بقلم: أبوالعز توفيق
الجلسة العرفية أو ما هو معروف بجلسة الصلح.. هي محاولة للتوفيق بين طرفين متنازعين وإنهاء حالة غليان على سبب ما مثل ضرب صبي لجاره أو شجار امرأة مع أخرى أو صاحب عمل وأجير لديه. ومهما يكون سبب الخلاف بسيطًا إلا أنك تجد اشتعال النفوس من تدخل البعض من ذوى أحد الأطراف المتنازعة بكلمات جارحة أو بالتعدى بالضرب، مما يزيد الموقف اشتعالًا والنفوس احتقانًا. فتجد هذه الجلسات بديلًا عن المحكمة وتأخذ دور السلطة القضائية. ويجلس كبير البلدة كقاض ويصدر أحكامًا على طريقة العمدة النوساني في فيلم "محامي خلع"، وتتعدَّد الأحكام من التغريم بدفع الأموال أو ذبح المواشى أو حتى النفى والطرد من البلدة، وصولًا بالتجريس والفضيحة!!

فهل يتم استبدال القانون بالجلسات العرفية؟؟ وهل من المنطقي ونحن في الألفية الثالثة أن نترك مواطن يحكم على مواطن آخر ويصدر عقوبة عليه؟؟ وما هي السلطة المخوَّلة إليه ليحكم على الناس؟؟ وهل نحن في دولة يحكمها القانون أم يحكمها شريعة الغاب؟؟؟ والأغرب من ذلك كله، ألا تهتز السلطات المعنية لمثل هذه التعديات غير المنطقية على سيادة القانون أولًا وعلى المواطنين ثانيًا؟!!

وطالعتنا الصحف بمثل هذه التعديات، كان من أهمها إحتجاج أهالي قرية "صول" المسلمين على علاقة الحب بين مسيحي ومسلمة، أدَّى هذا الإحتجاج إلى هدم كنيسة القديسين "مار جرجس ومار مينا" واللهو بأجساد القديسين وإحراق منازل الأقباط المجاورة للكنيسة!! وفي النهاية جرت جلسة صلح بحضور ممثلي الطرفين, وفيها يتم الضغط على الطرف الأضعف سواء بالترهيب أو الترغيب بأن الصلح خير والمسامح كريم ورزقي ورزقك على الله.. ويا بخت من قدر وعفى!!!

وآخر تُقطع أذنه من قبل بعض السلفيين لشكهم في وجود علاقة آثمة بينه وبين مستأجرة عنده، ولا يكتفون بقطع أذنه بل يحرقون منزله وسيارته دون أن يعطوه أي حق في الدفاع عن نفسه!! كأنهم من يحققون ويصدرون الأحكام وينفذون العقوبة، هم القاضى والجلاد في آن واحد!! وفي النهاية تجري جلسة صلح!

فهل يصطلح المواطن مع البلطجي؟؟؟؟
ولماذا تترك الحكومة دورها وتتخلى عنه بهذه السهولة؟ إنها بذلك تساعدهم في خلق دولة داخل دولة..

ولو فرضنا أن الطرف الأضعف تنازل عن حقه تحت الضغط وسامح وغفر وتناسى حقوقه الإنسانية.. أين هيبة القانون بالنسبة لباقي المواطنين؟؟!! أين القانون من الذين استباحوا لأنفسهم طرد مواطنين آمنين من منازلهم سواء بذنب أو بدون ذنب؟!

فليس كل الخلافات تصلح معها الجلسات العرفية، فحرق مبنى له قدسيته مثل الكنيسة ليس كشجار صبي مع جاره على قطعة حلوى!

وقطع أذن مواطن قبطي وإصابته بعاهة مستديمة ليس كخناقة بين "اتنين ستات"
على "نقط الغسيل"!

وحرق منازل الأقباط وقتلهم في "أبو قرقاص" وغيرها ليست مثل أي خناقات عادية حتى يبحث الجيش عن طريق الجلسات العرفية. وحتى لو تم الصلح بين الطرفين أين حق وسيادة القانون؟ لماذا لا يُعاقب الجناة على ارتكاب تلك الأفعال مع الأقباط حتى لا تحدث تلك الحوادث مرة أخرى؟ فأعتقد أن الصلح في الجلسات العرفية لا يلغي حق القانون في محاسبة الجناة..

أليس من أهم أهداف ثورة 25 يناير تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية للمواطنين؟!

نريد تدخُّل القانون لمعاقبة من أقام نفسه قاضيًا بغير حق؛ ليتحقق الأمن والأمان لجميع المواطنين. فإلى متى نسمح للبلطجية وأعداء الثورة وفلول النظام السابق بسرقة الأمن الذي طالما تمتعت به "مصر"؟!!!