بقلم: أسامة سلامة

يضع الإخوان والتيارات المسلحة المتأسلمة المسيحيين ضمن المثلث المستهدف عند صدامهم مع الدولة، والذى يضم الشرطة بمنشآتها وعناصرها وأفرادها، بجانب مؤسسات الدولة التى تمثّل السلطة التنفيذية، مثل مبانى الوزارات والمحافظات ومجالس المدن، وما شابهها من الأماكن التى تعبر عن السلطة وهيبتها.
 
ولكن لماذا يضع الإخوان الأقباط ضمن هذا المثلث؟
 
أولًا: لأن هذه التيارات المتطرفة تعتقد أن المسيحيين تحت حماية الدولة، باعتبار أنهم أقلية لا يستطيعون حماية أنفسهم أو الدفاع عن كنائسهم، ولهذا فإن استهدافهم يعنى أن الدولة ضعيفة وغير مسيطرة على الأوضاع، وهو أمر يحرج النظام فى الخارج، ويجعله فى موقف ضعف، وقد حدثت مثل هذه الاعتداءات طوال سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى على أيدى الجماعات الإسلامية الحليف الحالى للإخوان المسلمين، وإحدى القوى التى تعتمد عليها جماعة الإخوان فى العنف، وقد ظهر ذلك واضحًا فى تصريحات عاصم عبد الماجد، أحد أهم قيادات الجماعة الإسلامية.
 
ثانيًا: لأن التيارات المتطرفة تعتبر المسيحيين كفارًا ولا ضرر من الاعتداء عليهم وحرق ممتلكاتهم وكنائسهم واستحلال أموالهم، وقد كان الاعتداء على محلات الذهب المملوكة للمسيحيين وسلبها أحد مصادر التمويل للجماعة الإسلامية خلال حربها مع الشرطة فى تسعينيات القرن الماضى، وذلك استنادًا إلى فتاوى لقيادتهم بأن أموال المسيحيين حلال لأنهم يحاربون الإسلام.
 
ثالثًا: هناك حالة استضعاف للأقباط، خصوصًا فى الصعيد والذى ظل حتى فترة قليلة يعتمد نظام (البدوى) وهو أن تدخل العائلات المسيحية تحت حماية عائلات مسلمة، ولهذا فهناك اعتقاد لدى الإخوان ومن والاهم أن الأقباط لن يستطيعوا رد الاعتداء عليهم، على العكس من المسلمين الذين يؤدّى الاعتداء على أحدهم إلى ثأر بين عائلته والجماعة، أو مع عائلة عضو الجماعة المعتدى أو القاتل.
 
رابعًا: إشعال الفتنة الطائفية لجذب المسلمين إلى صفوفهم، اعتمادًا على النعرات الدينية، خصوصًا أن الأجواء فى الصعيد مهيأة لمثل هذه الأحداث، وقد مهّد الإخوان لما يحدث الآن من اعتداءات أنصارهم على الكنائس فى محافظات الصعيد المختلفة، حيث روّجوا طوال الأسابيع الماضية أن ما حدث فى 30 يونيو انقلاب أسهمت فيه الكنيسة وليس ثورة شعبية، وعلى سبيل المثال توجد عبارات على جدران المبانى بمدينة أسيوط تهاجم الجيش، وتحاول الإيحاء بأن قيادات الجيش تحالفت مع الكنيسة ضد الإسلام، كما تم توزيع العديد من المنشورات التى تزعم أن ما حدث فى يونيو مؤامرة دبّرت بالخارج وأشرفت عليها أمريكا وإسرائيل، ووقف لها بعض الفلول والنصارى ورجال أعمال مسيحيون، وذلك لمحو الهوية الإسلامية، وتهدف هذه الشائعات إلى إثارة المسلمين ضد الأقباط ومحاولة جذب البسطاء إلى جانبهم بعيدًا عن تأييد الثورة.
 
خامسًا: مشاركة الأقباط بقوة فى ثورة 30 يونيو ومظاهرات تفويض الفريق السيسى لمواجهة الإرهاب، أغضبت الإخوان بشدة، وحاولوا استغلالها لتشويه الثورة والادعاء أن المسيحيين عبّروا عن فرحتهم بالانقلاب (حسب الوصف الإخوانى)، لأنه يخلصهم من تطبيق الشريعة الإسلامية التى يرفضونها، ونسى هؤلاء فى مزاعمهم أن المسلمين عبّروا عن الفرحة بالثورة أكثر من الأقباط، كما أن مرسى لم يفعل شيئًا طوال فترة حكمه من أجل تطبيق الشريعة، وهو ما واجه به عدد من السلفيين جماعة الإخوان، هذا الغضب الإخوانى من المسيحيين دفعهم للاعتداء عليهم، وذلك لعدم قدرتهم على الانتقام من المسلمين الذين شاركوا فى الثورة الذين تعدوا أكثر من 30 مليونًا على مستوى الجمهورية وكان للصعيد عدد لا يستهان به فيها.
 
أخيرًا: ما رد فعل الوفود الأجنبية التى زارت مصر مؤخرًا، وأبدت تعاطفًا مع الإخوان وعلى رأسها ماكين؟ وهل ما زال يرى أن الإخوان جماعة مسالمة وأن الاعتصامات كانت سلمية أم أن الاعتداء على الكنائس سيجعله يغيّر رأيه ويرى الحقيقة أم أنه سيستمر على موقفه حتى ولو كان على حساب المسيحيين المصريين.