د.امير فهمي زخاري 

ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ﺗﺴﻤﻰ ﺍﻟﻌﺸﺶ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺄﻭﻯ ﻟﻠﺜﻌﺎﻟﺐ ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ ﺍﻟﺜﻌﺎﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺏ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺮﺅ ﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻯ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ
 
ﺃﻃﻠﻖ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ﻭﻫﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺸﺶ ﺃﻯ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻺﺳﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﻣﻊ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺇﺳﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻭﺗﺠﺎﻫﻠﻮﺍ ﺍﻷﺻﻞ .
 
ﻭﺟﺎﺀ رجل اسمه ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ محمدين ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺗﻪ ﻗﻨﺎ ﻋﺎﻡ 1872 ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺎﻝ ، ﻓﺎﺷﺘﺮﻯ ﺑﻪ ﻗﻄﻌﺔ ﺃﺭﺽ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺴﻌﺮ ﻟﻢ ﻳﺰﺩ ﻋﻦ ﻗﺮﺷﻴﻦ ﻭﻧﺼﻒ ﻟﻠﻤﺘﺮ .. ﺛﻢ ﺃﺧذ ﻳﺴﺘﺼﻠﺢ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﺘﻰ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﻃﻬﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ ، ﻭﻧﺠﺤﺖ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺃﻧﺒﺘﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺛﻤﺎﺭﺍ ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻳﺴﺘﻘﺪﻡ ﻓﻼﺣﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﻨﺎ ﻟﻴﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻬﻢ ﻓﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﺍﻟﻨﺎﺟﺢ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﺪﺩ ﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ﻭﺑﻠﺪﻳﺘﻪ ﻓﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺸﺶ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﻭﺧﻤﺴﻤﺎﺋﻪ ، ﻓﺈﺷﺘﺮﻯ ﺑﺎﻗﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻴﻄﻬﺮﻫﺎ ﻭﻳﺴﺘﺜﻤﺮﻫﺎ ، ﻭﺃﺧﺘﻴﺮ ﻋﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﻼﺣﻴﻨﻪ ﻭﺃﻗﺎﺭﺑﻪ .
 
ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﺰﺭﻭﻋﺔ ، ﻭﺗﻘﺪﻣﺖ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺟﻨﺔ ﺧﻀﺮﺍﺀ ، ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻤﻨﺸﺌﺎﺕ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻰ ﺭﺑﻮﻋﻬﺎ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻘﺎﻣﺎ ﻟﻶﺛﺮﻳﺎﺀ ﺍﻟﻬﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺿﻮﺿﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .. 
 
ﻛﺒﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻭﻑ ﺍﻟﺴﻦ ﻓﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﻹﺑﻨﻪ ﻋﺴﺮﺍﻥ ، ﻭﺍﻟﺬﻯ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻳﺔ ﻹﺑﻨﻴﻪ ﻓﻬﻤﻰ ﻭﺣﺴﻨﻰ ، ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻗﺴﻤﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ ، ﻭﺃﺧﺘﺎﺭ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻗﺴﻤﺎ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﻔﺘﺸﻪ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ، ﻓﻴﻄﻮﻑ ﺑﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺍﻟﻔﺨﻤﺔ .
 
ﻭﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺗﻨﺎﺳﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻌﺎﻳﺪﺓ ﻓﻰ ﺗﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺳﻜﻨﻰ ﻟﻸﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻣﻴﺮﺓ ﻓﺎﻳﺰﺓ ﻭﺍﻷﻣﻴﺮ ﻃﻮﺳﻮﻥ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺍﻷﻣﻴﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻃﻮﺳﻮﻥ ﻭﺃﻏﻨﻰ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻣﺼﺮ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﻮﺩ ﺑﺎﺷﺎ ﻭﻋﻤﻴﺪ ﺍﻵﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﻭﺳﻔﺎﺭﺍﺕ ﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻝ ﻓﻨﺎﻧﺔ ﺳﻜﻨﺖ ﺣﻰ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ﻫﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﺯﻳﻨﺐ ﺻﺪﻗﻰ – ﻣﻦ ﺭﺍﺋﺪﺍﺕ ﻓﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ – ﻭﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺳﻢ ﻗﻤﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ .
 
ﻭﻳﺤﺪﺛنا ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺪﻳﻮﻯ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ ﻭﺇﺧﺘﺎﺭ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﻧﺸﺄ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺼﺮﺍ ﻋﺎﻡ 1869 ﻹﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻟﺤﻔﻞ ﺇﻓﺘﺘﺎﺡ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ ﻭﺑﻌﺪ 10 ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺗﺤﻮﻝ ﺳﺮﺍﻯ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻓﻨﺪﻕ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺛﻢ ﻓﻨﺪﻕ ﻣﺎﺭﻳﻮﺕ ﻓﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ..
 
وبمرور الأيام اتنسى عبد النعيم محمدين مؤسس حى الزمالك "العشش سابقا" ولم يطلق إسمه على أى شارع فى الزمالك ... دنيا!!!
تحياتى للجميع. 
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ..
ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻹﺛﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ 7 ﻳﻮﻟﻴﻮ 1952