شريف منصور
البوست ده انا ترددت اوي ان اكتبه لأسباب كثيرة نظرآ لحساسيته رغم خطورته و اهميته و المعاني اللي حنستخرجها منه و اعتقد انه لاول مرة يتطرق اليها في الفيسبوك العربي .. في النهاية قررت اني اكتبه و الأرزاق علي الله ...
 
 
اول سؤال ماهي الجينيزا ؟ دي كتابات و مخطوطات علي اوراق قديمة من الرق او البردي او الجلود كانت تستعمل قديما للكتابة عليها .. هذه الاوراق البالغة الاهمية تبدأ زمنيآ منذ احتلال عرب الجزيرة العربية مصر حتي آخر عصور المماليك و هذه فترات في غاية الاهمية و غاية الغموض ايضآ فلكي نعرف اهمية تلك الاوراق فنحن لا نملك الا كتاب او مخطوطة واحدة معاصرة او تذكر بعض وقائع غزو قبائل العرب و احتلال العرب مصر و وصلت لنا من اثيوبيا مكتوبة بالامهرية (ساويرس بن المقفع)  .. العرب او الذين اصبحوا حكام مصر بعد انتصارهم علي البيزنطيين او الدولة الرومانية الشرقية اللي كانت محتلة مصر لعدة قرون استمروا في استعمال كل هذه الثروة العلمية التاريخية المكتوبة بلغات لا يعرفوها و لا يفهموها و يؤمنون انها نوع من الكفر  استعملوا هذه المخطوطات الثمينة في تسخين مياه الحمامات الرومانية اللي كانت منتشرة جدا في مصر اسكندرية او مايطلق عليه الان مصر العتيقة او القديمة اللي اصبحت الفسطاط و تم حرق كل المخطوطات و الكتب الموجودة في المكتبات او التي تبقت في المكتبات سواء مكتبة اسكندرية او مكتبة الفاطميين الكبري في القاهرة و احرقها صلاح الدين الايوبي التي جمعوا فيها ماتبقي من المخطوطات التي نجت من الحرق منذ بدأ احتلال العرب حتي وصول اول خليفة فاطمي اتوا من الغرب عبر شمال افريقيا و بالمناسبة هذا اول غزو لمصر من الغرب كل الغزوات الآخري عبر تاريخنا الطويل أتت من الشرق عبر صحراء شبه جزيرة سيناء و اسسوا الدولة الفاطمية الشيعية في ٥ يناير ٩٠٩ ميلادية و هم للحقيقة من حولوا مصر للأسلام و هذه حكاية آخري ..
 
معلش مقدمة طويلة شوية سامحوني و يتبقي سؤال آخر لماذا احتفظ اليهود المصريين عبر قرون طويلة بهذه الاوراق و وثائق البيع و الشراء و عقود الزواج و الخطابات الخاصة و الرسمية و كل ماسجلوه و مكتبوه في حياتهم العملية و لم يعيدوا استعماله في الكتابة او تسجيل العقود  خصوصا ان الورق او الرقوق كانت سلعة غالية جدا او يحرقوه للحصول علي طاقة او الطبخ او تسخين المياه في عصر قبل النفط و في بلاد محاطة بصحاري و ليس فيها غابات فالحطب و خشب الاشجار قليل و لماذا لم يطبخوا بها و يسخنون الماء كما فعل العرب  .. الاجابة ببساطة لأن هذه الاوراق كان مكتوب فيها اسم الله او ياهو او ادوناي او هو او الوهيم و هي اسماء مقدسة للذات العليا عند اليهود او مكتوب فيها ايات من التوراة  فهم كيهود متدينون جدا فكانوا في كل عقودهم توجد صيغة او اكثر دينية و هم طبعا لا يحرقون و لا يزيلون لاعادة استخدام اي كلمة دينية مقدسة عندهم لذلك يدفنوها او يحفظوها في سراديب  رغم انتفاء فائدتها و انتهاء اهميتها بمرور الزمن لذلك هي وصلت الينا او علي الاصح وصلت اغلبها لمراكز الدراسات التاريخية الاوروبية خاصة لندن قبل ان نكتشف نحن اهميتها لتاريخنا و بلدنا  عملية التهريب بدأت منذ القرن التاسع عشر عندما تم اكتشاف اولها في معبد بن عزرا ...
 
اخيرآ المهم انا منزل البوست علشان بعض الحقائق التاريخية الجديدة علينا رغم خطورة اهميتها القصوي و ماترتب عليها و نعيشه الآن 
اولآ : نعرف من الجينيزا ان اول من كتب قائمة للزواج بعد دخول الاسلام مصر يوقعها العريس بقيمة مادية كما لو كانت وصل امانة هم اليهود و اذا بددها كان يحبس بحكم القاضي كما لو كان وقع علي قرض و بدده و رفض تسديده و الحقيقة ان اغلب القوائم التي اكتشفت في الجينيزا كانت ليهوديات تزوجوا رجال مسلمين او بالدقة اقباط اسلموا في القرون الاولي للاحتلال و ممكن اهل العرائس اليهود نظرا لسهولة الطلاق الذي اصبح في الأسلام الدين الجديد وقتها بمجرد كلمة غالبا او سهولة تعدد الزوجات و اكتراء الجواري بعد زيادتهم زيادة رهيبة بعد الغزوات و السبي و الذي منه لأنه لم يكتشف قائمة زواج لعريس يهودي تزوج يهودية مثله ... فاليهود بذكائهم الحاد اكتشفوا مبكرآ جدآ ان الزوج او الرجل في الأسلام له حقوق كبيرة جدآ و المرأة في وضع اضعف كثيرآ و اسفل جدآ و انه لا ندية بينهما في الشريعة  و سهولة ان يتخلص منها الزوج فحاولوا تقوية موقفها قليلآ بالقايمة او قائمة الزواج حتي يفكر مرتين قبل ان يطلقها و هي فكرة عبقرية حقآ و نلاحظ ايضا ان القايمة وجدت في الجينيزا اليهودية عند اهل العروس اليهود و لم يعطوها للزوج المسلم او اهله كما يحدث الآن تمامآ بين الازواج المسلمين ..
 
ثانيآ : نكتشف ان هناك زيادة كبيرة جدا في حالات زواج المصريين المسلمين او بالأدق الأقباط المسلمين باليهوديات مع ملاحظة جوهرية ان المصريين الاقباط  و قبل دخول الاسلام مصر و قبل الأسلمة طبعآ  لم يتزوجوا ابدا يهوديات و لم يتصاهروا مع اليهود ابدآ .. 
 
 ثالثآ : قد يتسائل البعض يعني كام مسلم اتزوج يهودية و يظن ان عدد اليهود المصريين وقتها قليل جدا بالنسبة لتعداد السكان فهذا لا يشكل اي ظاهرة تاريخية يعتمد عليها .. الحقيفة هذا غير صحيح .. اليهود في العصور البطلمية و الرومانية كانوا يشكلون نسبة ليست صغيرة من تعداد المصريين فاليهود كانوا أكبر اقلية دينية و عرقية في مصر  قد يصلوا لمليون او اكثر من تعداد مصر الذي كان عدة ملايين لا تتجاوز العشرة ..  الاسكندرية وحدها كان حوالي ربع سكانها يهود و هي اكبر مدينه مصرية في عدد السكان و كانت العاصمة في القرون التي سبقت الاسلام  و اسوان اقصي الجنوب كان عدد اليهود فيها كبير و كانت جزيرة الفانتين لا يقطنها الا يهود و بعض اهم الوثائق العبرية عثر عليها في اسوان بالذات و كل مدن مصر كان فيها يهود مصريين و اليهود زادوا جدا في مصر خاصة بعد تدمير معبد سليمان عام ٧٠ ميلادية بواسط الرومان و المذابح المتتالية ضدهم في فلسطين التي قام بها الرومان ايضا نظرا لثوراتهم المتكررة للخلاص من الاحتلال الروماني و طبعا اقرب مكان يهربوا اليه و يلجأوا له هو مصر ارض اللبن و العسل كما وصفها التوراة و كما فعلوا من قبل ايام النبي يوسف  ... اذا فنحن نتكلم عن تغيير جوهري متزايد عبر القرون في جينات المصريين بزيادة المصاهرة بين الجنسين السامي العبراني و المصري الحامي في بحث حديث اوائل الالفينات لناشيونال جيوجرافيك تجدوه علي الفيسبوك وجدوا ان ثالث مكون للدم المصري او جينات المصريين بعد قدماء المصريين في المرتبة الاول ثم جينات العرب ثم جينات اليهود  
 
ثالثا : اليهود المصريين و هذه معلومة فائقة الاهمية كانوا ينظرون للاسلام الدين الجديد الناشئ وقتها انه ليس فقط اقرب لهم كثيرآ من المسيحية التي انتشرت في مصر قبل دخول الأسلام بل ربما نظروا الي الاسلام في نشأته انه نوع ما من عقيدتهم او طائفة جديدة من اليهودية  لذلك اليهود لم يصاهروا ابدا الاقباط المسيحيين انما صاهروا الاقباط المسلمين او المتأسلمين و زوجوهم بناتهم برضاهم و هذا لم يحدث في تاريخ اليهود كله انهم تصاهروا و مزجوا دمهم مع اصحاب عقائد آخري او حتي اجناس مختلفة عن جنسهم السامي العبراني ..
 
كما نعرف ايضا ان الاقباط (و كلمة قبطي يعني مصري بالمناسبة) الذين دفعوا الجزية و قدروا ان يدفعوها و ظلوا مسيحيين لم يصاهروا اليهود ابدآ و لم تندمج جيناتهم المصرية الأصلية مع جينات اليهود السامية العبرانية عكس الاقباط المسلمين (  المصريين الذين اسلموا) و الذين يشكلون اغلبية المصريين المعاصرين الآن ..
 
رابعآ : و هناك استنتاج أخير و مهم للجينيزا اذا كان اغلب الاقباط المسيحيين اسلموا بسبب الجزية (ظلوا يدفعونها منذ فرضها عليهم عمرو بن العاص في القرن السادس الميلادي عام غزا مصر عام ٦٤٠ و تمكن من احتلالها و السيطرة عليها و فرض الجزية او الأسلام علي الأقباط في عام ٦٤٢  ميلادية حتي ألغاها الوالي سعيد باشا في القرن التاسع عشر عام ١٨٥٥ يدفعونها حتي علي الأطفال و بعض الولاة دفعوهم جزية حتي علي الموتي من اسرهم (من هنا ظهر مثل موت و خراب ديار )  و رغم ان الجزية لعبت دورآ محوريآ في الأسراع لحركة الأسلمة و التأسلم عبر القرون و أن يصبح الأقباط المسلمين هم الأغلبية الآن فأن اغلب اليهود المصريين اسلموا بالمصاهرة و تزويج بناتهم للاقباط المسلمين و طبعا بالتالي اطفال و ابناء هؤلاء اليهوديات نشأوا مسلمين يضاف لأغلبية متزايدة مسلمة و هذا مايفسر  لغز الانخفاض الشديد في عدد اليهود المصريين بين دخول الاسلام مصر و بين بداية العصور الحديثة و عصر محمد علي  فطبعا مشكلة دفع الجزية كانت نادرة عند اليهود الذين هم داهقنة المال و الذهب و الفضة و التجارة و الصرافة. و هم غالبيتهم اغنياء اصلآ  او علي الاقل اغلبهم مستريحين ماديآ و لم تقابلهم صعوبة القدرة علي دفع الجزية لقلة المال و الفقر التي واجهت أغلب الاقباط في العصور الاسلامية من الفلاحين و الطبقات الدنيا و حتي المتوسطة في حالات الجور و زيادة الجزية من بعض الولاة ...
ملحوظة اخيرة طريفة في أحد افلام توجو مزراحي في الثلاثينات .. شالوم المصري اليهودي في الحقيقة و في الفيلم ايضآ  احضر صديقه احمد المسلم ليتزوج اخته و تقبلته اسرة شالوم امه و ابوه اليهود طبعآ بالترحاب و القبول و لم يعترضوا انه مسلم ...
 
ملحوظة ثانية اوراق و مخطوطات الجينيزا مكتوب اما باللغة العبرية القديمة او بلغتين عبرية و عربية معآ او كلمات عربية مكتوبة بحروف عبرية و موجود القليل منها باللغة القبطية مع العبرية او العربية ...
انا عارف ان البوست طويل شوية سامحوني بس صدقوني هو في منتهي الأهمية و الخطورة .
دي صورة قائمة زواج لعروسة مصرية يهودية وزوجها مصري مسلم من القرن الثاني عشر الميلادي