تحقيق : صفوت سمعان 

بمجرد أن تطأ قدماك مدخل كلية الفنون الجميلة بالأقصر تجد الأعمال الفنية لطلبة الكلية تزين كل المكان من لوحات جدارية بارزة بكسر السيراميك  إلى نحت تماثيل تعبيرية إلى مجسمات معدنية يطلق عليها فن الخردة  إلى لوحات تصويرية وزيتية وأخرى بالقلم  الفحم .
وقبل أن اقترب من مدخل مكاتب الإدارة وجدت مجموعة طلبة وطالبات الكلية يجلسون فى دائرة فى بهو الكلية فى الهواء الطلق تحت الشجر و أمامهم مجسم عبارة عن فازه بالورود وزجاجة  يرسمونها  كلًْ حسب منظوره وهم فى صمت تمام  وتجد فى عيونهم حب التعبير بالرسم بالقلم ،  ولا يخالجك شعور بأنهم مجبرين أو مكرهين على رسم ذلك  كدراسة  بل كمن يهيمون بالفن ، وهذا ما أعطانى أحساس رائع تجاه كلية الفنون الجميلة بالأقصر ،عما سبق أن رأيته سابقا من مجرد طلبة أتت بهم مجاميع الثانوية العامة ليجدوا أنفسهم بما لا علاقة لهم بالفن.
وتقابلت مع عميد الكلية الدكتور محمد أحمد عرابى  الشهير بالدكتور عرابى وكان حوارنا عما تقدمه الكلية وارتباطها بالمجتمع  وكان حوار شيقا وممتعا والتالى مقتطفات من الحوار :-  
 
- فقال إننا نعانى دائما من تغريب الفن بالرغم من إننا مهد الفن والحضارة  وكان لابد إن تقدم كليتنا كل ما هو ينتمى لثقافتنا المصرية الشاملة من فرعونية وقبطية وإسلامية لكى يندمج بها مجتمعنا ويقبلها ففى الثورة قام الطلبة بالتعبير عنها فى جداريات الكلية وحوائط أسوار المدينة  للتعبير عما يجيش فى نفوسهم وهم أنفسهم من شارك بقوة فى رسم حوائط ميدان التحرير ومحمد محمود  وأشهرهم الدكتور عمار أبو بكر.   
 
- ولكنهم تعرضوا لطمس لوحاتهم وخصوصا جدارية سحل البنت فقام السلفيون بالأقصر بمسحها وكذلك أبنى أياد تعرض لتهمة ازدراء أديان فى القاهرة بسبب صورة ينتقد فيها المتشددين وتصدرهم للمشهد السياسى.   
 
- نعمل معارض فى الأقصر حتى لا تحتكر القاهرة كل المعارض وحتى يتعلم الطلبة الاحتكاك بالفنانين العارضين من مدن ودول  أخرى وحتى يحظى ويطلع الفنان الصعيدى بكافة الفنون. 
 
- لم يعد مشروع تخرج طالب الفنون مجرد لوحة قماش أو خشب أو تمثال من عجينة الصلصال أو الجبس وإنما أصبح الآن مفهوم التخرج لوحات جدارية كبيرة تتعدى أحيانا مساحتها ستة  فى أربعة أمتار ويساعده طلاب المراحل الأولى ليتعلموا ، وكذلك يتم استخدام الخامات التى يطلق عليها النبيلة مثل  الحجر و الحديد والخشب . 
 
- لا يوجد تصادم بين الحضارة العربية الإسلامية والفنون  بل اندمجت واحتوت كل الفنون فى كل الدول التى عاشت فيها , وما يقال عن رفض وعدم الاندماج هم دعاة قادمين من دول التصحر ومصر طول عمرها احتوت جميع الفنون فرعونية إغريقية  قبطية إسلامية .
 
- لم تستفد محافظة الأقصر من خبراتنا ومن أعمال الطلبة ، ومحافظ الأقصر السابق سمير فرج لم يستشيرنا فى أى شىء، وكان تجميله للأقصر مجرد مقاولات ،وهو من قام بأشهر كوارث فنية على الإطلاق بطمس اللوحات الجدارية الفرعونية لأشهر الفنانين بمحطة سكك حديد الأقصر والمدرجة ضمن أشهر المحطات فى العالم وعمل محله نقوش بالجبس ،وكذلك دمر اكبر خمس قصور أثرية مسجلين كأثر نادر. 
- من للسخرية المحافظ الأسبق وضع تمثال اغريقى أمام معبد الأقصر وغطى ميادين الأقصر بتماثيل الدولفن والفازات  وكأن الأقصر التى تحوى ثلث أثار العالم  لا هوية فرعونية لها   ..!!    
 
- كذلك بعض المسئولين فى محافظة الأقصر الحالية تعتبر رسوم الجرافيك على الحوائط هو مجرد تشويه للأسوار ولم يقولوا أن ملايين الدعايات الانتخابات هى من شوهت كل حوائط وجدران الأقصر...!!!  

- حملة اقالتى من الكلية ورائها أكثر من جهة  فكثيرا ما كانت تصل مكالمات بدون رقم تحمل التهديد لى ولأبنائى  بسبب موقفى من الثورة وكذلك لبعض من يرى الكلية مصدر قلق للمحافظة لتعبير الطلاب على حوائط سور الكلية ولبعض المتشددين الذين يرفضون وجود كلية فنون فى الصعيد وطلبة وطالبات . 
 
 - أنا لست مسئولا عن سوء الطعام والخدمة السيئة بالمدينة الجامعية  فهى تتبع جامعة جنوب الوادى وتخضع إدارتها للمدن الجامعية ،ولكننى مسئول أدبيا عنهم بحكم أنهم طلابى ، ولكن البعض اعتبرها فرصة لتصفية حسابات شخصية والزج بأسمى ، ولقد حلينا مشكلة الطعام والإقامة لطلبة المدينة الجامعية .

– كانت هناك مشكلة فى وجود أستاذة متفرغين  للتدريس بالكلية بسبب حضورهم من أماكن بعيدة ولكن تم التغلب على ذلك بتعيين كثير من المتفوقين كمعيدين ، ومعيار الكفاءة هو أساس التعيين ،وقد سبق أن رفض تعيين الطالب بيشوى كمعيد ونحن وقفنا معه حتى تم تعينه لأنه متفوق وليس لأى سبب أخر.   
 
وانتهى حوارنا الشيق معه  ولاحظت تعامله  البسيط مع الطلبة  وعدم التعالى عليهم ، كذلك تواجده دائما فى ساحات الكلية بعيدا عن المكاتب المكيفة،
وأخيرا أن الفنون تهذب الشعوب وتدفعها للرقى والتحضر ، وتقاس قيمة كل حضارة إنسانية بقيمة الفنون التى قدمتها ا للعالم ...وهو ما نفتقده اليوم  .