بقلم: إسحق إبراهيم
يرفع ائتلاف "مصريون من أجل التغيير" مطلب تحديد "البديل الرئاسي" الموازي للرئيس مبارك، ذلك بعد أن دعا مؤخرًا لتشكيل حكومة ائتلاف وطني واختيار رئيس جديد تحت شعار "حل النظام وليس حل المجلس فقط" وإعداد البلاد لمرحلة انتقالية عقب الإنهاء السلمى للنظام الحالي، لمواجهة التغييرات الراهنة في السياسة المصرية من احتمالية حل مجلس الشعب وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة وما يترتب عليها من "التوريث".

والسؤال الآن: هل هذه المطالب شرعية وواقعية ويمكن تحقيقها؟

مع كامل الاحترام والتقدير لأعضاء الائتلاف، وهم شخصيات معروفة ومؤثرة، وكذلك بغض النظر عن الأسماء التي وُضعت في قائمة البديل الرئاسي وغيرها، فإن هذه الدعوة لا تدل على حس سياسي واع عند القائمين عليها.
فهي أولاً تمثل خروجًا على القانون والنظام والشرعية بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف عليها.
وثانيًا هي دعوة غير واقعية فالنظام المصرى راسخ وله قواعد شعبية، بالتأكيد لا يوجد إجماع عليه لكنه نظام مستقر قام بتوطيد علاقته بالدولة ومؤسساتها، هذا إضافة إلى أنه لا يوجد بديل قادر على الحكم، فالأحزاب ضعيفة جدًا ولديها مشاكل داخلية تكاد تعصف بمعظمها كما أنها تتمتع بعلاقات وثيقة مع النظام وتعيش تحت عباءته. ولم يختلف الأمر كثيرًا مع الإخوان المسلمين فالجماعة -وإن كانت تسعى إلى الحكم- لكن ما زالت هناك مسافة شاسعة للوصول إليه كما أنها غير مهيئة للتعامل مع العالم الخارجي أو قادرة على حل مشكلات الداخل، ناهيك أنها في وضع لا تُحسد عليه حاليًا بعد الاعتقالات الكثيرة التي قامت بها الشرطة في الفترة الأخيرة وتقديم عدد كبير من قادة الجماعة إلى المحاكم بتهمة تمويل التنظيم الدولي للإخوان للدرجة التى جعلت الجماعة تبحث عن وسيط لها عند الحكومة ليخفف من الضغوط الأمنية.

وثالثًا لم يحدد الائتلاف الطريقة التي سيتم بها حل النظام أو إعداد البلاد لمرحلة انتقالية وإجراء الانتخابات المبكرة، فالحزب الوطني الذي يحكم لن يوافق طواعية ويترك الحكم أو يغير النظام، وبالطبع النظام يعتمد في استقراره على دعم الجيش، ولا يبقى إلا أن تقوم حركة عصيان مدني أو احتجاج سلمى، وهذا لن يحدث، فقد دعا الائتلاف وحركة كفاية وجماعة الإخوان المسلمين من قبل إلى مظاهرات وعصيان وكانت النتيجة حضور عشرات أو مئات المتظاهرين فقط وتعامل معهم الأمن بعصا غليظة.

ونأتي إلى نقطة أخرى غير واضحة، قادة الائتلاف يحلفون بأغلظ الإيمان أنهم سياتوا بشخصيات مستقلة ثم يطرحون أسماءًا ليست مستقلة، فالمستشار محمود الخضيري "الرئيس السابق لنادى قضاة الإسكندرية" والمستشار أحمد مكي "نائب رئيس محكمة النقض"، رغم أنهما مستقلين بحكم عملهما القضائي إلا أنهما بحكم الواقع غير مستقلين ويمارسا عملاً سياسيًا بالمخالفة للقانون، فالممارسة لا تعني الانضمام إلى الأحزاب فقط بل تشمل الانضمام لتجمعات ومجموعات ترفع مطالب سياسية وكذلك التعبير عن الرأي في قضايا سياسية في وسائل الإعلام كما أنهما لم يخفيا ميولهما إلى الإسلام السياسي.
وبغض النظر عن أن قائمة الشخصيات المرشحة للبديل الرئاسي أغلبها ممن يميلون إلى الإسلام السياسي فإن عملية الاختيار يشوبها عوار ولا تخلو من مجاملة لشخصيات مثيرة للجدل، هذا إضافة إلى غياب معايير واضحة ومعلنة يتم الاختيار على أساسها، فلماذا يختار فلان ويترك علان؟!

ارتكب الائتلاف خطأ فادح عندما رفع هذه المطالب، وكان من الأجدر أن يرفع مطالب معقولة يمكن تحقيق جزء منها، وهذا كان سيزيد من رصيده الشعبي ومن ثم زيادة فاعلية المناخ السياسي في مصر. أعتقد أن ائتلاف "مصريون من أجل التغيير" لم يتعلم من تجربة حركة كفاية التي أحدثت حراكًا قويًا عندما رفعت شعارًا واحدًا ثم ضعفت عندما سيطر عليها فلول حزب العمل والإسلاميين وتركها اليساريين المعتدلين والليبراليين، حيث اتخذ قادة الحركة الحاليين من عداوة النظام الحاكم هدفًا وغاية ففقدت "كفاية" مصداقيتها.
فعندما ينزل السياسيون إلى الشارع ويرفعوا مطالب البسطاء الحقيقية ستتولد الثقة وسيحدث التغيير المنشود.