كتب: مايكل دانيال
في امسية لطيفة و في رحاب مسرح ستوديو ناصيبيان (جزويت الفجالة)، كان لي شرف حضور عرض "المدينة" لفريق شمعة و ملاحة.

تجولنا مع المخرج القدير المبدع "مايكل تادرس" داخل ارجاء مدينته، حيث سبر اغوار النفس البشرية وصولاً إلي الاسباب التي تجعلنا ننفصل عن الواقع او من حولنا و تقوقعنا حول ذواتنا و معتقداتنا!ّ

المسرحية التي يستمر عرضها إلي يوم السبت 27 فبراير الجاري، هي مسرحية فلسفية كوميدية، فشر البلية ما يضٌحك و هو المثل الذي كان يتراءي امام عيناي كلما تجولت أكثر فاكثر بداخل ارجاء تلك المدينة وصولاً إلي ان الحب هو المفتاح الوحيد للأبدية.

يبدأ العرض الذي قدمه ببراعة مجموعة من الشباب الموهوب، بـ فيديو يمثل بعض احداث ثورة يناير، ثم ينتقل المشهد الي خشبة المسرح حيث جسد هؤلاء الشباب الصراع الموجود بين ابناء الوطن الواحد، و ايضا بين الانسان و نفسه

ظهرت إسراء الالفي و التي تشارك فريق شمعة و ملاحه لأول مرة بأداء جيد، بينما جاء أحمد دياب و الذي يشارك الفريق ايضاً للمرة الاولي بأداء فوق الرائع، بينما تألقت دعاء الدسوقي في دور هو جديد عليها (امرأه صعيدية)، و جاء الممثل العبقري و مخرج العرض مايكل تادرس في دور شيخ متعصب اتقن اداؤه.

كما تألق مفيد سعيد، فيليب سامي، ماريان سامي و هبة امام، كلِ في دوره مما يعكس حنكة المخرج في تطويع امكانيات كل ممثل، كما يعكس ايضاً حالة الترابط بين جميع افراد الفريق، و هو شيء غير جديد عليهم  حيث انهم يعملون سوياً لسنوات تحت مظلة ذلك الفريق الذي يجمع بينهم بحب الفن الراقي.

تطويع الاضاءة التي نفذها ديفيد صلاح جاء مناسباً الي حد كبير خصوصاً و ان امكانيات المسرح بسيطة جداً، بينما كانت الموسيقي و المؤثرات الصوتية و التي نفذها بولا ناجي مناسبة ايضاً الي حد كبير، و جاء العرض بدون ديكور، فقط عدد ستة مقاعد صغيرة.

جدير بالذكر ان فريق شمعة و ملاحة كان قد قدم من قبل عروضاً تحمل الطابع الفلسفي أهمها "اتلانتس" و التي تدور احداثها في اطار فانتزي حول سامر الذي يفكر كثيراً في وجود الله و مشكلة الالحاد و يذهب الي قارة اتلانتس المفقودة ليجد نفس السؤال الوجودي هناك ايضاً و قد قدمت لعدة مرات علي مسرح الهوسابير و مسرح ستوديو ناصيبيان، كما جاءت مسرحية "البساتين" عن النص الياباني "راشمون" في اطار فلسفي ايضاً حيث الصراع بداخل النفس البشرية و نسبية الحقيقة و قد قدمت ايضاً لعدة مرات...

فريق شمعة و ملاحة هو فريق مستقل يصر علي تقديم ابداع مختلف و عبقري بامكانياتهم الفردية البسيطة،  و اتمني ان تلتفت الدولة و بالاخص قطاع الثقافة لتلك الفرق المستقلة و ان تتبناها متي اردنا ان نرتقي حقاً بالفنون عن طريق الشباب و الذين هم عماد المستقبل.

و في النهاية انصح الجميع بمشاهدة ذلك العرض العبقري لانه فعلاً يستحق.