Amelia Edwards
( 1831- 1892 )
إعداد/ ماجد كامل
تعتبر الروائية والرحالة الانجليزية الشهيرة "اميليا ادوردز " واحدة من أهم الرحالة الذين قدموا خدمة جليلة لعلم المصريات Egyptology إذ ساهمت بأموالها في تأسيس كرسي علم المصريات في جامعة أكسفورد ؛ كما كتبت بالغ الأهمية  عن رحلتها إلي مصر بعنوان " رحلة الألف ميل " ( سوف نتعرض له في نهاية المقالة ) .
 
أما عن أميليا إدواردز نفسها  ؛ فأسمها بالكامل هو " أميليا إدواردز آن  بلانفورد  إداردز " Amelia Ann Blanford Edwards 
 
.   ولدت في 7  يونية 1831 في مدينة لندن من أم أيرلندية وأب  إنجليزي ؛ وقد تلقت تعليمها الأولي في المنزل علي يد والدتها ؛ حيث اظهرت نبوغا مبكرا في الشعر والقصص ؛ كما كانت صاحبة موهبة فنية كبيرة في الرسم ؛ كما كانت لها اهتمامات  أخري بالموسيقي وركوب الخيل ؛ وبعد أن نضجت قليلا ؛ وبداية من أوائل خمسينات القرن التاسع عشر ؛ بدأت إميليا إدوادز تركز أكثر في الكتابة ؛ ثم قامت بالعديد من الرحلات حول العالم ؛ ففي شتاء عام 1873 م ؛ جاءت  إلي مصر ؛ حيث زارت معبد فيلة وأبو سمبل ؛ وفي يوم 29 نوفمبر 1873 ؛ وصلت  إلي القاهرة ؛ وزارت العديد من  المواقع الأثرية بها ؛ وبعد عودتها  إلي انجلترا ؛ قامت بإلقاء العديد من المحاضرات حول "علم المصريات " وطالبت بتأسيس كرسي لعلوم  المصريات في جامعة  أكسفورد ؛ وطالبت أن يتولي رئاسة القسم الوليد العالم الكبير فلندرز بتري Flinders Petre (  1853- 1942 )  ( أنظر مقالتي عنه علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ 29 يوليو 2019 ) ؛ كما تبرعت بكل كتبها وتحفها لكلية لندن الجامعية ؛ وهي مازالت محفوظة حتي الآن في قاعة مصممة ومجهزة خصيصا تحمل  أسم " مكتبة إداردز " .
 
وأخيرا توفيت في 15 أبريل 1892  عن عمر يناهز 61 عاما ، ودفنت في مقبرة عليها شكل المسلة وعلامة الحياة " العنخ " .
 
ولقد قامت أميليا إدوادز بتأليف عدد من الكتب والروايات نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه:- 
1-رحلة الألف ميل A thousand miles up to the Nile ( لنا عودة  تفصيليلة للكتاب في نهاية المقالة ) .
2-تاريخ  بربارة Barbara s History .
3-عربة  الأشباح The Phantom Coach .
4-االورد  براكنبيري Lord Brackenbury  .
 
ولقد سجل موقع "ويكبيديا " 12 رواية لها ؛ غير   أن العمل الأكبر الذي سجل أسمها في  سجل علماء المصريات هو كتاب " رحلة  الألف ميل ".
وحول تفاصيل رحلة إميليا ادواردز إلي مصر ؛  يذكر الكاتب الصحفي عبد الرحمن قناوي في مقال له نشر في جريدة الوطن بتاريخ 22  أكتوبر 2018 ؛ أنها قامت  خلال شتاء ( 1873- 1874 ) برحلة  إلي مصر ؛ وأستأجرت مركب يطلق عليها "ذهبية " من القاهرة حتي أبو سمبل ؛ حيث عاشت ستة شهور بجوار معبد  أبو سمبل وهي تعتبر  أول من رصدت ظاهرة تعامد الشمس علي وجه الملك رمسيس ؛ كما انها أكتشفت مقصورة  للإله "تحوت " عرفت بعدها بأسمها " مقصورة إميليا إداوردز " .
 
( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع :- عبد الرحمن قناوي :- اكتشفت تعامد الشمس علي معبد أبو سمبل ... من هي إميليا إدوادز ؟ ؛ جريدة الوطن ؛ 22 أكتوبر 2018 ) .
 
أما عن كتابها "رحلة الألف ميل " فلقد صدر للمرة الأولي عام 1877  ؛ وأعيدت طباعته للمرة الثانية  عام 1888 بعد أن قامت المؤلفة بإضافة الاكتشافت الحديثة التي حدثت بعد ظهور الطبعة الأولي ؛  أما  الترجمة عربية  فلقد قام بها " إبراهيم سلامة إبراهيم " وقام بمراجعة الترجمة الدكتور محمود ماهر طه ؛ و صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ سلسلة الألف كتاب الثاني ؛ الكتاب رقم 280 .
 
وفي المقدمة  رصدت المؤلفة المصاعب التي واجهتها من جهة برودة الجو  خلال شهور ديسمبر  ويناير كما   سجلت أبضا خطورة الرحلة من خلال مركب خشبي ؛ شاهدت فيه حطام حطام ثلاث سفن بخارية غارقة .
 
ولقد  سجل المترجم  إبراهيم سلامة إبراهيم انبهاره بهذه السيدة الانجليزية  التي خاطرت بحياتها بالقيام برحلة في مركب ؛ تعرضت فيها لكثير  من مخاطر الملاحة النهرية ؛ فصورة مصر عند هذه السيدة العظيمة جديرة أن نقدمها لقراء العربية ( راجع نص التصدير بالكامل في الكتاب السابق ذكره ؛  صفحتي 7 و8 ) .
 
ويتكون الكتاب من 22 فصلا بيانهم كالتالي :- 
1-القاهرة والهرم الأكبر .
2-القاهرة  والحج  إلي مكة . 
3-من القاهرة إلي البدرشين .
4-سقارة ومنف .
5- من البدرشين إلي المنيا . 
6-من المنيا إلي أسيوط . 
7-من أسيوط إلي دندرة . 
8-طيبة والكرنك .
9-من طيبة إلي أسوان . 
10--أسوان والفنتين . 
11-الشلال والصحراء .
12-فيلة .
13-من فيلة إلي كورسكو .
14-من كورسكو إلي أبي سنبل .
15-رمسيس الأكبر .
16 – أبو سنبل .
17-الشلال الثاني .
18-الاكتشافات في  أبو سنبل .
19-العودة من خلال أراضي النوبة . 
20-السلسلة وأدفو .
21-طيبة .
22-إبيدوس والقاهرة .
 
وتقدم المؤلفة من خلال فصول الكتاب وصفا مطولا لملامح القاهرة والبدرشين وسقارة ومقابر بني حسن " وتجمل المؤلفة وصف كل هذه الكنوز في هذه العبارة " أرض مصر كتاب عظيم مفتوح ربما كان من الصعب قراءته تحت  أي ظروف  ؛ ولكنه في جميع الأحوال شديد الصعوبة " .
 
وحول  أصالة العرق المصري قالت " خضع  المصري للتنوع الجنسي مع توالي الجيوش الغازية حيث اختلطت دمائهم بدماء الفينقين والفرس واليونانيين والرومان والعرب ؛ واستطاعوا   أن يصهروا هذه العناصر المختلفة  في قالب واحد ينتسب الي النوع القديم ويستمر مصريا إلي الأبد ؛ أن شمس مصر وتربتها تطالبان بجنس واحد من البشر ولا تجيز غيره ؛ ولا يستطيع المستوطنون الغرباء أن يعقبوا نسلا في هذا البلد  " ( صفحة 130 من الكتاب ) . 
 
وترصد الكاتبة الاكتشافات في ابوسنبل فتقول " في 16 فبراير 1874 حوالي الساعة الحادية عشر صباحا عندما كان الرسام يستمتع بوقته ....صعد الي قمة ربوة غير محددة الشكل مكونة من صخور ورمال .... وجد مائدتين للقرابين  يعود تاربخهم إلي العام والثلاثين من حكم رمسيس الثاني . ؛ وبمجرد ان استدار للعودة أثارت انتباهه بعض النقوش المشوهة علي الصخرة التي تبعد عدة ياردات عن المعبد . ..... ثم قام بفحص بعض النقوش بعناية ؛ فظهرت بعض الحروف الهيروغليفية وجزء من خرطوشين مع بعض الخطوط الخارجية لأشكال قديمة .
 
وحول وصفها لصلوات القداس الإلهي  تقول :- " وبعد الانتهاء من الصلاة ؛ جلست في جلسة خاصة مع الأب الأسقف الذي وصفته أنه كان وسيما ممتليء الجسم قليلا ؛ وله عينا ناعمتان بلون بني ؛ ولحيته ذات لون رمادي تقريبا ...... وقد أستقبلنا الأسقف بحفاوة ؛ فسألته عن حدود إيبارشيته فأجاب   أنها تمتد من أسوان في الجنوب حتي قنا في الشمال ؛ وأن إيرادها يحصل بكامله من أوقاف الأراضي الزراعية  ......  وتحول الموضوع للحديث عن اللغة القبطية فسأله أحد الحاضرين عما إذا كان يعتقد أن هذه اللغة هي نفسها لغة المصريين القدماء ؛ أجاب في حسم " لا شك في ذلك . وماذا يمكن أن تكون غير ذلك ؟! " .
 
ثم استفاض في الشرح وقال " اللغة القبطية لغة منفصلة مستقلة .
 
وقد أضيفت إلي الأبجدية القبطية من اليونانية ثمانية حروف عند دخول المسيحية مصر ؛ ولقد  دخلت العديد من الكلمات اليونانية إلي مفردات اللغة القبطية ؛ ولكن ظلت اللغة القبطية كما هي ؛ نقية وخالصة وليس بينها وبين اللغة اليونانية أي صلة جذرية " . ثم سالته  ( أي المؤلفة إميليا أدوادز ) عما إذا كانت اللغة القبطية  لغة ميتة ( اي غير مستخدمة في الحياة البومية ) أجاب  أن العديد  من الكلمات القبطية مثل أسماء الشهور وبعض الأعياد ما زالت مستخدمة حتي اليوم ؛ وهنا سالته المؤلفة "هل مازالت  هناك بعض العبارات القبطية  مازالت موجودة بين الفلاحين ؛فتوقف برهة قبل أن يجيب ثم قال " هذا سؤال صعب الرد عليه  بشكل دقيق ولكنني أظن أنك قد تجدين في بعض القري البعيدة رجلا عجوزا يعيش هنا أو هناك يستطيع أن يفهم اللغة القبطية  إلي حد ما " ... وكانت هذه مقابلة سارة ؛ فقد قيل لنا  أن الأقباط يتصرفون بخشونة وأنهم شديدو  التعصب ؛ يكرهون أتباع الطوائف المسيحية  ... ولكننا علي العكس وجدنا سلوكيات عديدة تنم عن الأدب عند الأقباط الذين  حضرنا معهم القداس .
 
وأظن  أن أي سائح يأتي  إلي مصر لا يمكن أن يتجاهل حضور القداس في أحدي الكنائس القبطية ؛ لأن الكنيسة القبطية هي المكان الوحيد الذي يستطيع الإنسان فيه أن يستمع  إلي أخر تعبيرات ذلك الجنس الذي جعلنا زخارف مقبرته علي معرفة تامة به ؛ أننا نعرف  أنه قد دخلت تغييرات كثيرة علي هذه اللغة  منذ كانت هي اللغة التي تحدث بها رمسيس الأكبر  .... لذلك كنا مشتاقين  لسماع تلك الأصداء الأخيرة لهذه اللغة القديمة عندما  كان يتلوها أحفاد هؤلاء المصريين الذين لا يشك أحد  في انتسابهم اليهم . وأتوقع خلال الخمسين عاما القادمة أو نحو ذلك أن تحل اللغة العربية محل القبطية في تلاوة القداسات ؛ وحينذاك سيضيع تقليد النطق بها (   راجع الحوار بالكامل في الصفحات 492-  499 ) .
 
تعليق من كاتب هذه السطور :- 
نشكر الله لقد مر حوالي  145 عاما من وقت صدور الكتاب ( 1877 ) ولم تصدق نبوة الكاتبة ؛ بل علي العكس تماما ؛ فلقد تضاعف الوعى بأهمية الصلوات باللغة القبطية ؛  وتضاعف عدد المعاهد والمراكز التعليمية التي تهتم بتعليم اللغة القبطية ؛ وكثير من الشباب والأنسات الآن يستطيعون قراءة وترجمة النصوص القبطية حتي بدون كتاب خولاجي ؛ وأمتد  الاهتمام كذلك إلي  الجامعات المصرية ومراكز البحوث ؛ لمزيد من التفصيل راجع مقالة كاتب هذه السطور بعنوان " أشهر المعاهد والمراكز العلمية المهتمة بدراسة  القبطيات خارج نطاق الكنيسة القبطية الأرثوذكسية  ؛موقع الأقباط اليوم بتاريخ 6 سبتمبر 2021 ) .
 
بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
1-دنيس جونسون ديفيز :- إميليا أدوادز عاشقة مصر التي وهبت النيل عمرها ؛موقع البيان ؛ 16  أكتوبر 2015 .
2-عبد الرحمن قناوي :- اكتشفت تعامد الشمس  علي معبد أبو سمبل  .. من هي إميليا إدوادز .؛جريدة الوطن ؛22  أكتوبر 2018 .
3-شيرين رمضان :- أميليا إدواردز : الأم الروحية لعلم المصريات ؛موقع كوكب العلم ؛ 19 يونيو 2016 .
4-ماجد كامل :- أشهر المعاهد والمراكز العلمية المهتمة بدراسة القبطيات ؛موقع الأقباط اليوم 6 سبتمبر 2021 .