بقلم: نبيل شرف الدين

تماماً كما كان يحدث في عهد مبارك تحدث الرئيس مرسي وقادة جماعة الإخوان مرارا عن "مؤامرات" تجري في الخفاء للإطاحة بالرئيس وإسقاط الدولة، وقالت مصادر الإخوان إن معلومات وصلت للرئيس عن هذه "المؤامرة"، غير أنه يرفض كشف لأسباب أمنية، وهو ما طرح تساؤلات عن صلة مصادر الإخوان بالرئيس؟
 
في مقابلة مع فضائية BBC عربية) أشار الرجل القوي بالجماعة خيرت الشاطر إلى "كيان ما" بالجماعة، ينتشر أعضاؤه في كل مؤسسات الدولة لجمع المعلومات، مؤكدا أن أنصار الجماعة منتشرون في كل مكان، حدث هذا في مايو 2012 ويمكن مشاهدته في هذه الوصلة:
http://www.youtube.com/watch?v=pHWldI3b8qg
 
في الرابع من فبراير الجاري أعلنت لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى فشلها في الحصول على معلومات حول المسئول عن الأحداث التي تشهدها مصر خلال اجتماعها بمندوب جهاز المخابرات، في اجتماع مغلق معه، وهو ما يعني أن ما اصطلح على تسميته بأجهزة (الدولة العميقة) التي تتصدرها أجهزة الأمن الثلاث (المخابرات العامة والحربية والأمن الوطني) مازالت مستعصية على الاختراق الإخواني بالقدر الذي تطمح إليه الجماعة.
 
من هنا يثور تساؤل حول طبيعة المعلومات التي تعرضها تلك الأجهزة على الرئيس، ومدى المواءمة بين "العقيدة الأمنية" المتجذرة في تلك الأجهزة التي تربى رجالها على ملاحقة عناصر الجماعة وقادتها، فضلا عن توجسهم من تعريض الأمن القومي للاختراق الإخواني من جهة، والأخرى ولاء قادة الأجهزة للرئيس، لهذا أؤكد أن تلك المؤسسات يستحيل اختزالها في قادتها، فهؤلاء يمكن أن يطاح بهم في أي لحظة، لكن (دولاب العمل) بالمؤسسات له آلياته وتقاليده الراسخة رسوخ (الدولة المصرية) التي تتبدل عليها الأنظمة لكنها تظل بتغييرات لا تمس الجوهر.
 
وفي تصريحات أثارت جدلا اتهم الداعية السلفي محمد الأباصيري، جماعة الإخوان بأن لديها جهاز مخابرات خاص يجمع ويحلل المعلومات، وأن أعضاء الجماعة يتجسسون على الجميع، بما في ذلك الأحزاب والمؤسسات وحتى أجهزة الأمن.
 
وأكد الأباصيري أن "كل عضو بالإخوان "جاسوس في مكانه لصالح الجماعة وكل موظف وعامل في أي مكان لابد أن يرسل أسرار عمله في تقارير لقيادته بالجماعة وحتى كل ضابط أو شرطي ـ ممن تم تجنيدهم خلال السنوات الأخيرة ـ هو جاسوس للجماعة، فالتجسس سلوكهم وأسلوب حياتهم منذ نشأتهم"، على حد تعبيره.
 
وتكتسب هذه التصريحات أهميتها من شخص مصدرها، فهو داعية سلفي محسوب على (تيار الإسلام السياسي) وبالتالي فقد (شهد شاهد من أهلها) كما قال الله تعالى في سورة يوسف.
 
ومسألة مخابرات الإخوان ليست وليدة اليوم، ولم يخترعها الشاطر، لكنها من بنات أفكار المؤسس حسن البنا، كما ورد في مذكرات مؤسس جهاز مخابرات الإخوان محمود عساف في كتابه الذي يحمل اسم "الإمام الشهيد" وقال فيه: إنه في جلسة في منزل ابنته بمدينة برلين يوم 16/8/1992 بدأ كتابة ذكرياته مع البنا، نظرا لعمق الصلة بينها، وملازمته له في أخطر الفترات التي مرت بها الجماعة، حيث كان يعمل أميناً للمعلومات.
 
وفي ذات الكتاب أكد عساف أنهم كانوا يجمعون معلومات عن الزعماء والمشاهير من رجال السياسة والأدب والفن، سواء أكانوا أعداء للإخوان أو أنصارهم، وهذه المعلومات كانت توثق في أرشيف، ويعود لها كلما طلب أحد مقابلة البنا لأي سبب، وكان عساف يحيطه بالمعلومات ليكون على بينة عمن يتحدث أو يفاوض.
ومن التاريخ للحاضر، ومع تصريح (شاهد آخر من أهلها) هو محسن بهنسي، عضو لجنة تقصي الحقائق في قتل المتظاهرين الذي كشف أن وزير الشباب أسامة ياسين اعترف بوجود فرقة (95 إخوان) التي اعتلت أسطح ميدان التحرير خلال أيام الثورة، مؤكداً أن التحقيقات خلصت إلى أن ياسين هو الذي كان يقودها.
سينكر الإخوان كل هذا، لكنها حقائق موثقة، والأيام كفيلة بإثباتها، فقد اعتدنا الإنكار من الجماعة، لكن الله تعالى يشاء أن يفضح كل الأكاذيب والألاعيب بشهادة شهود من أهلها.