الاب جون جبريال
تطوّرت الأزمة عندما ألقى كاهن محلّي تابع لنسطور، اسمه أناستاسيوس، في ٢٢ نوفمبر ٤٢٨م، عظةً اعترض فيها على استخدام لقب ثيؤوتوكوس ("والدة الإله (الله)") كما يُطلق على مريم. شعر الكثيرون بالتشكّك، لأنّ هذا المصطلح كان مُستَخدَمًا منذ فترة طويلة. أمّا نسطور، الذي كان قد أعربَ عن شكوكه في هذا الموضوع، فقد ساند أنستاسيوسَ وبدأ في يوم عيد الميلاد سلسلةً من الخطب التي تجادل بأنّ مريم ليست والدة الله. حَسِبَ نسطوريوس أنّ مصطلح "والدة الإله" كما يُطلَق على مريم، لم يُصَغ بعناية، فإنّه يهدم إنسانيّة المسيح الكاملة. بدا لكثيرٍ من الناس أن نسطور نفسه كان ينكر ألوهيّة المسيح ويعدّه مجرد إنسانٍ تبنّاه الله ابنًا له. في الجدل الناتج عن ذلك، وجد خصومُ نسطور حليفًا في القدّيس كيرلّس، أسقف الإسكندرية، الذي أدّى تدخُّله إلى سلسلة من الأحداث التي أدّت في النهاية إلى سقوط نسطور.

كان دافع كيرلس ذا شقّين. كان يعتقد كيرلّس بصدقٍ أنّ نسطور كان يهدم نقاوة الإيمان؛ فرفضُ نسطور أن يصف مريم بأنّها والدة الإله بدا لكيرلّس أنّه ينكر وحدة الإله-الإنسان. وبصفته أسقفًا للإسكندرية، كان كيرلّس حريصًا أيضًا على التقليل من شأن كرسي القسطنطينيّة المنافس، كما فعل سلفه المباشر، ثيئوفيلوس، في قضيّة القديس يوحنا الذهبي الفم. وهكذا خُلِطَ  بين الاعتبارات اللاهوتية والسياسية.

ناشد كلٌّ من الطرفين البابا سلستين الأوّل، الذي كان قد شعر بالإهانة من عدم لباقة نسطور. وفي أغسطس ٤٣٠، عقد سلستين مجمعًا كنسيًّا في روما قرّر فيه أن الخريستولوجيا الصحيحة تتطلّب استخدام مصطلح "والدة الإله" وطلب من نسطور أن يتبرّأ من أخطائه. وعندما أصدر كيرلس، الذي كان مخوّلًا بتنفيذ الحكم على نسطور، سلسلةً من الحرمانات الاستفزازية ليمثل إلي تعاليمها أو يواجه الحرمان الكنسي، شعر نسطور وحلفاؤه بالقلق، وأقنعَ الإمبراطور ثيئودوسيوس بعقد مجمعٍ كنسيّ عام. كان أمل نسطور أن يسفر المجمع عن إدانة كيرلس. ولكن عندما انعقد المجمع في أفسس عام ٤٣١، وجد نسطور نفسه في موقفٍ ميؤوسٍ منه أمام كيرلّس.

أُدينت تعاليم نسطور، وعُزل هو نفسه من كرسيه. أُجبر ثيئودوسيوس على التصديق على هذه القرارات، ونُفي نسطور إلى ديره السابق بالقرب من أنطاكية. بعد أن قبع هناك في المنفى لمدة أربع سنوات (٤٣١-٤٣٥)، نُقل إلى الواحة الكبرى (واحة الخارجة الآن) في الصحراء الليبيّة حوالي عام ٤٣٦، ثمّ نُقل بعد ذلك إلى بانوبوليس في صعيد مصر. وخلال فترة نفيه كتبَ "كتاب هرقليدس الدمشقي" الذي كان يقصد من خلاله الدفاع عن تعاليمه وتاريخ حياته. وهي الرسالة الوحيدة التي بقيتْ من كتاباته كلّها، وقد  اكتُشفت عام ١٨٩٥، في ترجمةٍ سريانيّة. توفّي نسطور في بانوبوليس حوالي عام ٤٥١ مدافعًا عن أرثوذكسيته (استقامة إيمانه).............

....ومع ذلك، فمن المشكوك فيه ما إذا كان نسطور نفسه قد علّم أو كان ينوي تعليم البدعة التي سُمِّيت باسمه. في الواقع، لقد تبرّأ من مثل هذه الآراء، وكانت هجمات كيرلس عليه مبنيةً على سوء فهم. والحقيقة هي أن نسطور أكّد مرارًا وتكرارًا على الوَحدة الكاملة للمسيح المتجسّد، وأنكر أي اقتراح بوجود أقنومين موجودين جنبًا إلى جنب في جوهره. يمكن فهم نسطور بشكلٍ أفضل على أنه كان ضحيةَ شخصيّته المتعصّبة وخطابه الاستفزازيّ الفظّ، وأنّه كان الخاسر في إحدى المنافسات بين الكراسي الأسقفيّة (البطريركيّة) الكبرى التي كانت سمةً من سمات ذلك العصر.
ترجمتي عن الموسوعة البريطانيّة، لقراءة الموضوع بالكامل:
https://www.britannica.com/biography/Nestorius