جمال رشدي يكتب ‏
كلاكت الأف المرات، هكذا مشهد اختفاء القبطيات على مسرح الأحداث خلال ‏العقود الست الأخيرة من تاريخ الوطن، ورغم سخافة ذلك المشهد وخطورته علي ‏امن واستقرار الوطن، إلا أن المخرج والمنتج ما زالوا مصرين ‏على استخدام نفس السيناريو في اخراج المشاهد.‏

سأكتب هذا المقال أنا المواطن القبطي، وسأعرض فيه الأسباب  ‏وخطوات العلاج ، سأكتب بكل وضوح وشفافية رغم حساسية تلك القضية التي ‏يهرب الجميع منها ويمتنع أن يكتب عنها، ولكن من اجل الوطن مصر ‏وسلامته وأمنه سنكتب.

توجد خطة ممنهجة وقوية قد بدأت من عند نظام حكم السادات تهدف إلى تغيير ‏كامل لمركبات الهوية المصرية التي تمثل القوة الصلبة والضاربة التي تحطمت ‏عليها كل محاولات الأخرين عبر كل تاريخنا لضرب استقرار مصر، والأحداث ‏الطائفية ومنها ظاهرة اختفاء القبطيات هي أحد أدوات ذلك التغيير الذي قطع شوطًا كبيرًا ‏داخل مكونات الشخصية المصرية.‏

تلك الظاهرة أصبحت واقع متكرر له أبعاد كثيرة ومسببات ودوافع متنوعة، ‏فالاختفاء لا يتم كجريمة اختطاف جنائية كما يذهب البعض، بل هناك طرق أخري ‏تتنوع بتنوع التغييرات الثقافية الزمنية ومنها في الوقت الحالي شبكات الكترونية ‏تمول وتنشر وتثير، فالاختطاف هنا هو اختطاف ذهني في الغالب يكون عاطفي ‏لأسباب تتعلق بمشاكل أسرية أو عائلية تكون الضحية تحت ضغوطات معيشية لا ‏تحتمل ، وعندها يتم  رمي شبكة صيد عاطفية معدة مسبقا ‏عليها كطوق نجاه لها، ويتم جرها ومن ثم اختفائها، ومع السبب العاطفي هناك  البعد الروحي الإيماني والمتمثل في ضعف مكون شخصية رجل الدين الثقافية في ذلك الاتجاه.
‏ ‏
وبعد اصطيادها  يأتي دور الكتائب الإلكترونية التي هي جزء من ذلك المخطط لإدارة الحدث ‏بشكل طائفي على مواقع التواصل الاجتماعي،  ليثير تفاعل المتطرفين والمغيبون من الجانبين بضرورة رجوع أو ‏حماية ما قامت به المختفية انتصارًا للدين والعقيدة مع أن ما حدث لا علاقة له ‏بذلك، وفي كل ما يحدث تتحمل الأجهزة الأمنية الحمل الكبير في تلك القضايا ‏ويتهمها كل طرف بتحاملها أو تجاملها مع ذاك أو هذا، رغم أنى أري أن ذلك ‏الجهاز يتعامل بكل حكمة وحنكة  ويتحمل الكثير على عاتقه للتعامل مع تلك القضايا حفاظًا علي امن واستقرار الوطن.‏

وفي كل الأحوال تتحمل أجهزة الدولة المسئولية كاملًا لأنها مسئولة عن وضع ‏استراتيجية عمل حقيقية تعالج بها مثل تلك القضايا الحساسة التي تمس امن ‏الوطن، وعلي الجانب الأخر لابد أن تقوم الكنيسة المصرية بالنظر من منظور ‏اجتماعي إلي تلك القضايا ووضع استراتيجية عمل حقيقية لسرعة البت فيها، عن ‏طريق سرعة إصدار لائحة أحوال شخصية تربط ما بين هو كتابي واجتماعي علي ‏أن تشكل لجان داخل كل ايباراشية من رجال دين وشخصيات مدنية متخصصة ‏وعامة يكون دورها التعاطي والبت النهائي في كل ملفات قضايا الأحوال الشخصية ‏في غضون ثلاثون يوم من بدء تقديم الملف وذلك هو جزء كبير من معالجة تلك ‏القضية.، والأهم عند اختيار رجل الدين لابد أن تتوفر فيه مكونات شخصية وثقافية متنوعة ما بين عقائدية واجتماعية، ولا بأس من حصوله على عدة كرسات قبل السيامة تؤهله لاداء دوره الخدمي في وسط ثقافة الانفتاح الإلكتروني التي اختطفت الانسان.
‏ ‏
أما مؤسسات الدولة فلابد أن تغير نهجها المستمر منذ نظام حكم السادات، والقائم ‏علي " فرق ، تسود " فجانب مخطط تغيير الهوية هناك توجه آخر قد ترسخ ‏خلال أنظمة الحكم السابقة بأن تلك القضايا تخدم أنظمة الحكم عن طريق الإلهاء ‏والتفرقة، بعيد عن المشاكل الحقيقة التي تواجه المواطن ،  فأصبح ترميم حمام كنيسة أو رجوع قبطية مختفية هو أخر أماني الأقباط، ويبعدهم كثيرا عن إمكانية مطلباتهم بكامل حقوقهم الوطنية الهامة ، هكذا تعمل أنظمة الحكم داخل مخطط تغيير الهوية وأضعاف تأثير المكون القبطي ‏داخل الهوية المصرية.‏

ولكن المعالجة الحقيقية من الدولة لابد أن تقوم علي استراتيجية عمل حقيقية ‏تتمثل في ضرب كل الشبكات التي تعمل وتسمسر بتلك القضية ، مع وضع اليه عمل قانونية معترف بها عبارة عن لجنة تتكون من حكماء ‏ولا بأس من وجود رجال دين مشهود لهم بالحيادية والوطنية  لتكون الملجأ لمن ‏يريد أن يغير معتقده " لها افرع في كل محافظة "، وكل من يذهب بعيدا عن تلك ‏اللجنة ويشهر تغيير معتقده، يقع تحت طائلة القانون بانه يهدد الأمن المجتمعي ‏عن طريق نشر القتنة الطائفية، وبذلك يتم قطع الطريق على المخطط وكل وأدواته وتشابكاته هكذا تكون بداية المعالجة الحقيقية.

gamalroushdi@gmail.com