بقلم الراهب القمص يسطس الأورشليمى
كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
  وعضو إتحاد كتاب مصر 
  رتبت كنيستنا القبطية قراءات أسبوع الألام حيث يقول القديس لوقا  الأنجيلى "كَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ . وَكَانَ كُلُّ الشَّعْبِ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ.")لو21 : 37، 38).
 
الهيكل الأول كان منذ تشييده مركز إيمان الشعب اليهودي ومربط وحدتهم لأنه كان محور أعيادهم الدينية ومناسباتهم الاجتماعية والوطنية. ولذلك ترك في كتاباتهم لمسة تاريخية لها أثرها الواضح. 
 
2 صم 5 يبدأ تاريخ الهيكل بالملك داود. فلما احتل القدس نقل إليها تابوت العهد ومن ثم عقد العزم على بناء هيكل الرب. " إني ساكن في بيت من أرز وتابوت الرب ساكن في داخل خيمة "  (2 صم 7 : 2) ولما منعه ناثان النبي من بناء بيت للرب، أقام هيكلا لله محددا بذلك موقع الهيكل الذي سيبنيه. فلما مات داود (1 ملوك 5 : 15) قرر سليمان توسيع العاصمة وبناء هيكل يستحق أن يقيم الله فيه. إقامة الهيكل على جبل المريّا . وكما يقول المرتل: "المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون الذي لا يتزعزع بل يسكن إلى الدهر، أورشليم الجبال حولها والرب حول شعبه من الآن وإلى الدهر" (مز 125: 1-2). ودامت الأعمال التي بدأت عام 959 ق.م. تقريبا طيلة سبعة أعوام. 
 
2ملوك 24 : 13 جاء جنود نبوخذ نصر عام 597 ق.م. فحرقوا القدس وتضرر الهيكل كثيرا  2ملوك 25 : 13 ما لبث أن عاد الغزو البابلي ليحتل المدينة مدمرا الهيكل تماما. فانهدم الهيكل واختفى منذئذ تابوت العهد. عزرا 1 : 2 سمح قورش بمرسوم أصدره عام 538 ق.م. بعودة العبرانيين إلى وطنهم حاملين معهم الأوانى الذهبية والفضية التي نهبها البابليون. عزرا 3 : 3  ما أن عاد المسبيون إلى وطنهم حتى راحوا يفكرون في بناء الهيكل. عزرا 6 : 15 بعد 18 عاما باشروا أعمال البناء التي دامت 5 سنوات 
 
وقد دام بناء هيكل زربابل أكثر من 500 سنة ! ولكن تمّ تخريبالهيكلمرة أخري علي يد أنطيوخوس السلوقي ملك سوريا ( 175 – 163 ق . م ) الذي نـهب كل ذخائره وأقام مذبحاً للإله “ زيوس ” فوق المذبح النحاسي في الهيكل نفسه ( وذلك في سنة 167 ق.م ) ،فكان هذا إشارة إلي أول رجسة خراب أشار إليها دانيال النبي ( 11 : 31 و32 ) » ويصغي إلي الذين تركوا العهد المقدس .وتقوم منه أذرع وتنجِّس المقدس الحصين وتنـزع المحرقة الدائمة وتجعل الرجس المخرب .والمتعدون علي العهد يغويهم بالمتملقات «.
 
لكن في ديسمبر 164 ق.م ، قام يهوذا المكابي وبقية الثائرين بتطهير الهيكل وترميمه وإعادة تكريسه ، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات منذ أن أقام فيه الوثنيون ذبيحتهم ( مكابيين الأول 4 : 52 –59 ) .وجعل هذا اليوم تذكاراً سنوياً يعيِّد له اليهود باستمرار وهو المدعو “ حنُّوكَّا ” أي “ عيد التجديد ” ، الذي جاء ذكره في إنجيل يوحنا (10 : 22 ) .وحينما بدأ يتصدع هيكل زربابل حتى أصبح مهدداً بالسقوط في عهد هيرودس الكبير ملك اليهود ، وكان هذا يريد أن يضفي علي نفسه مجد سليمان ، كما كان يريد أن يتودد إلي اليهود الذين كانوا يكرهونه ويرفضونه كملك عليهم لأنه كان أدومياً  فبدء في خريف سنة 20 ق.م .في السنة الثامنة عشرة من ولايته في ترميمه من جديد وتوسيعه واكتمل بناؤه سنة 64 م .علي يد هيرودس أغريباس بحسب يوسيفوس المؤرخ اليهودي وقد جاء في إنجيل يوحنا هكذا :»  فقال اليهود في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة أيام تقيمه .وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده « ( 2: 20 و 21 ) .ورقم الستة والأربعون هو زمان زيارة المسيح للهيكل ، فحتي في أيام المسيح لم يكن بناء الهيكل قد كمل بعد . 
هيـكل هــيرودس : 
وأخبار هذا الهيكل مدونة في تاريخ يوسيفوس ، فقد وسعت مساحة هذا الهيكل ضعف ما كانت عليه قبلاً إذ بلغت حوالي مساحته 35 فداناً وكان محاطاً بإفريز مرتفع علي حافة الجبل وبُني من أحجار ناصعة البياض ، طول الحجر الواحد 6 متر ، وعرضه 3 متر ، وارتفاعه 2متر ،كما يقول يوسيفوس  وارتفع سطحه أكثر من ارتفاع سطح هيكل سليمان بنسبة 2:3. وكان التخطيط رائعاً أسفر عن مجموعة من الأبنية الضخمة الجميلة ، التي فاقت كل ما سبق إقامته من أبنية هناك .
 
وقد استخدمت في بنائه مقادير عظيمة من الرخام الفاخر والفسيفساء الثمينة والأخشاب العطرية النادرة ، وقد وشيت جدرانه من الداخل بالذهب والفضة وطُعمت بالأحجار الكريمة وقد قام ببناء “ القدس ” ألف كاهن من المدربين تدريباً خاصاً،وفي مدة ثمانية عشر شهراً ( 11- 10 ق.م )، كانت تحيط به ثلاثة أسوار شاهقة، وكان مكونا من ساحتين كبيرتين أحدهما خارجية والأخرى داخلية وكانت الساحة المنبسطة التي تحيط بالساحة الداخلية تعرف بدار الأمم وعلي أطراف الساحة الخارجية كانت هناك أروقة أنيقة تقوم علي أعمدة مزدوجة من الرخام وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين .وكانت ترتكز علي مائة واثنين وستين عاموداً كل منها من الضخامة بحيث لم يكن يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته .
 
دار الأمــم هو الجزء الخارجي المتسع من الهيكل ، وكان مرصوفاً بالرخام ، ومساحته 750 قدم2 ، واشتق اسمه علي أساس أنه مفتوح أمام الجميع يهود وغير يهود ، وكان يتسع لأعداد ضخمة .كان يجلس فيه باعة الطيور والحيوانات الطاهرة التي كانت تقدم منها الذبائح، وكذلك كان يجلس فيه الصيارفة لاستبدال النقود للقادمين من مختلف البلدان لدفع الضرائب المفروضة عليهم للهيكل ، إذ لم يكن الكهنة يقبلون منهم العملات الأجنبية ذات الزخارف الوثنية ، فكانوا يضطرون إلي استبدالها بالعملة التي يقبلها الكهنة ، وهي الشاقل المقدس . وما كان ذلك يتضمنه في الغالب من غش وسرقة، ومن ثم قال الرب يسوع» : مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي وأنتم جعلتموه مغارة لصوص « (متي 21 :13 ) .وهو المكان الذي طرد منه رب المجد هؤلاء الناس (متي21 :12 ،يوحنا 2: 14-17)
 
وقد كانت الأروقة القائمة في الجهة الجنوبية من الهيكل مخصصة للملوك ، ومن ثم كانت أكثر ضخامة وفخامة .أما في الجانب الشرقي فكان يقع رواق سليمان وهو يطل علي وادي قدرون .وقد كان رب المجد يسوع يتمشي في الهيكل في “رواق سليمان ” عندما احتاط به اليهود يطلبون منه أن يقول لهم جهراً إن كان هو المسيح ( يوحنا 10 : 23 ) .وفي الشمال الغربي للهيكل بني هيرودس قلعة “ أنطونيا ” لتطل عليه ،والتي كان يقطنها عساكر الرومان مع قائدهم .كما بني لنفسه قصراً كبيراً علي السور الغربي للهيكل .
 
كان للهيكل تسع بوابات ضخمة ، وقد ازدانت هذه الأبواب كلها بزخارف من عناقيد العنب الضخمة المصنوعة من الذهب الخالص، أربعة منها في الجنوب، وأربعة في الشمال، ومن الشرق كان هناك الباب الجميل ( أعمال الرسل 3 :2و 10 )، وهو المدخل الرئيسي للهيكل الذي يدخل منه جميع شعب إسرائيل ، وحتى رجال الكهنوت لاويون وكهنة، ورغم أن الأبواب كانت مزخرفة بالذهب إلا أن الباب الجميل الذي كان مصنوعاً من النحاس الكورنثي اللامع والمزخرف فاق في جماله جميع تلك الأبواب، ولشدة ثقله كان يلزم تعاون عشرين رجلاً لفتحه وإغلاقه .
 
وكان يتكون من ثلاث ساحات كل ساحة تعلو ما يسبقها ،فكان الصعود إلي الباب الجميل ( المدخل الرئيسي ) خلال 12 درجة رخامية والذي يؤدي إلي دار النساء، وإلي الغرب يرتفع 15 درجة أخري إلي بوابة نيكانور التي تؤدي إلي دار إسرائيل ، وهو الرواق الذي يتجمهر فيه الإسرائيليون للعبادة والصلاة ، وإلي الغرب كانت دار الكهنة التي ترتفع بمقدار درجتين التي كان يوجد بـها مذبح المحرقة والمرحضة ، وفي الجزء الغربي منه يوجد باب بسلالم صاعدة أربع عشرة درجة حيث الهيكل ويسمي “ البيت ” وهو بناء بالغ البهاء يكاد يكون كله من الذهب الخالص . وهو يتكون من قسمين الأول القدس ، حيث يكهن الكهنة ، فيه مائدة خبز الوجوه عن يمين الداخل ،والمنارة الذهبية علي يسار الداخل ، ثم مذبح البخور الذهبي بين الاثنين أمام الحجاب الذي يؤدي إلي القسم الثاني وهو قدس الأقداس ( المحراب ) ، الذي كان فارغ تماماً ، وعبارة عن صخرة ضخمة كان رئيس الكهنة ينضح عليها بدم ذبيحة الكفارة في يوم الكفارة . وقد ذكر أن واجهة وجه الهيكل كان مربعاً طوله مائة ذراع  (45متر )، وكان مغشي بالذهب ويبلغ عرض مدخله عشرين ذراعاً (9متر )، وارتفاعه أربعين ذراعاً (18متر)، تتعرش فوفه النجمة الذهبية، والهيكل طابقان علي ما يقول يوسيفوس والسفلي به 38 غرفة في ثلاثة صفوف أما العلوي فلم تكن به غرف البتة .
 
كان يفصل دار الأمم عن دار الهيكل الداخلية حائط السياج المتوسط ، وهو حاجز يعلو نحو (1.7 متر) ،ولم يكن ممكناً لأي أممي عبوره ، فقد وضع عليه لافتة باللاتينية واليونانية نصها : “ لا يجوز لأي أجنبي عبور الحاجز الذي يحيط بالمقدس كل من يضبط وهو يفعل ذلك يُعّرض نفسه للموت ” ، ولهذا السبب ثار اليهود إذا اعتقدوا أن بولس الرسول أدخل تروفيمس الأفسسي إلي الهيكل ( أعمال الرسل 21 : 28 ) .
 
في وقت السحر ، ينطلق صوت أبواق الكهنة ثلاث مرات معلنة بدء يوم جديد ، وفي نفس الوقت ينهض اللاويون الذين عليهم خدمة اليوم لمباشرة مهام وظيفتهم ، ويتقدم العلمانيون الذين يمثلون شعب الله لحضور تقديم الذبيحة نيابة عن إسرائيل بأسره ، سواء في فلسطين أو في الشتات .
 
ومن أعلي نقطة في الهيكل يقف أحد الكهنة يرقب بزوغ فجر اليوم حيث يعلن بإشارة خاصة بدء الخدمة ، بينما تموج أروقة الهيكل من أسفل بنشاط مثل خلية النحل . فقبل ذلك ، وربما قبل صياح الديك ، يستدعى رئيس الكهنة أولئك الذين اغتسلوا بحسب الفرائض الطقسية لمباشرة وظائفهم المقدسة. وكانت الخدمة اليومية تحتاج إلي 50 كاهناً ، يقسّمون أنفسهم فرقتين ويجولون مفتشين الهيكل وأروقته علي ضوء المشاعل .وها هم يجتمعون ثانية ذاهبين إلي “ قاعة الأعمدة المنحوتة ”حيث اعتاد مجمع السنهدريم أن يعقد جلساته . وهنا يتم ترتيب خدمة اليوم وتعيين خدامها بواسطة “ القرعة ” حسما للخلافات » القرعة تبطل الخصومات « 
 
( أمثال 18 : 18 ) .أما القرعة فكانت تلقي ثلاث مرات صباحا ، اثنتان منها قبل فتح أبواب الهيكل ، والثالثة بعد فتحه ، عدا قرعة رابعة في المساء لتحديد الكاهن المكلف بتقديم البخور ، وأول عمل يقوم به من تصيبه القرعة الأولي هو تحريك الجمر المتقد في مذبح المحرقة ،والجماعة التي تقع عليها القرعة الثانية تعدّ لتقديم الذبيحة ذاتـها وتـهيئ المنارة ذات السبعة سرج ومذبح البخور داخل القدس .كل هذا ينبغي أن يتم قبل بزوغ نور النهار وقبلما تُفتح أبواب الهيكل .وبعدما ينتهي الكهنة المختارون بالقرعة من تجهيز داخل القدس تمهيداً لأهم وأقدس جزء في خدمة اليوم ألا وهو تقديم البخور أمام الرب ، يجري إلقاء القرعة للمرة الثالثة لاختيار من يكون له كرامة إصعاد البخور الذي هو رمز لصلوات الشعب المقبولة أمام الله .وهو امتياز يناله الكاهن مرة واحدة في حياته ليترك لرفاقه فرصة أن ينالوا ما ناله ، ويسبقها صلاة من جانب الكهنة المجتمعين ثم تلاوة قانون العقيدة “ الشماع ”. وكان علي الكاهن الذي سيقدم البخور أن يختار اثنين من رفقائه لمساعدته في الإعداد لهذه الخدمة الإلهية ، أحدهما يرفع الرماد المتخلف من خدمة الأمس ويسجد ثم يرجع عائداً ، والثاني معه جمّر متقد ومأخوذ من مذبح المحرقة ، وينثره علي مذبح البخور في أوسع دائرة ممكنة ، ويسجد ثم يرجع عائداً . وفي هذه الأثناء يرتفع صوت الآلات الموسيقية داعياً الكهنة واللاويين والشعب للإستعداد للخدمة التي تجري أمامهم والتي هي جوهر عبادة اليوم كله .
 
يدخل الكاهن وحده إلي القدس حاملاً بيده المجمرة الذهبية ويقف أمام الحجاب الذي يفصله عن قدس الأقداس ، ثم ينثر البخور علي المذبح والجميع خارجاً كهنة وشعباً واقفون بأيدي مرفوعة وبشفاه ناطقة بكلمات خافتة يرددون التسبيح الله علي خلاصه في القديم متوسلين إليه لتحقيق مواعيده في المستقبل متضرعين أن يباركهم ويمنحهم السلام في الحاضر .هذا كله تجسّمه سحابة البخور الصاعدة من المذبح إلي فوق إلي عرش الله في السماء ثم ينحني ساجداً ويتراجع ليمنح الحاضرين بركة الختام.
 
أما ذبيحة المساء وهي ذبيحة المحرقة الدائمة ، كانت تذبح عادة في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر ، وتقدم علي المذبح في الثالثة والنصف وبعد أن يفرغ من تقديمها نحو الساعة الرابعة يخلي الهيكل من زائريه وتغلق أبوابه حتى صبيحة اليوم التالي ( أعمال الرسل 4: 3) .
وكان هناك ما يعرف بقائد جند الهيكل (2) ( عدد 4: 23، لوقا22 :4و 52، أعمال الرسل 4: 1و 5: 24)، وهو في الإدارة والدرجة يلي رئيس الكهنة مباشرة فيما يختص بأمور أمن ونظام الهيكل في الداخل والخارج وحفظ النظام في الصلوات .وكان يعمل تحت إمرته الكثير من اللاويين الذين كانوا يلاحظون منطقة الهيكل نـهاراً ويحرسون أبوابـها ليلاً .
 
خراب أورشـليم والهيكل :
وقد سجل لنا التاريخ صورة مروعة للحصار الرهيب الذي ضربه الجيش الروماني علي أورشليم . وقد وصف هذا الحصار بتفاصيله المؤرخ يوسيفوس اليهودي الذي عاش في القرن الأول المسيحي والذي عاصر خراب أورشليم وكان حاكماً لمقاطعة الجليل الأعلي ،واختير ليكون مترجماً ووسيطاً بين اليهود وبين القوات الرومانية التي حاصرت أورشليم وسطر عبارات تقطر دماً مثل قوله إن جميع مآسي وتعاسات الناس إذا جمعت من بدء العالم كله لما كانت مريعة مثل التي أصابت أورشليم يوم خرابـها ..!! 
 
فقد أشعل الرومان النار في الهيكل فانـهارت كل مبانيه وأبوابه وغرفه حتى مذبحه . ولأن الرومان قد عانوا الأمرّين من اليهود فإنـهم صبوا نقمتهم علي الهيكل وعلي المدينة ، فأشعلوا النيران في كل شئ فيها ، وقتلوا كل من صادفهم ، فهلك من اليهود حوالي المليون ومائة ألف ، منهم أحد عشر ألفاً هلكوا جوعاً. وخرج تيطس القائد الروماني يجر وراءه جيشاً ضخماً من الأسري والزعماء الغيورين يقدر بنحو سبعة وتسعون ألفاً ، متجهاً شمالاً وقد ألقي نظرته الأخيرة علي ما كان يسمي أورشليم ! 
 
إذ لم يبق منها سوي ثلاث قلاع مطلة وسط خراب شامل ، وجزء صغير من السور الغربي جعله اليهود مبكي لهم  ويسجل يوسيفوس منظر المدينة كما رآها بنفسه قائلاً :“ إن من ينظر إليها لا يمكن أن يصدق أنـها كانت آهلة بالسكان” وحمل تيطس معه إلي روما المائدة الذهب – مائدة خبز الوجوه مع المنارة الذهيبة ذات السبع شعب .
 
وبسقوط أورشليم وخراب الهيكل سنة 70 م علي يد تيطس تم قول الرب يسوع عنها » ويقعون بفم السيف ويسبون إلي جميع الأمم وتكون أورشليم مدوسة من الأمم « (لوقا 21 : 24 ). بعد القضاء على الثورة اليهودية عام 135م. تحولت القدس " إيلياء" إلى مدينة وثنية وبنى فوق موضع الهيكل معبدان لادريانوس ويوناس.