نادر شكرى
منذ ايام اتابع أزمة اختفاء الفتاة القبطية الدكتورة سالي نسيم من مركز كوم أمبو ، وتعمل بمستشفى أسوان ، وهى طبيبة بشرية ، وتداول البعض إشهارها للإسلام ، وهو لها مطلق الحرية فى اختيار ما تشاء ان كان الامر يتعلق بالفعل بفهمها الصحيح للأمور الدينية ، وتحقيق رغبتها فى اعتناق ما تشاء ، ولكن الحقيقة الأمر مختلف ومعتاد فى حالات كثيرة ، سبق ونشرنا عنها عن فتيات يعلن إشهار إسلامهن ، من خلال مقاطع فيديو يتم بثها على السوشيال ميديا ، ولدي الكثير من هذه النماذج ، ثم ايام وربما ساعات من بثها للفيديو ، تعود الفتاة لحضن أسرتها وتعيش حياتها بسلام ،وتعتبر ما حدث خطأ وضعف مرت به، مع تدخلات من قبل أطراف متطرفة تعمل على هذا الخط بهدف اثارة الفتنة الطائفية ، او تربح المال .

وقضية سالي نسيم قضية يجب الوقوف أمامها ، سالي نسيم 30 عامًا هى من عائلة كبيرة بمدينة أسوان ، وتجد كل الاهتمام والحب ، وهى طبيبة ناجحة ، تعمل بمستشفى أسوان ، وكمثل غيرها من القبطيات فهي هدف من قبل اصحاب القلوب المملوء بالشر والكراهية للآخر ، وهو ما يظهر معاناة القبطية فى عملها مثل ما حدث من قبل مع حالات كثيرة ، كانت تعمل سواء فى المنوفية وبنى سويف والمنيا ، وتم رسم الخيوط حولها ، بفكر انها غنيمة ، تلتف ، حولها  بهدف استدراج عقلها ، بللعب على أوتار ونقاط ضعفها ، فكنت أشاهد فى أماكن عمل كثيرة كيف يتم النظر  الى القبطية التى تعمل معهم بعض هذه التيارات المتطرفة ، ويكفى ما شهدناه على الهواء  ، للمذيعة  نجلاء الشرشابي ، عندما احرجت ضيفتها القبطية خبيرة التغذية ساندرا مكاري ، هي تطالبها بنطق الشهادتين ، بشكل أثار غضب الجميع ، ويكشف مدى ما تحمله القلوب من مشاعر لا تتقبل الآخر كما هو .

ولذا كانت سالي نسيم قريبة من الكنيسة ، وهى من عائلة مرتبطة بالكنيسة ، وتم اعادة نشر بوستات لها وهى تكشف مدى الارتباط بالكنيسة بنشرها آيات وتراتيل ، حتى انه قبل الاختفاء ، حسب حديث أسرتها ذهب للكنيسة لنوال الأسرار المقدسة قبل سفرها للقاهرة ف  20 مايو الماضى لحضور مؤتمر طبي ، وبعدها اختفت الفتاة ، وتم نشر أوراق تفيد تغيير ديانتها .

ومن خلال هذا الملف الذى أصبح يشكل خطرً حقيقيًا على الوطن ، ويستخدم من قبل تيارات تهدف للعبث بسلامة المجتمع والتعايش المشترك ، نؤكد ان الأمر ليس متعلق بالدين ، وليس الهدف تغيير الديانة ، وهذا من خلال عشرات الحالات السابقة التى ظهرت واعلنت اسلامها على الهواء ، ثم ما لبثت وعادت سريعا وكانت مجرد لحظة ضعف لوجود أزمة او مشكلة أسرية ، او استغلال لنقطة ضعف ، او لارتباط عاطفي ، مما يؤكد أن الدين بريء من هذه التصرفات ، التى يروج لها التيار المتطرف بهدف اشعال الفتنة الطائفية لاسيما ، انه يركز فى اختياراته على أبناء العائلات الكبيرة والمؤثرة ، من أجل تحقيق هدفه بتحويل الساحة لمناخ من التراشق والكراهية .

سالي نسيم فتاة ، ربما تم استغلال وجودها فى العمل بمفردها كقبطية  ، من أجل استدراجها بطرق، ما اسهلها فى ظل ما نشاهده من استغلال الكتروني ، وانهيار القيم والأصول ، لتحقيق هذا التيار لهدفه ، بمحاول تأجيج المشاعر بزيادة هذه الحالات فى الفترة الأخيرة ، ومنها فتيات قاصرات لا يتعدي عمرهن ال 13 عاما وكانت اخرهم فتاة بنفس المركز كوم أمبو مريم حافظ والتى عادت مؤخرا، وهو ما يكشف حقيقة هذه التيارات التى تريد اللعب بمقدرات هذا الوطن ،رغم ما تبذله الأجهزة الأمنية من جهود لتحقيق السلام المجتمعي والتحقيق فى الحالات المختلفة .

لا تسمحوا بإحراق الوطن من قبل هذه التيارات ، فالقضية ليست متعلقة بالدين ، مهما خرجت هذه الفتاة التى كانت تمارس شعائرها المسيحية لاخر لحظة  قبل الأختفاء، ولم تأتى فى يوم لسؤال أى كاهن بالكنيسة بشأن أمور تشكك فى عقيدتها ، وهذا أمر طبيعيًا، اذا ما رأت وبحثت أن هناك شكوك حول عقيدتها لذهبت وسألت قبل اتخاذ قرارها .

 فعلينا ان ندرك أن المستهدف من هذه الأحداث هو الوطن ، وعلينا التصدى لهذا الأمر ويجب ان يتم احضار سالي وعزلها لأيام  فى مكان محايد ،وجلوس اسرتها وكاهن الكنيسة معها للوقوف على الحقيقة ، وايضا معرفة وملابسات ما حدث لها ، لاسيما ان هناك اشخاص معروفين بالعمل فى هذه الحالات ويتبربح من هذه الأمور يتصدر المشهد الآ،، وسبق تصدره فى مشهد سيدة بنى سويف .

ويبقى الحل الجذري لهذه القضية التى تهدد سلامة الأسر القبطية وتزعزع العلاقات والتعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد ، بضرورة وجود تقنين وقواعد منظمة ، كبديل لجلسات النصح والإرشاد الديني الذى كانت تطبق قبل عام 2004 ، والتى تم الغائها من قبل وزارة الداخلية ، فيمكن تأسيس لجان مشتركة تضم المجلس القومي للمرأة ، والمجلس القومي لحقوق الانسان ، ورجال من الدين المسيحي والأسلامي ، وأطباء نفسيين ، لمناقشة أى حالة تبدي الرغبة فى تغيير الديانة ، حتى نتصدى لاستغلال الدين فى حالات قد تقف وراءه عمليات مشبوهة ، ونقطع الشك ، حول مخاوف الأسر بوجود ضغوط أو إكراه ضد الفتيات القبطيات .
 
ونجدد مطالب الاقباط باسوان ومطالب الكنيسة بسرعة تدخل فخامة الرئيس لانقاذ الأوضاع قبل اشعال شرارة الكراهية واستغلال الحادث فى اثارة الفتنة من قبل التيارات المتطرفة التى تحاول استغلال هذه الورقة لتهديد وحدة المجتمع ولاسيما مع ذكري 30 يونيو وقرب ذكري فض احداث رابعة .