شريف منصور
اود في السطور القادمة أن أشاركم معي بعض الخواطر والأفكار؛ التي تدور في رأسي منذ فترة طويلة، عبارة عن تحليلات وأفكار تجمعت عندي نتيجة تتبعي لما يدور من حوالي؛ ونتيجة لبعض الاحداث التي مرت بي مؤخراً، والتي عندما دققت فيها وجدتها وثيقة الصلة بعضها البعض، على العكس من أنها في الظاهر محض صدف؛ لا يبدوا عليها الصدفة اطلاقا. تبتدئ منين الحكاية؟  
 
الفيس بوك
في السنة الأخيرة تعرضت لعدد كبير من مرات الحظر والمنع علي النشر في الفيس بوك، لدرجة غير عادية تثير الدهشة، كانت أخر هذه المرات منذ عدة أيام، حيث تم إبلاغي بالحظر لمدة ٣٠ يوماً، ولكني قمت بالاستئناف علي تلك العقوبة الفيسبوكية، ونجحت في تخفيضها إلي ٣ أيام فقط ، أما فكيف حدث ذلك وما السبب وراء الحظر، فلنبدأ بالسبب وراء الحظر، فكان تعليق كتبته في عام ٢٠١٦ (حوالي ٥ سنوات يا جدعان)، علي أحد الصور للدولة الإسلامية- داعش، لطفل تم تقطيعه إلي نصفين علي يد إرهابي الخلافة الإسلامية- داعش، لا أنكر أنها صورة صعبة و قاسية، ولكني ليست انا من قام بنشرها في الأساس ، ولا شخصيتي  ولا تعاليم ديني هي التي  أدت إلي تقطيع ذلك الطفل البريء إلي نصفين و الكثيرين غيره، وبعد تبادل رسائل بين موظفين المراقبة  أدي إلي اقتناع  الفيس بوك بوجهة نظري وتم تخفيض الرقم من 30 إلي 3 أيام ، الأمر الذي أستوقفني وجعلني انتبه جدا هو، أنهم يبحثوا في منشورات وتعليقات تعود لسنوات عديدة للوراء. يقال انه سوفت وير إنسان إلي يعني، مخصوص لكي يفضح أعمال الشر اللامتناهية والمستمرة للإرهاب والإرهابيين.  
 
طبعاً بركات المتطرفة المدعوة توكل كرمان، التي تتربع على الكيان المسمى بمجلس حكماء الفيس بوك، والذي يهدف إلى مراجعة المحتوي المسيء على مستوي الفيس بوك، وطبعاً بالنسبة لكرمان وصبيانها الذين أتت بهم ومكنتهم من مراجعة المحتوي المنشور باللغة العربية، أي محتوي يفضح الإخوان الخونة المجرمين وتنظيم الخلافة/الدولة الإسلامية-داعش، والأب الروحي للإرهاب في العالم أروغان يعد محتوي مسيء.
 
سعادة الوزيرة نبيلة مكرم 
نبيلة مكرم وزيرة (الدولة) الهجرة (بالاسم قبطية)، وزيرة الدولة تعني سكرتيرة وزير (الخارجية) وهو لقب بدون وزارة، من خلال متابعة نشاطها المكثف، عبر السنوات الماضية وجدت أن الأجهزة السيادية (...) أتت بها لهذا المنصب خصيصاً؛ من أجل هدف ومهمة محددة؛ وهي إحكام السيطرة على الأقباط في الخارج ومحو (هويتهم)، والاستيلاء على إنجازاتهم لصالح الدولة، تلك الدولة التي تنكر على الأقباط حقوقهم كمواطنين وتضطهدهم، وتبتزهم تحت شعار [الوطنية]. وبنظرة فاحصة متأنية سنجد أن تركيز الوزيرة المذكورة ينصب على المجتمع القبطي في الخارج عموماً؛ وفي كندا خصوصاً، وهذا يرجع لعدة أسباب لا مجال لذكرها كلها الان في هذ المقال، وانما أبرز الأسباب الملحوظة و التي دفعت الوزيرة ومن يحركها، للتركيز على المجتمع القبطي في كندا، أن المجتمع القبطي في كندا حقق تواجد سياسي ملحوظ؛ و كما أن الأقباط يتمتعوا بأحترام كبير على مستوي الساحة السياسية والاجتماعية في كافة مدن كندا.
 
وبالفعل "نجحت" الوزيرة في الاستيلاء على واحد من أهم إنجازات الأقباط في كندا، وهو شهر التراث القبطي الكندي، والذي تم تحويله إلى شهر التراث المصري الكندي، وكنا قد كتبنا حول ذلك مقال كبير يحوي كل التفاصيل ويوضح لماذا كان الأصح أن يكون شهر المسمى هو التراث القبطي الكندي وليس المصري. الاعتراض على هذه التسمية سببه مهم جدا كما شرحت في مقالي السابق. وتلخيصه هو نزع هذا الشهر المعترف بوجود وجهود أصحاب الحق الاقباط من يدهم وهم من حققوا واستحقوا هذا التكريم في الأساس وجعله شهر للمشاع بتسميته الشهر المصري. 
 
بعد تعرض عدد من أولادنا في مصر للاعتقال وزج بهم في السجون منذ قرابة عام ونصف حتي الأن، ظلماً وعدواناً بدون تهم حقيقية، غير الحديث السخيف عن عملهم وتعاونهم مع الإخوان الخونة المسلمين، من هؤلاء الناشط القبطي رامي كامل، وباتريك زكي، فباتريك باحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والتي تم مؤخراً اعتقال عدد من العاملين بها، الأمر الذي أثار ضجة في خارج مصر حول هذا الأمر، وقامت نجمة هوليوود سكارليت جونسون بتسجيل فيديو لدقائق معدودة، انتقدت فيه أوضاع حقوق الإنسان في مصر تحت حكم السيسي، وطالبته بالإفراج الفوري بالأسماء عن المعتقلين من الباحثين والعاملين بالمبادرة المصرية، بما فيهم باتريك زكي، وبالفعل قام النظام المصري بالاستجابة للضغوط التي ولدتها رسالة نجمة هوليوود، وأفرج عن الباحثين المعتقلين ماعدا  باتريك، هل  احتاج لتوضيح سبب عدم الافراج عنه، فباتريك هو القبطي الوحيد من بين هؤلاء فلذلك لم يتم الأفراج عنه.
 
اتصلت بالوزيرة السفيرة نبيلة مكرم بعد زيارتها الشهيرة للاحتفال بشهر الاقباط في برلمان اونتاريو وطلبت منها صراحة التدخل والتوسط للأفراج عن رامي كامل والأقباط الأخرين. فكان ردها: "أنا مجرد وزيرة؟ فقلت لها نحن من وقف معك ومنعنا أن يتم الإبلاغ عنك والتدخل القانوني ضدك في واقعة الإشارة بقطع الرقبة لمن يعارض مصر؟ فقالت لي هل تهددني؟ بالطبع". لا أهدد أولاً لأنها سيدة ولأنها في النهاية محسوبة علي مصر، ثانياً لست شخص متدني أخلاقياً حتى أهدد إنما استخدام الحق القانوني، فأحقاق الحق لا يعد تهديداً، وإلا كانت المحاكم أستبدلت أسم المدعي بالمُهدد والمدعي عليه بالمهدد. ولكن نقول أيه، فهذا أسلوب التعالي المتعارف عليه في مصر (أنت عارف أنت بتكلم مين أو أنت فاكر نفسك أيه). ومع هذا أكدت لها أنا لا أهدد إنما بأسلوب دبلوماسي أشرح لها انها في احتياج لنا في كندا، وما فعلته يسئ لنا جمعياً؛ ويسئ لسمعتنا الطيبة التي بنينها عبر عقود طويلة. وطبعا أنهالت على المكالمات من كل حدب وصوب من شخصيات قبطية كندية بأنه على أنى أكف عن مهاجمة الوزيرة!، والغريب أنا لم أهاجم الوزيرة إطلاقاً (وأن كان ذلك حقي الذي لا يمكن لاحد أن يجردني منه مادام هناك سبب يدعو لذلك) فخلاف مع الوزيرة للصالح العام.  واعتراضي كان ومازال على معاملة أولادنا المعتقلين وغيرها من الوقائع التي لا تخفي عليكم وسيأتي ذكرها في حينة. 
 
احذروا من وهم و فخ ما يسمي بإصلاح الإسلام 
الشيء الأخر الذي رأيته أن هناك محاولات حثيثة لدفع الأقباط في كندا، أو بمعني أدق [توريط] الأقباط في كندا، في معركة وهمية تحت مسمي إصلاح الإسلام أو ما يعرف بإيجاد و خلق إسلام معتدل، تلك المعركة التي يحاول أن يروج له، أحد المتملقين للأقباط الذي وجه لهم من قبل اتهامات باطلة بأنهم وضعوا دخوله هو وأسرته في المسيحية كشرط لمساعدته، عندما وصل كلاجئ هو وأسرته إلي كندا من عدة سنوات،  فهذا الشخص الذي يعمل لحساب نفس الجهات التي تعمل لها وزيرة الهجرة نبيلة مكرم، يحاول نشر الإرهاب و الترويع  بين الأٍقباط وأقناعهم بأن الحل لمشكلاتهم مع التطرف؛ تكمن في ضرورة مساعدته لإنشاء تيار من الإسلام المعتدل في كندا عن طريق انشاء مدارس و مساجد تروج لما يدعي (بالإسلام المعتدل). 
 
هل يعقل هذا الكلام؟، وهل هذه مهمتنا نحن؛ وهل يجب أن يتم ذلك بتمويلنا وتعضيدنا؟، وحتى لا يعتقد المسلمين خطئ أننا نحاول التدخل في الإسلام وعقيدتهم واصلاحهم، فإصلاح الإسلام من عدمه أمر ومهمة المسلمين وحدهم فقط، إما عن مهمتنا نحن كأقباط في كل مكان في العالم وبالذات في بلدنا الحبيبة كندا لأننا مستهدفين، أن ننمو و نكون مندمجين في مجتمعنا نحب الكل وأن نكون مؤثرين، لا ننتظر من أحد أن يدافع عنا وعن مصالحنا وعن مستقبل أبنائنا وأحفادنا، لا تنسوا الحكمة تقول أن ما حك جلدك مثل ظفرك، واحذروا الثعالب التي تأتيكم وتحدثكم في شكل وثوب الحملان.
 
الحقيقة التي يجب أن نستوعبها أن معركة الدولة مع الإخوان في مصر هي معركة لا يد لنا فيها، فهي معركة بين السلفيين الذين في الحكم والإخوان اللي كانوا في الحكم، ونحن كأقباط نخرج بمحصلة مهمة وهي أن الأثنان بالدليل القاطع يكرهونا صوت وصورة وقرارات وأحكام وإعلام. بالطبع كتائب المتناحرين الاليكترونية سيقولون شوفوا عاوز يعمل فتنه؟ كأني أنا اللي قلت للدولة تكون دولة تعلم وتسقي الأغلبية العنصرية من أول مناهج التعليم لأحكام القضاء وسلوك المسؤولين والوزراء حدث بلا حرج. 
 
الخلاصة
أن تلك المحاور التي ذكرتها بالأعلى هي محاور مرتبطة ببعضها ارتباط وثيق، وجوهرها شيء واحد؛ هو أن قوي الشر تمدد وتتغلغل، وكلها تهدف إلي استهدافنا؛ مرتدية أقنعة مختلفة، ولذلك مهمتنا تقع في منع تكرار التاريخ بأخطائه، حتي لا يلومنا أبنائنا و أحفادنا، مثلما فعلنا نحن وألقينا باللوم علي الأجداد، الأقباط حققوا نجاح في كندا محسوس جداً ومعروف للجميع ، ولكن السؤال الرئيسي ما هو مستقبلنا في هذا البلد الذي أصبح بلدنا، وبلد أجيال ولدت هنا لا تعرف غيره كوطن، يعني بعد ٦٠ و ١٠٠ سنة من الأن؟، هل يا تري سيكون الأقباط مواطنين بلا صوت ولا كيان ولا أي أهمية وسلبيين كما هو حالنا في وطننا و أرض أجدادنا مصر التي  جاء منها أباءهم وأجدادهم ،ويصل بنا الأمر أن نشعر ونتصرف كذميين في بلد لنا فيها كافه حقوق المواطنة؟
 
كي لا يحدث هذا واجب علينا جميعا أن يكون لنا باتحادنا وزن في وطننا كندا، وهذا الوزن يتحقق بالمشاركة الفعالة في ادارة شؤون كندا، بداية من مجالس المدارس للبلدية لبرلمان المقاطعة للمستوي الفيدرالي، لان نقطة القوة وممكن الفعالية الذي في يدينا هو أننا هنا [مواطنون كاملي المواطنة]، ولذا وجب علينا الانخراط والتفاعل مع جميع شرائح المجتمع على مستوياته المختلفة، حتى لا يأتي اليوم الذي يقرر لنا فيه الأخرين أمورحياتنا، ونفقد كينونتنا كمواطنين ونتحول لذميين مرة أخري هنا في كندا.
 انا قبطي كندي موطني الاصلي مصر وافتخر.