جمال رشدي يكتب
قام وفد رفيع المستوي من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية بقيادة قداسة ‏البابا تواضروس ‏يضم كلا من الأنبا دانيال مطران المعادي وسكرتير المجمع ‏المقدس، الأنبا بفنوتيوس مطران ‏ايباراشية سمالوط، الأنبا يوليوس الأسقف العام ‏لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، الراهب ‏القس كبرلس الأنبا بيشوي مدير مكتب ‏قداسة البابا بزيارة إلى الفاتيكان امتدت فاعلياتها من 10 إلى ‏‏15 مايو 2023 ‏الجاري. ‏

لن أتناول فاعليات الزيارة لان بالتأكيد الجميع يتابع ويطلع، لكن سأتناول أربع ‏أشياء وهما أولًا-مظاهر الحب والسلام والفرح التي ظهرت على الجميع أثناء ‏فاعليات الزيارة، ثانيًا – علاقة بطرس الرسول مؤسس كنيسة روما مع القديس مرقس مؤسس كنيسة الإسكندرية، ثالثًا – من هو الأنبا بفنوتيوس مطران ‏سمالوط المتواجد ضمن الوفد الكنسي المرافق لقداسة البابا تواضروس، رابعًا – ‏ما يفعله قداسة البابا تواضروس.‏

أولًا-ما حدث من مظاهر فرح وسعادة، هذا هو ثمار حضور الروح القدس الذي ‏يحل على أي تجمع باسم المحبة وهذا ما قال السيد المسيح لتلاميذه ورسله قبل ‏صعوده " سَلاماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلامِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. فَلا ‏تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ، وَلا تَرْتَعِبْ، قلت لكم أنا ذاهب وسأرجع اليكم " فذلك السلام الذي ‏تركه السيد المسيح للكنيسة ومن ثم للبشرية هو رسالة المسيحية في العالم وهذا ‏ما ذكره قداسة البابا تواضروس في كلمته «ننادى في كل العالم بالسلام الذي ‏يفوق كل عقل، مصلين أن يحل في كل الربوع وأن يكون أولوية القادة والشعوب»‏.

ثانيًا – علاقة بطرس الرسول مؤسس كنيسة روما مع القديس مرقس مؤسسة ‏كنيسة الإسكندرية بدأ «مار مَرقس» كرازته مع الرسل، فقد كرز أولاً مع «بطرس ‏الرسول» في أورُشليم، وبيت عَنْيا، واليهودية. ثم ذهب مع بولُس وبَرنابا ‏الرسولين في رحلتهما التبشيرية الأولى وبشر معهما في نواحي: سوريا وخاصة ‏أنطاكية، وسَلُوكية، وقبرص، وبافوس حتى وصل إلى بَرْجة بمقيليه، ثم فارقهما ‏هناك ورجع إلى أورُشليم (القدس). أمّا كرازة مار مرقس الأساسية فكانت في ‏أفريقيا: في الخمس المدن الغربية، والإسكندرية والأقاليم المصرية حيث أسس ‏‏«كرسي الإسكندرية» الذي امتد بعد استشهاده إلى النوبة والسودان وإثيوبيا. فقد ‏كان القديس مرقس يمت بصلة القرابة للرسول بطرس إذ كان والده ابن عم زوجته ‏أو ابن عمتها. ويمت بصلة قرابة لبرنابا الرسول بكونه ابن أخته (كو 4: 10)، أو ‏ابن عمه. وقد فتح بيته لعمل الفصح للسيد المسيح مع تلاميذه في العلية، وصار ‏من البيوت الشهيرة في تاريخ المسيحية المبكر ‏.

ثالثا - من هو الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط المتواجد ضمن الوفد الكنسي ‏المرافق لقداسة البابا ‏تواضروس، سمالوط هي مدينة تقع شمال محافظة المنيا ‏مباشرة وكانت تابعة لإيبارشية المنيا وفي عام 1976 تم استقلالها كأيباراشية ‏وتم سيامة المطران الأنبا بفنوتيوس عليها كأسقف حينذاك، ومثلها مثل كل مدن ‏الصعيد كانت تعيش تحت الجهل والفقر المدقق والان أصبحت أيقونة للكنيسة ‏المصرية ومرتكز للتنمية المستدامة في كل بقاع الأرض المصرية ومن لا يعرف ‏الأنبا بفنوتيوس هو الرجل الوحيد الذي وقف بالمرصاد ضد ثقافة الدروشة ‏والفريسية والتجميد وصرخ صرخة كبيرة في وجه من كانوا قائمين علي امر ‏الكنيسة عن طريق كتبه وأفكاره، وبعد مرور عشرات السنوات ايقن الجميع أن ‏هذا الرجل كان يستبق استقراء الرؤية والأحداث ، فانا احد أبنائه واعلم مكونات ‏الرجل العلمية والعملية والروحية والإنسانية التي تؤهله أن يكون صورة مشرفة ‏للكنيسة المصرية في أي فاعليات خارجية.‏

رابعًا – ما يفعله قداسة البابا تواضروس، هذا الرجل تسلم موروث متجمد صلب ‏قوي داخل دائرة محكمة الغلق بداخلها الكنيسة، وقد واجه مقاومة شرسة للغاية ‏لترهيبه وتخويفه من التفكير للقدوم علي فك طلاسم مغاليق تلك الدائرة ، ورغم ‏انه كان وحيدًا أيضًا ولم يكن معه إلا القلائل من أباء الكنيسة، إلا أن الرجل ‏المتسلح بسلاح المحبة والسلام والممسوح بهم من المسيح قرر أن يقول أن ‏المعركة للرب وليس لي وهكذا بدأت مغاليق الدائرة تفتح وتنتقل كنيسة ‏الإسكندرية من مرحلة الثبات إلي مرحلة الحركة داخل المسكونة لتعلن عن ‏كرازتها لمحبة المسيح والوطن، فما يقوم به قداسة البابا تواضروس هام للغاية ‏للوطن في تلك المرحلة وهو تأثير الثقافة الناعمة للكنيسة المصرية في الأحداث ‏العالمية. ‏
نقلا عن الوفد