Oliver كتبها
اللقاء مع المسيح عند بئر سوخار سيبقي ممتداً متكرراً لا يتوقف و لا يتلاشى بل يظل نبعاً يتدفق بغزارة المعانى و الرموز و الدروس .نجلس مع الرب يسوع لنسمع مع السامرية الكلمات الأبدية المحيية التى تتألق كل الأزمنة.هذا الإصحاح  يو4 هو بذاته البئر الذى لا يتوقف عن تقديم المياه للعطاشى إلى معرفة قلب مخلصنا و لغته و فكره و حنانه مع الكل.
 
حين يقول الإنجيل أن الرب يسوع كان لابد أن يجتاز السامرة فهويقدم المسيح كنبى بل فخر الرسل و الأنبياء..الروح القدس يلمح للأنبياء الذين خدموا في المملكتين الجنوبية (يهوذا) و الشمالية (السامرة) كى لا تحرم عشرة أسباط إسرائيل من كلمة النبوة.كان لابد أن المسيح يجتاز إلى السامرة ليكمل مسيرة الأنبياء . السيد المسيح  قال مرة واحدة عن نفسه أنه نبي (بلا كرامة فى وطنه) مت13: 57كذلك الجموع قالت عن المسيح عند دخوله  الملكى إلى أورشليم أنه نبى مت21: 11. بينما الوحيدة التى خاطبت المسيح كنبي كانت المرأة السامرية  قائلة أرى أنك نبى يو4. 
 
السبب الثاني للمرور من هذا الطريق الى السامرة أنه لا يريد أن يشابه اليهود المتعصبين الرافضين التعامل مع السامريين.هؤلاء كانوا يطوفون حول الوادى المختصر الواصل بين أورشليم و الجليل واضعين أشرطة زرقاء فى ذيل رداءهم( الطيالسة) ليتنبه أى  سامرى من الإقتراب منهم .أما المسيح فقد رأى أنه لابد أن يفتتح الطريق المختصر لمصالحة المملكتين. رب المجد لم يلبس شارة زرقاء ليعادى أحداً بل إصطبغ بالثياب الحمر بدمه المحيي ليصالح الجميع .
 
بئر يعقوب له عميق المعانى.إشتراه يعقوب من آرام  تك 33و وهبه لإبنه يوسف تك 48: 22.لكن الحقيقة أن يوسف لم ير هذا البئر و لم يشرب و لا قطرة ماء منه.لأن يوسف عاش و مات في مصر و لم يأت إلى تلك الضيعة إلا عظاماً محمولة بيد موسى النبي حيث دفن ليس بعيدا عن ذاك البئر وهناك قبره.هكذا تنبأ يعقوب بيوسف الحقيقي يسوع القدوس الذى لم يشرب أيضا من هذا البئر بل فقط جلس عند حجارته.مانحاً ماءاً آخر ليس من أسفل بل هو الروح القدس العلوى.يوسف ابن يعقوب لا يحتاج إلى ماء تلك الأرض لأنه لا يعيش فيها .المسيح ابن الله لا يحتاج ماء تلك البئر لأن له ماءاً آخر أعظم منه.
 
كان الإبن البكر هو الذى يجب أن يرث تلك البئر.لكن رأوبين فقد الماء بسبب الشر و ورث يوسف ما للبكر.سقط آدم البكر فجاء المسيح مكانه و ورث إسماً أعظم من الكل و من ميراثه نتقاسم نحن الصغار.
 
كان السيد المسيح في هذا العبور من اليهودية إلى السامرة مطارداً من الكثيرين في اليهودية حتى أنه لم يأتمنهم على نفسه هناك يو2: 24 فالكهنة حاقدون عليه لأنه طهر الهيكل و التجار هناك ناقمون لأنه أفسد تجارتهم والفريسيون يخترعون  الوقيعة بين تلاميذ المسيح و تلاميذ يوحنا. لسبب من يعمد أكثر وهيرودس اغتنمها فرصة للإطاحة بيوحنا و الكل جعل المسيح خصماً يطاردونه.لكن المسيح المُطَارد لم يدع الظلم يمرمره بل بقي لطيفاً رقيقاً طويل البال مع السامرية مع أنه كان مرهق جسدياً و مضغوط نفسياً لكنه الخادم الكامل الذى يخدم في وقت مناسب و غير مناسب 2تى4: 2. عجيب هذا الفادى إذ فيما أن أجواء الرفض تحاصره نراه هو يحاصرها باالمحبة و المصالحة. 
 
لغة السيد المسيح فى تلك المحادثة الثرية مع السامرية يجب أن تكون لغتنا في النعامل اليومي.لغة تحتوى الناقم و تعالج  المعبأ بالخصومات القديمة .لسان مصالح طويل البال.لا ينتظر فرصة  للهجوم على الخصم بل يكسبه بالمحبة و الرفق و الحوار.لغته فيها إتساع الصدر للأسئلة الإستفزازية و إحتواء المنغصات التى تعمقت عبر عصور إسرائيل المنقسمة.إننا بحاجة للسان المسيح و أشد إحتياجاً لقلب المسيح نتعامل به مع كل الناس و في أصعب المواقف.وإلى مقال آخر عند بئر سوخار.