بقلم: أسامة سلامة

منذ عزل د.محمد مرسى.. ويكاد لا يخلو يوم، تقريبا، من سقوط شهيد فى سيناء! قالها محمد البلتاجى: (الأوضاع فى سيناء ستهدأ بعد ثانية من عودة محمد مرسى).
كلمات القيادى الإخوانى، اعتراف كامل بالجريمة التى ارتكبتها، وما زالت، الجماعة، ضد جنودنا وضباطنا هناك.. وتكشف أن قادتها وراء ما يحدث من عمليات إرهابية وقتل لأبنائنا بواسطة حلفائهم المختبئين فى جبال سيناء.
 
تؤكد كلمات البلتاجى أن أيدى الإخوان مخضبة بدم الجنود والضباط المصريين.. حتى وإن لم يقتلوهم بأنفسهم.
هؤلاء الشهداء لا نسمع عن تضحياتهم إلا القليل، تصيبهم طلقات غادرة، وتطولهم قذائف صاروخية مفاجئة وتروعهم قنابل مزروعة أو هجوم مباغت عند الإفطار أو السحور.. يستشهدون فداء للوطن.. ثم يدفنون فى صمت!
 
يتركون وراءهم أطفالا يتامى، وآباء مكلومين، وأمهات ثكلى، وزوجات شابات.. لا يكترث أحد بحالهم!
معظمهم من شباب الضباط أو المجندين الفقراء الذين لم يتركوا لأسرهم معاشات، أو أموالا يعيشون منها، نسيناهم حتى كدنا نضن عليهم بلقب شهداء!
فى المقابل يملأ الإخوان الدنيا ضجيجا حول الضحايا الذين وقعوا أمام الحرس الجمهورى أو فى موقعة المنصة بشارع النصر.. وهو أمر مؤسف.. ومؤلم، لا شك.. فهم أيضا مصريون، ودماؤهم حرام.. لكنها وقائع لا تزال محل تحقيق.
وكما يجب أن يأخذ التحقيق العادل والشفاف والمحايد مجراه.. يجب كذلك أن يعرف الشعب نتائج التحقيق كاملة.. ومن المتسبب فيها، ومحاكمته.. سواء أكان الشرطة أم الجماعة نفسها!
 
فحسب ما قاله الكاتب ثروت الخرباوى، فإن الجماعة هى التى دفعت بأبنائها للموت أو قتلتهم على يد بعض عناصرها، لاستدرار عطف الإعلام الغربى.. ودفع الدول الأجنبية للضغط على النظام المصرى من أجل حصول قيادات الإخوان على مكاسب زائفة!
 
فى كل الأحوال يجب محاسبة المتسبب فى إراقة دماء المصريين، ولكن فى سيناء الجريمة واضحة.. والجانى معترف.. ومع ذلك فإن أحدا، لا يلتفت إلى ضحاياها، ولم نجد أحدا من المطالبين بضرورة إجراء تحقيقات فى جريمتى الحرس الجمهورى، وشارع النصر، يحرك ساكنا بضرورة محاكمة الإرهابيين والتحقيق مع من دفعهم إلى قتل جنودنا فى سيناء!
هؤلاء لم يوجع قلوبهم دماء المصريين الطاهرة على حدودنا الشرقية.. لم نجد أحدا من هؤلاء المتشدقين بحقوق الإنسان، يتحدث عن حقوق جنودنا وضباطنا وأسرهم الحزينة.
 
والأخطر أننا أصبحنا نتعامل مع أخبار العمليات الإرهابية «شبه اليومية» هناك، وكأنها مثل الحوادث الجنائية العادية بقلب بارد وبلا مشاعر!
معركة عاتية ضد الإرهاب يقوم بها أبناؤنا، ويقع كل يوم ضحايا منهم، ولكن الحزن عليهم مثلما قال الشاعر الكبير صلاح جاهين: (ماعدلوش جلال).. (الحزن زى البرد وزى الصداع)!
 
أما الإعلام الغربى، فلا يرى ما يحدث فى سيناء.. والوفود الأجنبية التى تأتى إلى القاهرة وآخرها (كاثرين آشتون) الممثل الأعلى للسياسات الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبى التى جاءت للتفاوض حول وضع مرسى وإخوانه، لا تذكر شيئا عن ضحايا سيناء.. والحكومة المصرية لا تقول لهذه الوفود إننا نخوض حربا ضد إرهاب يباركه الإخوان، وينفذه حلفاؤهم.. فقط أنظار العالم تتجه صوب اعتصامى رابعة العدوية والنهضة!
 
أما سيناء فهى خارج الأحداث.. 180 مواطنا بين شهيد ومصاب منذ عزل مرسى حتى الآن، ولكنهم لا يجدون من يهتم بهم.. لا أحد يطالب بحقوقهم، لا أحد يخاطب ضمير الإنسانية بشأنهم!
حتى استهداف المسيحيين هناك وقتل رجل دين مسيحى، لم يلفت نظر الإعلام والحكومات فى الغرب.. بل إن حكومتنا خرجت لتنعى ضحايا حادثتى الحرس الجمهورى والمنصة وهذا واجب عليها.
 
ولكن فى نفس الوقت لم تذكر شيئا عن شهداء سيناء.. وكأنهم استشهدوا من أجل بلد آخر!
وجدنا وسائل إعلام تنقل جنازات قتلى المنصة، ولكنها لم تكلف خاطرها بنقل جنازات قتلى سيناء.. ما الفارق بين الاثنين، أليس الاثنان أبناء وطن واحد؟!
مؤكد أن الاثنين يوجعان القلب.. ولكن ضحايا سيناء استشهدوا من أجل الوطن، وهم يدافعون عن بلدهم.. أما الآخرون فراحوا ضحية مفهوم خاطئ للدين زرعه فى عقولهم قادة الشر الذين يضحون بهم من أجل أنفسهم.. توهموا أن مرسى هو الإسلام، وأن الجماعة هى العقيدة، وأن زعماءهم لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم!
 
الشهيد «المؤكدة شهادته»، لا أحد يذكره.. ولكن الضحايا الآخرين (وشهادتهم علمها عند الله) وأرجو أن يلهم الله أهلهم الصبر، تمتلئ فضائيات معينة بالنواح عليهم.. بينما فضائياتنا تصمت وتسكت، ولا تكشف الخسة والجبن وانعدام الدين لدى من قتل أبناءنا فى سيناء، لا تقول لنا كيف استقبل أهلهم جثامينهم، ولا أحوال أهلهم وأسرهم وأزواجهم وأمهاتهم وآبائهم وأولادهم اليتامى.. ندفنهم فى صمت، فى الوقت الذى يدفن فيه ضحايا الإخوان أمام الكاميرات، وسط تأثير نفسى وإعلامى!
فيبدو أن شهداء سيناء «لا بواكى لهم»!