.
 
† فنحن نحب الشهداء ونحتفظ بأيقوناتهم ونقدس رفات أجسادهم ونسمي الكنائس بأسمائهم.
 
 استفانوس أول الشهداء:
 
† والاستشهاد في الكنيسة بدأ من أول نشأة الكنيسة.
 
 آخر شهيد في العهد القديم هو يوحنا المعمدان.
 
 وأول شهيد في العهد الجديد هو استفانوس الشماس.
 
واستفانوس الشماس نضع اسمه في المجمع قبل الآباء البطاركة. وقبل كثير من الرسل.
 
- الاستشهاد بدأ باستفانوس واستمر على مر الأيام:
 
† والاستشهاد بدأ في الكنيسة في العهد الجديد، من أول استفانوس واستمر على مدى العصورالمختلفة.
 
جميع الآباء الرسل أنهوا حياتهم بالاستشهاد ما عدا يوحنا الحبيب الذي تعذب عذابات فوقالوصف ولكنه لم يستشهد.
 
 الاستشهاد اكليل:
 
تصوروا محبة يسوع المسيح ليوحنا المعمدان عندما قال: 
 
: (لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ)  مت 11: 11
 
 
 
ومع ذلك أكرمه  الرب إكرامًا آخر بأن يكون شهيدًا.
 
كان يستطيع أن ينقذه بالموت ولكنه أعطى له بركة أن يكون شهيد.
 
الاستشهاد شمل الكل وليس الرسل فقط
 
 
 
 الاستشهاد شمل حتى من كانوا أعداء للمسيحية: لونجينوس الشهيد:
 
الذي طعن المسيح بالحربة صار شهيدًا في المسيحية وله يوم في السنكسار نذكره فيه ونحتفلبعيد استشهاده .
 
الشيهد أريانوس والي أنصنا:
 
 الذي كان أقسى ولاة مصر في عهد دقلديانوس، فقد كانوا عندما يحتاروا في شخص مسيحييسلموه لأريانوس.
 
 أريانوس هذا حدثت له معجزة وصار شهيدًا.
 
ونقول في الكنيسة ونقول في السنكسار في مثل هذا اليوم تعيد الكنيسة لتذكار القديسأريانوس والي أنصنا. نحتفل به مقدسي وشهيد فى المسيحيه . 
 
الاستشهاد شمل النساء والأطفال أيضًا:
 
والاستشهاد شمل أيضًا الأطفال والنساء. وليس فقط الرجال.
 
 نسمع عن الأم دولاجي وأولادها.
 
ونسمع عن الشهيدة يوليطا وابنها الشهيد قرياقوس.
 
 ونسمع عن الطفل أبانوب.
 
الاستشهاد شمل الكل وليس الرسل فقط.
 
الاستشهاد صار شهوة المؤمنين:
 
 الاستشهاد صار شهوة في وقت من الأوقات (شهوة الموت على اسم المسيح).
 
 فكانت طريقة تفكير المؤمنين هي: ما المشكلة في ضربة سيف ثم أجد نفسي في الملكوت معالمسيح؟! فهذا هو أقصر وأضمن الطرق المؤدية للسماء.
 
 لذلك في أقوال الآباء نجد كتب كثيرة موضوعها "الحث على الاستشهاد".
 
 أصبح الاستشهاد شهوة كما قال بولس الرسول:( لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَأَفْضَلُ جِدًّا )  في 1: 23
 
تاريخ الكنيسة هو تاريخ الشهداء  الاستشهاد بدءًا من العصر الروماني الأول والاستشهاد الذيتم على يد نيرون والذي استشهد في عصره  القديس بطرس والقديس بولس  إلى أواخر العصرالروماني في أيام دقلديانوس.
 
واستمر الأمر إلى سنة 313 م 
 
(هذا التاريخ هام يجب أن نحفظه جميعًا)، ففي سنة 313 م صدر قانون من قسطنطين الملكبالحرية الدينية.
 
 ولكن مع ذلك ومع الحرية الدينية استمر الاستشهاد والإرهاب الديني حتى بعد مجمعخلقيدونية.
 
وكثير من الآباء استشهدوا من اخوتهم المسيحيين المخالفين لهم في المذهب.
 
 والسيد المسيح لم يقل لتلاميذه أنهم عندما يؤمنوا به سيسيروا في طريق مفروش بالورود، بلقال لهم: "
 
(فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ )يو 16: 33
 
† وأيضًا في يو16  قال لهم: 
 
(تأتي ساعة وأتت الآن يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله ) وفي بعض الترجمات "يقدمقربان لله"، ونص الآية هو: (تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً للهِ )يو 16: 2
 
 
 
- القديس الشهيد يوليوس الأقفهصي:
 
كتب عن  الاستشهاد واعتبره  بركة 
 
نحن نشكر القديس يوليوس الأقفهصي الذي كان يكتب أسماء الشهداء وسيرتهم ويجمعأجسادهم.
 
† كان رجلًا قديسًا وحفظ لنا تاريخًا عظيمًا جدًا.
 
 
 
الشهداء هم من أعظم القديسين. أعظم من الرهبنة وأعظم من الكهنوت. لماذا؟ لأن السيد المسيحيقول "
 
(لا يوجد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه عن أحبائه) ونص الآية هو: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُمِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ)  يو15: 13
 
 
 
كل إنسان يجاهد ولكنه قد لا يصل للاستشهاد. فالاستشهاد هو أقصى جهاد يمكن أن يصل إليهالمؤمن.
 
† والاستشهاد أيضًا كان يسبقه عذابات كثيرة ولكن الله كان يعطي الشهداء القوة على الاحتمالحتى يوصلهم إلى أن يقدموا أنفسهم بسلام.
 
 
 
الاستشهاد دليل عمق الإيمان وعمق المحبة لله:
 
  المحبة التي يبذل فيها الإنسان نفسه.
 
والاستشهاد يدل على عمق الإيمان. وعمق الإيمان بالحياة الأخرى.
 
 لأن لولا الإيمان بالله والحياة الأخرى ما كان الإنسان يبذل حياته.
 
 والاستشهاد هو شهادة للدين، وهو أيضًا قدوة لكل الأجيال التي تبعت عصور الشهداء.
 
الكنيسة تعد أولادها للإستشهاد:
 
الكنيسة أعدت أولادها الشهداء أعدتهم بالإيمان الثابت.
 
 وأعدتهم بمجموعة من المدافعين عن الإيمان apologists، الذين كانوا يدافعوا عن الإيمان ويردواعلى كل كلام الوثنيين ضد الإيمان المسيحي.
 
وأعدتهم أيضًا بالزهد في العالم :
 
(لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ) يو1 2: 15
 
† وأعدتهم بعبارة ماران آثا Maranath (اليونانية: μαραν αθα)، أي الرب آت (ماران تعني ربنا وآثاتعني آت).
 
† والكنيسة أيضًا شجعتهم بالاهتمام بعائلاتهم.
 
 "أريد أن الجميع يكون بلا هم"
 
† نقطة هامة أريد أن تعرفوها هي:
 
عندما تكلم بولس الرسول عن عدم الزواج وقال: (أريد أن الجميع يكون بلا هم) 
 
لم يكن يقصد بكلمة "بلا هم" معنى "بلا زواج"، بل كان يقصد أن المتزوج – وخاصة أنه كان يتكلموهو في العصر الروماني- صعب عليه أن يدخل في حياة الاستشهاد لأنه يفكر في مصير امرأتهوأولاده، أي أنه يحمل هم امرأته وأولاده.
 
الرسول  بولس عندما يقول ( بلا هم ) يقصد بها "أنه حتى إذا جاءت ساعة الاستشهاد لا يكونلديكم من تحملوا هم مصيره".
 
هل عصر الشهداء   قد انتهى ؟ 
القديس أوغسطينوس تعرض لهذه النقطة حيث قال: "نفرض أن شخص يريد أن يصبح شهيد وقدانتهى عصر الاستشهاد فماذا يفعل". قال: "الذي له نفسية الشهيد يعتبر من الشهداء حتى لو لميستشهد". أي له نفسية الشهيد الذي لديه الاستعداد أن يبذل حياته. والذي لديه الإيمان القويوالثقة بالله. والذي عنده محبة العالم الآخر والإيمان به.
 
الكنيسة تقوت بالاستشهاد:
 
وأريد أن أقول أن الاستشهاد لم يضعف الكنيسة بل قوى الكنيسة.
 
† لذلك نقول أن الكنيسة بنيت على الدم وعلى الصمود وليس مجرد حياة رعوية فقط.
 
 كيف نستفيد من عيد النيروز
أما الآن ونحن في عيد الشهداء فليتنا نفكر ماذا نستفيد من عيد النيروز في حياتنا.
 
 نحن نقول أننا أبناء الشهداء. فكيف تكون لنا نفسية الشهداء الذين هم آبائنا؟
 
 كيف يكون لنا نفس مشاعرهم ونفس إيمانهم؟
 
† في بداية عام جديد للشهداء ليت كل واحد منا يفكر كيف يبدأ هذا العيد بداية طيبة. على الأقليكتسب فضيلة تنمو معه ويدرب نفسه عليها طوال العام.
 
بركه اباءنا الشهداء القديسين تشملنا جميعا