كتبها Oliver 
أخذ أندرو يقلب أوراقه و يدون في مذكراته مشغولاً بهذا المفلوج حتي ثقلت كل الكلمات و تصعبت الأفكار لأن المعجزة ليست كالمعجزات.يحادث أندرو نفسه ألم يكن الرب يسوع قادر أن يصنع الكثير و الكثير فلماذا إكتفي هنا بهذا المفلوج  و كان وحده موضع الإهتمام؟ بل من كلامه المحيي نتوقع إحتمال إرتكاب هذا المفلوج للخطأ مرة ثانية و عقوبة اشر من بقاءه ثمان و ثلاثون سنة مقعداً تنتظره إن فعلها. فلماذا لم يشف غيره ممن سيتبعونه كما شفي المجدلية فتبعته و كما شفي المولود أعمي فآمن به و كما شفي حماة سمعان فقامت و خدمتهم.لماذا لم تشف كل الموجودين و إكتفيت بواحد فقط؟أليسوا جميعهم يحتاجون الشفاء؟ فرك أندرو جبهته حائراً ترك مكتبه و سار إلي مخدعه فهناك إثنان يمكنهما إجابة الأسئلة.أولاً المسيح له المجد و ثانياً المفلوج ذاته يجيب عن نفسه .دخل المخدع و إستغرقته سحابة من أفكار إلهية  لا يدر إلا بدقات رقيقة قرب الباب المفتوح .فتح أندرو باباً ليس في حجرته و هو ما زال مستغرقاً في أسئلته.
 
-نعم أنا الرجل المتسربل بالزي اليهودي و علي رداءى صليب كبير .رأي في وجهه شبعاً بكل الفرح و سلام في صوته كثير.يبدو كتلميذ للمسيح بشوشاً فرحاً  كأحد سكان الفردوس  لم يكن مقعدا بل حراً من قيود الجسد.قال سمعت التساؤلات  و قد جئتك لأجيبها لعل النور يسربلكم.نعم كنا كثيرون حول البركة.كان اليوم عيد و كنا فيه حزاني بلا عيد.حتي جاء صاحب العيد و شبعنا من أفراحه .كنا نملأ الأروقة.كان كل الساكنين في الأروقة الخمسة كالبشر الساكنين في أسفار الناموس الخمسة.كلهم و كلنا كنا موتي بالخطية مرضي و عسم و عرج و عمي.لم ينفعنا لا ملاك و لا رئيس ملائكة و لا نبي .كانت  أعمدة الأروقة الخمسة تسندنا لنقوم و أيضاً تدارينا أو تعوق حركتنا حين نسرع نحو البركة لننال الشفاء.كان هيرودس يفتخر بهذه الأروقة التي إستحدثها وكنا نحن نلعنها كل يوم لأنها تعيقنا.تخفينا عن الذين يأتون ليساعدوننا حتي تناقص الناس ثم توقفوا.لم تعد رحمة في بيت الرحمة.صار المرضي العمي و العسم (أمراض المفاصل) و المفلوجين أكثر المتضررين من تلك الأعمدة و من تشابك الأروقة في بيت حسدا.
 
-يجب أن تعلموا أن عدم يأسي من الشفاء و بقاءي كان فقط لأجل صوت كنا نحن الفاشلون فى السباق نحو البركة نسمعه.في الصباح الباكر حين تتحرك المياه نتسابق و في المساء نتباكي و نسمع صوتا يقول سيأتي المسيا الذي فيه شفاء الجميع.كنا نسمع هذا الصوت و ننتظر المسيا أكثر مما ننتظر الملاك.في الحقيقة لم نكن نعلم شيئا عن أوصاف المسيا.قالوا أنه يبدو رجلا عادياً لا تخرج من فمه كلمة بطالة .بشوشاً طويل القامة.شعره ذهبي منسدل علي كتفيه.فيه مهابة و لا يخش أحداً.حلو اللسان.لم أره من قبل لأني قضيت عمري علي ضفاف البركة فاشلاً.هل علمت الآن لماذا بقيت كل هذه السنوات الثمان و الثلاثين؟كان يأتي البعض من خدام الهيكل ليتأكدوا من شفاء النازفين و كنا نسألهم لماذا يأتي الملاك هنا فكانوا يقولون لأن الملاك لابد أن يسبق المسيا و يخبر عنه.كنا لا نفهم و كانوا مثلنا عاجزين عن كل الأسئلة.لم يعرفوا أن الملاك هو يوحنا و أما ملاك البركة فكما علمت بنفسي أنه كان تكريما لمن سيأت و يفتقدني هنا.علمت بعد ثمان و ثلاثين سنة أن الملاك كان ينزل ليمجد من سيزورني أنا.كأنه يأتي لي ليصبح عمله هو تعويض عجزي أنا عن إستقبال السيد كما ينبغي.ما كنت أعرف أن الملاك يأتي خصيصاً من أجلي و كنت ناقماً عليه أحياناً. كنت سأفقد مقابلة المسيح  لو شفاني الملاك.الأن اشكر الملاك لأنه لم يشفني و لأنه تقدم سيدي المسيح الذى وهبني حياة جديدة.كنت مخدوعاَ من نفسي و الآن فهمت.كنت أقارن بين إنسانا شفي و آخر مريض. الآن أنا محمل بأفكار بين ملاك و مسيا.
 
-تسألون لماذا سألني هل تريد أن تبرأ؟ لابد أن تعلموا أن كل كلمة تخرج من فم الله فيها قوة.ليست كالكلمات التي تبدو لكم.فيها قدرة غير مدركة تنفذ إلي النفس و القلب.كان حديثه ينفذ إلي قلبي و يضع علي فمي الكلام.فقلت له ليس لي إنسان.بعد قليل أحسست أنني فعلاً ليس لي إنسان لكن لي الآن مسيح . المسيا بشخصه.لعله بسبب جملتي هذه( ليس لي إنسان) وهب من كهنوته لتلاميذه القديسين لكي لا يقل أحد ليس لي إنسان يلقيني في ماء المعمودية فأتخلص من أدناس النفس و الجسد و الروح.لهذا صرت أطوف بين الأروقة كارزاً بمن أبرأني دونما أنتبه إلي المعجزة ذاتها رغم عظمتها.صرت أقول يسوع يسوع لمن رفضوا إسمه.
 
- لو كان إعتمادي علي إنسان  يحملني و يلقيني  في البركة إذا لمس الملاك الماء فأشفي لخسرت  مجد اللقاء مع المسيح و خسرت مغفرة خطاياي التي لم يكن إنسان يستطيع أن يمنحها لي  و لا الملاك النازل يلمس المياه بل المسيا وحده. أكثر من هذا أن المسيا  كان يعلم بالسنوات الطويلة التي قضيتها هنا.من قبل أن يولد هو أنا مقعد هنا.تجسد لأجلي و إختارني ليشفيني لكي أكون نموذجاً يعط رجاءاَ للذين يتعجلون الرب و لا يدركون أن الإنتظار الطويل يعقبه مجد عظيم كما نلت من رب المجد.
 
- لقد غير المسيا طريقة الشفاء.بدلاً من النزول إلي البركة صار الصعود فيه.لذلك لم يقل لي إنزل بل قم.لأنه لما قام لم يعد واحد يسكن في الأروقة الخمسة القديمة.الجميع غادروا المكان و لم يعد ملاكاً ينزل هنا بل روح الله ذاته صار يحل علي الكنيسة.فلما قال لي قم ,قمت بقوة كلمته أما أنا فلم تكن فيً قوة للحركة لكنه قال الأمر و معه عبرت قوة من شخصه إلي جسدي فلم أتوان عن القيام بقيامته.
 
- كان سبت و لم يكن الملاك  ينزل في السبت .كان السبت عندنا بلا أمل في الشفاء.لكن المسيا جاء في اليوم الذي لا يتوقعه أحد و شفاني في يوم كنا فيه نبطل الناموس علي فراشنا.فقال لي  قم إحمل سريرك في السبت فقمت لأنه العارف بالناموس و أنا أشهد أن الكلمة تخرج من فمه محيية تنير العقل و تجيب الأسئلة من قبل أن اسألها لهذا أحبه.
 
- مشيت وسط المدينة مستهينا بحكم الرجم.فأنا ميت ميت لقد عشت ميتا ثمان و ثلاثون عاما فلأموت واقفا و لو لدقائق.كنت أسير إلي حتفي.وسط المدينة كأني أتحدي الناموس ؟ أعرف حكم الناموسيين أنه الرجم لكني واثق من غير أن أقرأ كتاباً واحداً أنهم  يحكمون بناموس غير ناموس الرب.المسيا قد أمرني أن أسير بفراشي غير خائف من أحد.لم يقل لي لا تخف لكن صوته منحني شجاعة لا يعرفها البشر إلا من قابل يسوع شخصياً.لهذا لما سألوني قلت لهم أن الذي أبرأني قال لي إحمل سريرك.إلتفوا حولي مثل النحل حول الشوك و كلماتي أحرقتهم كالقش .كانت كلماتي تلجمهم فكم ستفعل فيهم كلمات المسيا.
للقاء بقية