تأمل قديم ومجدد
قلم: نبيل صموئيل 
تختلف ثقافه الشعوب بحكم السياق التاريخي لها والنظم السياسيه والإجتماعيه، والتي تشكل أساليب التربيه والتنشئه، والنظرة للدين والتدين والإيمان وكلها عوامل تفرز وتشكل ثقافه الشعوب، 
 
وفِي هذا الإطار يختلف سلم القيم من ثقافه لأخري، وعلو القيمه هنا بمعني أنها في قمه إنتظارات وإهتمامات المجتمع وهبوط القيمه بمعني انها أنها  ليست في إهتمامات الناس والمجتمع بصفه عامه.
 
فبينما الشعوب التي تسودها ثقافه الحريه وإعلاء قيمه الفرد في المجتمع وتقدير وإحترام إرادته وإختياراته في إطار النظام والقانون العام للمجتمع تعلو إهتمام هذه الشعوب بالقيم المرتبطه بالآخرين وبالمجتمع فيصبح مثلا قيم الصدق والأمانه وإحترام حقوق الغير وإحترام المواعيد ودقتها والنظام العام في أولويات سلم القيم، بينما القيم المرتبطه بالفرد كنظرته للدين ومظاهره وممارساته  او المرتبطه بمظهر الفرد وسلوكياته الفرديه  وآرائه في الحياه والموت وغيرها، وفي ملبسه ومأكله وهكذا تصبح في غير اهتمام الشعوب وفي ذيل سلم القيم إن وجدت بإعتبار أن هذا جزءا لا يتجزأ من تفرده وحريته.
 
بينما نجد وبشكل عام ان الشعوب التي لا تتمتع بالحريه وأساليب التربيه والتنشئه فيها تقليديه ماضويه ونمطية سلطوية، فتهتم هذه الشعوب بالتركيز وفي هذه الثقافه في إعتبار ان الفرد جزءا لا يتمايز عن المجتمع بل عليه أن يكون علي نفس النمط والصوره كالجميع، ويصبح التفرد والاختلاف للفرد غير مقبول لدي الجماعة، وفِي إطار ذلك يصبح سلم القيم علي عكس سلم القيم للشعوب التي تتمتع بالحريه، فتصبح القيم صاحبه الاولويه  والاهتمام وانتظارات الناس هي المرتبطه بمظهر الفرد وسلوكياته وتدينه وممارسته للطقوس والفرائض وحفظ أقوال الآباء،  فتتشكل القيم بفعل ما يريده المجتمع والتقليد وليس بقناعة وإيمان الفرد. ويهبط الاهتمام بالقيم المرتبطه بالآخرين  وبالمجتمع كالصدق والأمانه وإحترام النظام العام في المجتمع.
 
وهنا تأتي مشكله اذا ما كانت ثقافه الشعوب التي لا تتمتع بالحريه ولا بنظم تربيه تبني الشخصيه المتفردة، فلا تتم عمليه التنشئه علي قيم الحريه وإحترام حقوق الآخرين وقبول  التنوع البشري الخلاق وإحترام الاختلاف وغيرها من هذه القيم، وبما في ذلك إحترام القانون الذي ينظم العلاقات بين البشر،  فتتعرض هذه الشعوب لنفوذ الجماعات الماضويه السلفيه، فتتفشي الفوضى وعدم إعمال القانون للجميع، وتسقط هذه الشعوب في براثن التخلف والرجعية والفساد وإفساد الذوق العام ويصبح الفضاء العام مباحا مهانا مستغلا من أصحاب النفوذ.
 
فالارتباط وثيق بين سلم قيم الشعوب وثقافتها  هل مؤسسه علي الحريه والتفرد في إطار عام منظم أم علي التقليديه والماضويه السلفيه، وأن الفرد جزءا لا يتجزأ من الجماعه أو المجتمع فعليه أن يتمثل بها ويتبعها في كل شئ.