د. ماجد عزت إسرائيل
  منذ فجر التاريخ أدرك القدماء المصريون أهمية توصيل البحر الأحمر بالبحر المتوسط،عن طريق حفر مجرى مائى،ونجحوا إلى حد ما بطريق غير مباشر،عن طريق استخدام نهر النيـل في عهد ملك مصر "سنوسرت الثالث" وبعدها قامت العديد من الدراسات الجيولوجية للمنطقة، وتعددت بعض المشروعات في هذا الشأن،حتى عرض المهندس الفرنسى"ديلسبس" الفكرة على"ســعيد باشا" والي مصر (1854-1963م) فوافــق على مشروع قناة السويس الحالية،وهي التي تم حــفرها ما بين عام( 1959-1869م) حتى تم أفتتاحها للملاحة في 17 نوفمبر 1869م، وكانت من أهم العوامل لنشأة مدن القنال،ومن الطريف أن اسم مدينة (بورسعيد) نسبة لوالي مصر"سعيد باشا" وهـو الذي أصدار قرار الحفر،أما مدينة (الإسماعلية) فنسبة لخـــديو مصر "إسمــــاعيل"( 1863-1879)الذى قـــــام بإستكمال مشروع القنال حتى أفتتاحها للملاحة.

     ومع أفتتاح قناة السويس للمـــلاحة العالمية 1869م،زادت الأطماع الأستعمارية في منطقة مدن القنال،حتى نجحت بريطانيا العظمي في احتلال مصر عام( 1882م)،بسبب استغــلال هيمــــنتة على قناة السويس، وظلت في ذلك الأستغلال حتى جاءت ثورة (23 يوليو 1952م)،وتم تأمـــيم شركــة قـناة السويس وأصبحت شركة مساهمة مصرية.

  وبسبب ذلك التأميم جاء العدوان الثلاثي على مصر 1956م(إسرائيل وإنجلترا وفرنسا)،وقـــدم أهـالى مــدن القنال، وخاصة مـــدينة بورسعيد  صفحة مــــشرفة في تاريخ الدفاع عن هـــذه المدينة الباسلة( 23 ديسمبر 1956) ولا يـــزال يعرف بـ (عـــيد النصر)،وجـــاءت حرب النكسة في ( 5 يونيو 1967م)،بالخراب على ثلاثى مـــدن القنال التي قدمت العديد من الشهداء فـــداءً لمصر الحبيبة.وما بين عام (1969-1972) شهدت المنطقة حرب الأستنزاف،ونتيجه لذلك أجبر سكان المدن الثلاثة على الهـجرة الأجبارية،بل أن الغالبية العظمى رفضت ترك المدن من أجل الدفاع عنها،وهذا ما أكدته حرب(6 أكتوبر 1973م) وضرب أهل السويس مشهداُ تاريخياً آخر فى( 24 أكـــــتوبر1973م) بالدفاع عن هذه المدينة العريقة، وراح العديد من الشهداء،وخربت المدينة بالكامل، وطال هذا الخراب الجوامع والكنائس.

   وفي مشهد العبور نتذكر مدينة الأسماعلية التي شهدت ملحمة العبور العظيم، بتحطيم أكذوبة (خــــط بارليف الحصين)، بجهد وعرق أهالي المدنية،ملتحمــــا مع جيشنا الباسل على خط الدفـــاع الأول،وأصبحت مدن القنال عقب أنتهاء حرب أكتوبر 1973م،مــــدن دمار وأشبـاح وغربان تنهش جثث الشهداء من الجيش والأهــــالي  وتطلب الأمر بعد ذلك وقتاً طويلاً،حتى وصلت إلى ما هى علية الآن ..

    وبعــــد .. ألا تستحق مدن القنال منا جمعياً، تعظيم سلام على ما قدموه من شهداء؛ يخلدهم التاريخ يوما بعد يوم،علينا جمعياً تحكيم روح الحق والضمير، والبحث عن الــعدالة الغائبة نحو مدن الشهداء الباسلة في الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر1973 .