الإسكندرية – ايهاب رشدى 
أكد الدكتور مصطفي الفقي مدير مكتبة الاسكندرية أن الأديان براء من الجرائم التي ترتكب باسم الدين، وأن الحديث في الشأن العام مفتوح أمام الكافة طالما أن هناك التزاما بالوطنية المصرية، ولكن يظل الحديث في الدين للعلماء . 
 
جاء ذلك في افتتاح الحلقة النقاشية التي أقامتها مكتبة الاسكندرية بعنوان "مسئولية الحديث في الشأن العام (الإسلام والسياسة)"، وشارك فيها الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ونيافة الانبا أرميا رئيس المركز الثقافى القبطى ، وعدد كبير من العلماء، ورجال الدين، والمثقفين والإعلاميين.
 
وقد نبه الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية إلى ضرورة استخدام مصطلح "التأسلم السياسي" بدلا من "الإسلام السياسي"، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تحولت من دعوة تدعى أنها إسلامية، وتدعو إلى إحياء شعائر الإسلام في نفوس الناس، والتمسك بالقيم الإسلامية ومكارم الأخلاق إلى كابوس مزعج للأمة الإسلامية، والعالم بأسره. وشدد على أن الإخوان المسلمين، والجماعات التي خرجت من عباءتها، حولوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، وكل مرحلة مرت بها هذه الجماعات كانت أسوأ وأضل سبيلا من سابقتها.
 
وأضاف ان جماعات التأسلم السياسي توزع الأدوار فيما بينها، فهناك جماعة لنشر المفاهيم الجامدة واختصار الإسلام في مظاهر بعينها، وجماعة أخرى تتبني العنف، وجماعة ثالثة تشارك في الانتخابات، ولا غرض لها إلا مناهضة الدولة. واستطرد قائلا لعلنا نتذكر فتاوى التكفير، وغزوات الصناديق، ووصول المشروع المتأسلم إلى سدة الحكم، وفشل أصحاب هذا المشروع وهم في الحكم أن يغالبوا شهوة أسلوب الجماعة التي هي في وجدانهم فوق الدولة والمؤسسات وكل شيء، ولم يستطع هؤلاء أن يذوبوا في نسيج مصر وشعبها وحضارتها، ولم يعرفوا معنى المؤسسية والولاء للوطن، فأبت كرامة المصريين الشرفاء أن تنحدر مصر إلي هذا المنحدر، وهذا دليل على سلامة ونقاء وعظمة الشعب المصري. واختتم قائلا: سقط مشروع التأسلم السياسي، ولم يسقط الإسلام، وجميع شعائر الإٍسلام متجذرة في قلوب المسلمين، مصونة من إخواننا الأقباط، ونحن نقف صفا واحدا مع وطننا في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
 
وتناول الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافي القبطي مفهوم الشأن العام من زاوية مصالح البلاد، واللجوء إلى رأي المتخصص في مجال تخصصه. وأضاف أن الشأن العام يحتاج إلى بناء المواطن، واتاحة وسائل المعرفة من مصادرها الحقيقية، واحترام حقوق وحريات الأفراد، وغرس روح المواطنة، وإبراز الانجازات والمشروعات التي تتحقق، والتوعية بمخاطر الفكر المتطرف.
 
وقد تحدث في الحلقة النقاشية كوكبة من المفكرين والعلماء والشخصيات العامة، حيث أشارت الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية وعضو مجلس النواب إلى تكريم الله للإنسان، في الوقت الذي تستغله الجماعات التي تتخذ الدين ستارا لتحقيق مآرب سياسية.
 
ودعا الدكتور سعد الهلالي أستاذ الفقه المقارن إلى أهمية أن يشمل الخطاب الديني توقيرا للأديان، واحترام دين الآخر، والتحلي بروح المسئولية والمواطنة، ولفت الوزير السابق منير فخري عبد النور إلى أهمية أن يراعي الخطاب الديني الوحدة الوطنية سواء كان اسلاميا أو مسيحيا، وأشار الكاتب حلمي نمنم وزير الثقافة السابق إلى أن مشروع الإسلام السياسي غير قابل للنجاح والاستمرار، لأنه ينطوي على أفكار متناقضة وغير سوية، وتابع: أن الإخوان المسلمين هو نسخة من مذهب ولاية الفقية لدى الشيعة، حيث استبدلت المرشد بالفقيه.
 
ومن ناحية أخرى أكد الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية أن الدولة القومية الحديثة تقوم على الفصل بين الدين والدولة، وليس معاداة الدين، داعيا إلى تواصل أفضل مع أفراد المجتمع، ولاسيما الأجيال الشابة بهدف نقل أفكار التقدم والمواطنة والتسامح على نطاق واسع.
 
وقال الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن الشأن العام هو المظلة التي تندرج تحتها المصالح الخاصة، والرؤى الفردية، مشيرا إلي أن الأزهر يشارك في الشأن العام من خلال العديد من المبادرات منها بيت العائلة الذي يعزز ثقافة المواطنة، والعلاقات بين أبناء الوطن الواحد.
 
هذا وقد بدأت الحلقة النقاشية بعرض فيلم تسجيلي قصير عن جرائم جماعات الإسلام السياسي التي استهدفت مصر وشعبها.
 
ويعد هذا اللقاء ضمن مشروع "إعادة إحياء كتب التراث"، الذي تشرف عليه الدكتورة الشيماء الدمرداش العقالي، والذي سبق أن عقد ندوة عن العلاقة بين الدين والدولة نشرت أعمالها لاحقا في كتاب منذ عدة أشهر.