حنان فكري تكتب 

يبدو أن الأزمة أزمة نفوس و ليست أزمة أنظمة أو سياسات فقط ..  اذ عادت من جديد الممارسات التخريبية فى جسد المواطنة .. واستخدام الدين فى تحقيق المصالح او شن الحرب على المنافسين او المختلفين .. سواء فى عالم السياسة او فى مجال العمل العام كله .. فما بين ترشح بعض الاقباط على قوائم السلفيين فى انتهازية سياسة فجة يمارسها البعض من الطرفين .. و ما بين محاولات اخوانيى الهوى فى شق الصف الوطنى لضمان استمرار حالة الاستقطاب و الضغط على النظام .. يظهر اولئك الموتورين الذين ترتضى ضمائرهم الانضمام لقوائم الهدم تحت دعوى عدم رضاهم عن اداء اى شخص او المسئولين فى اى كيان بلا سند ولا دليل ولا تانى او رصد منطقى لاداء الشخوص او خطورة العبث بالكيان الذى يحاولون هدمه .
 
فمنذ ايام استوقفتنى زميلة صحفية فى بهو النقابة  لم التق بها من قبل .. و على مرأى و مسمع من الجميع قذفتنى باتهامات فى جمل سريعة و مركزة بعضها تلو البعض .. كان ملخص  ما قالته الزميلة  :" احـــنــــا جــــبناكى علـــشان انتى مســــــيحية  نكــــاية فى الاخـــوان .. نغيظهم بيكى يعنى .. و لو فاكرة نفسك قوية جربى تعمليها تانى و انتى تشوفى ماحدش هايديكى صوته . لو عندك شجاعة استقيلى " .. ليست هذه المرة الاولى التى اتلقى فيها مثل هذا الاتهام .. و بمنتهى الصراحة على مدار اكثر من عامين التزمت الصمت و ابتلعت  مرارة سقوط المحبة فى وسطنا الصحفى .. و كان يساعدنى على الصمود  دعم الزملاء الاعزاء المنصفين الذين وقفوا الى جوارى كثيرا .
 
تعجبت جدا فالزميلة ارتضت ان تحط من شأن الدين للحد الذى تعلن فيه انه مجرد اداة لغيظ الاخوان ونسيت او تناست اننا شركاء فى الوطن .. و ان نقابة الصحفيين التى على مدار اكثر من 20 عاما توارت فيها المواطنة و صارت جسدا هزيلا يحتاج لقبلة الحياة التى تنعشه .. كسرت فى عام 2013 حلقة التمييز و جاءت بعضوة مسيحية الديانة.. فكانت النتيجة استخدام الدين للحط من شان الاشخاص و التلميح لهم بالدونية .. للاسف يتسرع البعض دون دراية بخلفيات الامور و هنا لابد من ذكر بعض الحقائق  اولا:"  خضت انتخابات النقابة فى مارس 2011 و لم يكن للاخوان وجود ، وبالرغم من ذلك حصلت على 500 صوت " وانا لا بيدعمنى تيار ولا مؤسسة..  500 صوت على دراعى بالناس اللى عارفة شغلى و شقايا .. 500 صوت و انا ماعنديش شلة و لا جريدة قومية تحشد لى .. 500 صوت و كان فى اقباط وقتها نزلوا الانتخابات و لم يحالفهم الحظ .. و تكرر الامر فى 2013 و وفقنى الله و نجحت و محاضر الدورتين بخط يد القضاة يمكن الاطلاع عليها" .
 
تعرضت لمكائد عديدة - و هذا امر طبيعى -  فى مجال عملنا .. لم اذكر عنها شيئا ولن اذكر .. ولن اتاجر او استدر عطفا او ارتجى صوتا فى انتخابات قادمة بسرد حكايات اعتبرها "عبث" ، لكن الامر غير الطبيعى بالمرة ان يتم استخدام النعرات الطائفية فى النقابة فى وقت يلزم فيه توحيد ابناء المهنة و دعم الاصطفاف الوطنى و ليس شق الصف الوطنى و استخدام عبارات التمييز الدينى و الانحدار فى مستنقع الطائفية  .. اتعجب لاستخدام دينى فى التنكيل بى و تجريحى  و افشال عملى .. ثم يطالبنى العقلاء بالصمت بحجة ان اثارة الامر قد تفقدنى بعض الاصوات فى الانتخابات القادمة !! يا سادة الصمت يعنى الموافقة الضمنية على تكليل الكذب بتاج الحقيقة .. و التضحية بالكرامة على مذبح كرسى المجلس .. و تقديم نموذج سلبى لعضو المجلس الخانع امام صوت انتخابى مقابل تضليل بقية الجمعية العمومية و دفن المشاعر الطائفية كما هى دون تهذيبها او تصحيحها .. تلك المشاعر التى لا تجد مرتعا لها الا فى الظلام .. الصمت يعنى اتاحة الفرصة لمعاول الهدم تزايد على الجميع و تمارس الاقصاء لاسباب شخصية مستخدمة الدين وسيلة لتحقيق مآربها .. الصمت يعنى التسليم بان المسيحيين لم يكونوا شركاء وطن و انما ادوات استخدمت فى 30 يونيو للحشد ضد الاخوان ثم انتهى دورهم و ليعودوا الى شرنقتهم مجددا .. الصمت يعنى ان شركاء الوطن عليهم قبول دور " الكومبارس " او  " السنيد "  و الاكتفاء بذلك دون حتى الافصاح عن كونها مغالطات من اصحاب النفوس الضعيفة ممن يكرسون لحالة الانقسام و يرفضون لهذا الوطن الخروج من نفق الطائفية و يلعبون عليه باعتباره الكارت الاخير لهزيمة المصريين ..
 
 لذلك يجب - بمنتهى الحب و الوضوح - ان يعلنها كل من يشارك فى العمل العام :" لسنا عبيدا للاصوات التى نحصدها .. جئنا لخدمة  المجتمع و الوطن " .. و ها انا ابدأ بنفسى و ابعث رسالة لزملائى الصحفيين  :" ما جئت لاستعبد و اصمت على التجريح و الاتهامات الكاذبة .. لم اشعر يوما ما اننى عضو بمجلس نقابة الصحفيين بل كنت اشعر دائما اننى أخت وأم  و خادمة لكل من حولى .. أسلك ببساطة الاخت و حنو الأم.. و اثور بصدق و بعشم الصديقة ..  انحنى ببذل الخادمة .. اجتهد بكل طاقتى لاكون عند حسن ظن من منحونى اصواتهم.. لذلك كان لابد من المكاشفة بدون حسابات او مزايدات .
 
 لم تكن لدى مصلحة إلا الوصول الى اولئك الذين لا يقوون على رفع اصواتهم من اعضاء الجمعية العمومية .. اولئك الذين يعانون  العجز و العوز و البطالة  فى صمت ولا احد يعلم عنهم شيئا .. اولئك المحتاجين الى صوت صارخ باحوالهم .. اذ انسدت حناجرهم بفعل الظلم او المرض او الاقصاء .. هذا الى جانب مهام لجنتى او ما يضاف اليها من تكليفات بالمجلس .. من المؤكد اننى احمل اخطاء عديدة مثلما نحمل جميعا .. لكننى  بعد عامين و نصف العام اعلنها لكم :" انفقت قدر طاقتى .. ربما اصبت وربما فشلت لكن تلك هى طاقتى .. ربما صبرت و ربما اندفعت لكن تظل تلك هى طاقتى  .. لم اتجمل يوما ما .. لم اكن الا نفسى .. و يشهد الله اننى ما كتبت هذه السطور الا املا فى كسر معاول الهدم فى جسد المواطنة .. املا فى وقف استخدام النعرات الطائفية فى نقابة الحريات .. و لاوقف نزيف الحب فى شرايين الصحفيين ..  خشية ان نستيقظ ذات صباح و قد فقدناه  بسبب نوازع الانتقام و العمل لصالح اشخاص مسماة بعيدا عن مصالح الجمعية العمومية التى حملتنا امانة تمثيلها .