هاني صبري  - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
استمراراً لمسلسل الاعتداء على الأقباط، قام متشددين من قرية  الكوم الأحمر - مركز المنيا بمحافظة المنيا بالأعتداء على أقباط القربة بسسب حصول الأقباط الإنجيليين على ترخيص رسمي من محافظة المنيا بالبناء فى أكتوبر 2023، بعد استيفاء كافة الإجراءات المقررة قانوناً ، وسوف تخدم الكنيسة الآلاف الإنجيليين في الكوم الأحمر، والنجارين، وشبيب، حيث لا توجد كنيسة إنجيلية بالقرية. وتم البدء فى عملية حفر الاساسات يوم الاثنين الماضى. 
حيث فؤجي الأقباط بتجمهر هؤلاء المتشددين عقب صلاة الجمعة، واتفقوا فيما بينهم على هدف إجرامي واحد هو التعدي على الأقباط وممتلكاتهم لمجرد صدور قرار لهم بأقامة كنيسة إنجيلية بالقرية ، كل هذه الأفعال الإجرامية الإرهابية مؤثمة قانوناً وفق المادتين ٨٦ ، ٨٦ مكرر ( أ ) من قانون العقوبات .أن مثل هذه الوقائع المؤسفة من الأعتداء علي الأقباط فيها إخلال بالنظام العام وتعريض سلامة وأمن المجتمع للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وترويع الآمنيين وتعريض حياة الغير للخطر، وإتلاف ممتلكات الغير .
 
على إثر ذلك قامت كافة الجهات المعنية الدفع بتعزيزات أمنية إلى القرية وتم السيطرة على الأحداث بدون وقوع خسائر بشرية، والقبض على عدد من المتهمين. 
 
في تقديري أن ما اقترفه الجناة يعد أيضاً استعراض القوة وتعريض حياة الآخرين للخطر وفقاً لنص المادتين (375 مكرر، 375 مكرر أ) من قانون العقوبات. يعاقب بالحبس كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوى أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أى أذى مادى أو معنوى به، أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير فى إرادته لفرض السطوة عليه - أو إرغامه على القيام بعمل، أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب فى نفس المجنى عليهم أو تكدير أمنهم أو سكينتهم أو تعريض حياتهم أو سلامتهم للخطر أو إلحاق الضرر بشىء من ممتلكاتهم أو مصالحهم أو المساس بحريتهم الشخصية أو شرفهم أو اعتبارهم.
كما تنص مادة (375 مكررا أ)  يضاعف كل من الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة المقرر لأية جنحة أخرى تقع بناء على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة 375 مكرر ، ويرفع الحد الأقصى لعقوبتي السجن والسجن المشدد إلى عشرين سنة لأية جناية أخرى تقع بناء على ارتكابها. وتكون العقوبة الإعدام إذا تقدمت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 375 مكرر أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (234) من قانون العقوبات.
 
ويعد ما ارتكبه هؤلاء الجناة من أفعال تشكل جرائم جنائية مكتملة الأركان تضعهم تحت طائلة القانون وليس هناك أي مبررات لتلك الجرائم على الإطلاق.
نقرر وبحق أن الكنيسة تستمد حقوقها من الدستور والقانون وأن الجهات المعنية عندها تجيبها إلى طلباتها فإنها تعمل صحيح نص الدستور والقانون، لان حرية العبادة وحرية ممارسة الشعائر الدينية من بديهيات حقوق الإنسان وحق أصيل للمواطن وحق دستوري مقرر له لا يجوز المساس به دون مسوغ ولا الانتقاص منه بغير مقتضى. وأن منع الأقباط مَن الصلاة مخالف لكافة الدساتير المصرية المتعاقبة وللدستور الحالي في مادته (٦٤ )، ومخالف أيضاً لقانون بناء الكنائس رقم ٨٠ لسنة ٢٠١٦، ولا يُوجد أي قانون في الدولة يمنع حرية العبادة وحرية ممارسة الشعائر الدينية .
 
وهنا نتساءل من نصب هؤلاء المتشددين أن يكونوا أولياء أو أوصياء على الأقباط وعلى المجتمع ويظنون أنهم بمنأى عن العقاب وغير خاضعين لسلطات الدولة وغير مبالين بالعقاب لأن الأمر في تصورهم وفِي تصور الكثيرين سوف ينتهي في الأغلب الأعم بجلسات الصلح العرفية وهذا فيه ضياع لحقوق الأقباط ويدفع المواطنين فاتورة بعض أشكال التعصب والجهل وتدهور التعليم وإنتشار الأفكار الرجعية المتطرفة وعدم قبول الآخر وثقافة البادية، ولعدم معالجة الأحداث في نطاق تطبيق دولة سيادة القانون ومن ثم يتكرر مسلسل الاعتداء على الأقباط، وقد يفلت الجناة من العقاب فمن امن العقاب أساء الأدب.
إن الجلسات الصلح العرفية تعد افتئات على دولة سيادة القانون ومبدأ المواطنة ، والحل الأمثل لمواجهة مثل هذه الجرائم هو التطبيق الفوري لأحكام الدستور والقانون دونما تمييز أو انتقاء. 
 
ومع الأسف الشديد فقد ساهمت الجلسات العرفية في زيادة تلك الجرائم ، وتعميق النزاعات الطائفية وليس احتوائها، وتفتقر إلى توفير أبسط الضمانات الدستورية والقانونية لجميع أطراف النزاع وأصبحت وسيلة للقهر والاستبداد وضياع الحقوق وفيها تشييع للدستور والقانون وتعميق الانقسامات والخلافات وإثارة الطغائن بين أفراد المجتمع ويجب التعامل بكل حزم مع الخارجين عن القانون ، حتى لا  يتكرر هذا السيناريو المؤسف وينتقل عدوى الأعتداء على الأبرياء من مكان لآخر ، كأننا نسير في حلقة مفرغة ونكتفي بدور المتفرجين والشجب والإدانة وننتظر وقوع الأحداث القادمة التي تحدث بنفس الكيفية وكأننا لا نتعلم من أخطائنا السابقة. 
 
يا سادة يجب مواجهة أنفسنا بالحقيقة هناك أحداث طائفية متكررة تشهدها محافظة المنيا فهي اكثر محافظات مصر فيها كثافة للأقباط وتعتبر الأولي من حيث كثافة الاقباط ويجب مواجهة تلك الأحداث وتداعياتها حفاظاً على الوطن. 
 
وبناء عليه نطالب كافة السلطات المعنية التصدي لمثل هذه الجرائم التي قد تنال من أمن واستقرار المجتمع وحماية مواطنيها والأحتكام إلى تطبيق دولة سيادة القانون، والتحقيق مع الجناة والمحرضين لهم وإحالتهم إلي محاكمة جنائية عاجلة وتوقيع أقصي عقوبة مقررة عليهم قانوناً وذلك لتحقيق الردع العام والخاص، وحماية السلام الاجتماعي والأمن القومي للبلاد.
 
كما نطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨م مواجهة مثل هذه الجرائم التي تنال من سلامة واستقرار الوطن لمنع حدوث حالة من الاحتقان تضر بالمجتمع ومواجهتها وقفاً للقانون للمحافظة علي الوحدة الوطنية وسلامة وأمن البلاد.
ونناشد مجلس النواب بإنشاء مفوضية عدم التمييز المنصوص عليها في المادة 53 من الدستور المصري الحالي .