بقلم/ الأب باسيليوس محفوض
9
يناير 2007
لقد
منع الله عبادة الأوثان، لكنه أوصى شعب العهد القديم
بصنع بعض الأدوات واستعمالها وإيلائها الإكرام
والتقدير. فقد أمر الله موسى أن يدون كلامه على
"ألواح
من حجر" (خروج 1: 34)، وشرح له حتى أدق التفاصيل،
كيف يصنع تابوت العهد ومائدة
التقدمة (خروج 25) والمذبح (خروج 1: 8 -27)، وخيمة
الشهادة (خروج 26: 1 –37) وسواها وأكثر من ذلك، فان
الله أوصى بصنع كروبين تمتد فوق الحوض المطهر،
وكروبين
كبيرين فوق قدس الأقداس في هيكل سليمان (3 ملوك 23:
7 – 22) وأشكال مختلفة لعشرة
أبقار نحاسية وتماثيل اسود وتماثيل أخرى منقوشة (3
ملوك 16: 7 – 22) ويدل هذا
على أن الله عندما أوصى: "لن تصنع لنفسك وثنا ولا
صورة" لم يحظّر استعمال أدوات
للعبادة. لقد منعت عبادة الأصنام لكن الرموز
والأدوات والوسائل المستعملة في عبادة
الله لم تمنع، لأن الشعب لا يعبدها أو يكرّمها
لـ"ذاتها" أي بالاستقلال عن علاقتها
بالله الحي الذي تعود العبادة إليه وحده، يقول
القديس يوحنا الدمشقي، في السجود
للأيقونات: "الممنوع إنما هو عبادة الأصنام والذبائح
المقدمة للشياطين: والكتاب
المقدس تكلم بتشهير عن الساجدين للمنحوتات والذابحين
للشياطين وكان اليونانيون
واليهود أيضا يذبحون، لكن ذبائح اليونانيين كانت
للشياطين وذبائح اليهود لله، وكانت
ذبيحة اليونانيين مرذولة ومحكوما عليها، وذبيحة
الصديقين مقبولة لدى الله، فان
نوحاً قد أصعد محرقات لله، "فتنسّم الرب رائحة
الرضا" (تكوين 8: 21) وتقبّل
استعداده الطيب الواصل إليه فعلى هذا النحو كانت إذا
أصنام اليونانيين أي تماثيل
الشياطين مرذولة وممنوعة"
لم يكن استعمال الأيقونات دارجا في العهد القديم لأن
الله لا يُـرى، السبب في دخول هذه العادة في العهد
الجديد، السجود للأيقونات من
التقليد الكنسي.
أما في العهد الجديد فقد تجسد كلمة الله "وحل بيننا
ورأينا
مجده" (يوحنا 14: 1) أي أن الآب نفسه ظهر للبشر بشخص
الابن (يوحنا 14: 9) وأقام
علاقة شخصية معنا، لذلك نستطيع أن نصور الله في شخص
المسيح وفي هذا المجال يقول
القديس يوحنا الدمشقي: "في الحقبة القديمة لم يكن
تصوير الله ممكنا لأنه لم يكن
اتخذ جسدا أما الآن، فبعدما ظهر الله بالجسد وعايش
البشر، فإنني أصور الله الذي
يمكنني أن أراه، والذي أصبح مادة من أجلي، ولن انقطع
عن احترام المادة التي اكتمل
بها خلاصي" وبالتالي، فان إكرام الأيقونات يستند إلى
أهم عقائد الإيمان الخلاصية
ألا وهي تجسد المسيح وحضوره بيننا، وعندما نكرم
الأيقونات فإننا نعلن إيماننا بحقيقة
التجسد وتأنس المسيح، والأيقونة التي هي اعتراف
بتجسد الإله في المسيح تقودنا إلى
النموذج، أي إلى المسيح نفسه، وتعبر الأيقونة أيضا
عن شوق الإنسان العميق إلى
المسيح الإله المتأنس، وتشكل دافعا قويا لرجوع
الإنسان إليه.
لذلك تعتبر الكنيسة
الأرثوذكسية أن إيمانها المستقيم الرأي يشمل تكريم
الأيقونات، وتطلق على الأحد
الأول من الصوم، الذي تعيّد فيه لذكرى رفع الأيقونات
المقدسة، اسم "احد
الأرثوذكسية" وبالتالي فان أحدا لا يستطيع الادعاء
أنه أرثوذكسي إذا لم يكرم
الأيقونات.
أقدم ما وصل من النصوص الآبائية التي تتطرق إلى
الصور المسيحية تعليق
من اقليمنضس السكندري يدعو فيه أبناء كنيسته إلى
اختيار رموز لأختامهم تتوافق مع
إيمانهم كاليمامة والسمكة والمركب والمرساة إذا في
البدء تأتي الصورة في صيغة
الرموز حيث أصبحت علامة الجماعة المسيحية.
الصورة الرمز لا تقتصر على معنى واحد،
السمكة وهي رسم بروجي قديم، تصير علامة صوفية
للمسيح، والمسيح يسوع المسيح كصفة له
عندما يعتمد المسيحيون ليولدوا في المسيح، يكونون
على صورة سيدهم السمكة الكبيرة هي
أيضا صيادة السمكات الصغيرة. ينشدها اقليمنضس أسقف
الإسكندرية في نشيد له للمسيح
المخلص: "يا صياد الناس، الذين أتيت لتخلصهم، في بحر
الشر تأخذ السمكات الطاهرة من
الموج المعادي، وتقودها إلى الحياة السعيدة"
صورة الراعي تهيمن على الوسط
الرعوي الصورة في حد ذاتها لا شيء جديدا فيها، في
أغلب الأحيان، يظهر الراعي بلا
لحية مرتديا قميصا قصيرا مشدودا بزنار الأصل القديم
هو صورة حامل الكبش، ونموذجه
الأكبر صورة هرمس الذي رد ذات مرة البلية عندما جال
في المدينة حاملا حملا على
كتفيه. أخذ المسيحيون هذه الصورة وجعلوها للمسيح، ضد
"رعاة إسرائيل الذين كانوا
يرعون أنفسهم" يأتي بشخصه ليهتم بقطيعه ويجمع خرافه
الضالة. في إنجيل القديس لوقا
يتحدث يسوع بمثل الراعي الذي ذهب يبحث عن الخروف
الضال (لوقا 5: 15)، مظهر ذاته
راعيا صالحا أتى يجمع خرافه من كل حدب وصوب، سواء
أكانت مرسومة أم منحوتة، تبدو
الصورة غير شخصية وعامة، أحيانا نجد معها صورة
اورفيوس الموسيقي الذي يحمل غناؤه
السلام حتى إلى الجحيم. لئن كانت هذه الصورة مألوفة
لدى المسيحيين الأوائل، إلا
أنها تبقى فارغة من كل خاصة كتابية، بعد نزع الطابع
الوثني عنها جعلها المسيحيون
صورة حيادية جاهزة لتقبل رمزية مسيانية سياقها
يعطيها هوية مسيحية
بعد مرحلة
الصورة الرمز تدخل الوجوه لتمثل المسيح والأنبياء
والرسل بملامح أبطال حضارات
الإغريق والسوريين والمصريين المنتشرة في أراضي
الإمبراطورية الرومانية والمتداخلة
فيها.
هكذا نهل الفنانون المسيحيون من الفنون المعاصرة لهم
وتأثروا بالحضارة
الرومانية وبالأساليب المتعددة التي طبعت فنون
الإمبراطورية الرومانية قبل أن تختمر
المؤشرات المتباينة في صياغة جديدة عرف معها فن
التصوير المسيحي ولادته
الحقيقية.
يبدو الفن المسيحي الأول فنا جنائزيا من دياميس روما
إلى تلك التي
اكتشفت في تسالونيكي العقود الأخيرة وصولا إلى مقبرة
البجوات في واحات مصر، ثمة
برنامج ايكونوجرافي تتكرّر نماذجه شرقا وغربا،
المواضيع الإنشائية قليلة للغاية،
فالفن هنا لا يسعى للسرد بل لتصوير ما يدعوه اندريه
غرابار "إشارات الخلاص" التي
تتذكر بها صلوات التعازي القديمة التي تعد المؤمنين
الراقدين بالخلاص، هذا الخلاص
الذي اختبره وعاشه نوح واسحق، وموسى، ودانيال،
ويونان.
تتغير المواضيع مع انتشار
الكنائس واعتناق الإمبراطورية المسيحية الدين
المسيحي تتراجع صور أنبياء العهد
القديم أمام صور المسيح والقديسين. الأساليب
المتباينة ومتعددة تتنوع وتتداخل قبل
أن تتألف في صيغة جديدة.
في القرن الثامن، تصدرت قضية صور المسيح والقديسين
واجهة الحياة الدينية والمدنية وأصبحت ساحة لطرح
الخلافات القائمة حول شخص المخلص
وخصائص طبيعته البشرية وصورته المادية. كانت نتيجة
الخلافات القائمة حول شخص المخلص
وخصائص طبيعته البشرية وصورته المادية. كانت نتيجة
الخلافات القائمة حول شخص المخلص
وخصائص طبيعته البشرية وصورته المادية، كانت نتيجة
الخلافات حربا أهلية ومباحثة
جدلية في اللاهوت والناسوت دامت قرابة مائة وعشرين
سنة.
انقسم المجتمع في هذه
الحقبة حزبين: الأول يرفض الصور رفضا قاطعا وآخر
يناصرها ويعلن ولاءه لها. فريق
يتهم خصمه بالتجديف والخصم يرد التهمة عليه ويتهمه
بالوثنية والعودة إلى عبادة
الأصنام عام 787، انعقد المجمع المسكوني السابع في
نيقية حيث دعا الأساقفة
المجتمعون إلى تكريم الأيقونات بالإكرام نفسه الذي
يقابل به الصليب والأناجيل
المقدسة.
هدأت حرب محطمي الصور وعاشت الإمبراطورية هدنة امتدت
سبعا وعشرين سنة،
اندلعت بعدها الحرب من جديد ولم تتوقف نهائيا إلا مع
إعادة الإمبراطورة تيودورا
الاعتبار إلى إكرام الأيقونات. ساهمت هذه الحروب
الطويلة في إرساء لاهوت التصوير
المسيحي.
إذا ينطلق الفن المسيحي من الإشارة إلى الرمز، ومن
الرمز إلى الصورة،
وينتقل من الصورة الترابية إلى الصورة السنوية، أي
من الفن الديني إلى الفن المقدس،
في معنى آخر ستطلب المسيحية في القرن السابع، أي في
المجمع البندكتي في القسطنطينية
إلغاء الرموز لتصوير الأشياء على حقيقتها، أي عدم
رسم الحمل الذي يشير إليه يوحنا
المعمدان، بل تصوير المسيح لتأكيد حقيقة دخوله
العالم حسياً (تجسده)
إن
الجدارية الأولى التي تمثل الميلاد تأتي من القرن
الثاني، إن تصورها كذلك أقدم من
تصور رسومات رواية القرن الثالث الإنجيلية. إنها لا
تمثل الحدث المذكور في إنجيلي
متى ولوقا، لكن تتكلم عن تحقيق وعد العهد القديم.
يمكن أن يعود الفضل في إنجازها
إلى وثني مهتد ربما لم يكن استوعب تماماً في نفس وقت
استيعاب المسيحية التأثيرات
اليهودية.
هذه الجدارية الصغيرة لدياميس القديس
Priscille
في روما التي تمثل
العذراء والطفل والنجم ونبياً يمكن أن لا تلفت
انتباه عابر غير مجرب، مع كونها
مشوهة تشوهاً كبيراً في قسمها السفلي فإنها تسمح أن
نميّز والدة الإله جالسة، تحمل
الطفل المتجه صوب النبي، النبي المذكور ممثل بهيئة
شاب لا لحية له ويحمل سفراً في
يده، في الوقت الذي يدل على العذراء باليد الأخرى.
والنجم الذي يعلو اللوحة يدل على
أن المقصود هنا في العذراء والمسيح الطفل. إن ملابس
العذراء تسمح بأن نفترض تاريخاً
الجدارية التي من الممكن أنها رسمت قبل القرن
الثالث، بينما لون بشرة الوجوه
الصلصالي لا يسمح بالقول بأنها آتية من قبل القرن
الثاني.
هذه الجدارية هي حقاً
الشهادة على بداية بلورة موضوع التجسد كحدث تاريخي
في الفن. هنا، المقصود هو تحقيق
الوعد الكامن في العهد القديم، لأن تبرز لنا الطفل
عمانوئيل الذي "تنبأ
Balaam
عن
نجمه، الذي لمع في السماء أكثر من كل النجوم
الأخرى". هذه المقاربة قديمة: إن
الأحداث مذكورة نسبة إلى المعنى العميق الذي كان
يحمله للتجسد من أجل البشرية: وهو
واقع أن عمل الخلاص شمل كل المؤمنين منذ بدء الزمان
الشيء الذي سيوسع ويعبر عنه في
أيقونة قيامة المسيح (النزول إلى الجحيم). ذو مغزى
أنه من بين التمثيلات المسيحية
الأولى تمثيل الميلاد هو الذي يلخص التجسد وعمل
الخلاص. سنرى كيف أنه رويداً رويداً
مع إعلان العقائد الخريستولوجية صار هذا الموضوع
الأيقوني في الميلاد أعقد وذلك كي
يعكس تعليم الكنيسة.
أما الظهور الفعلي للتمثيلات الأولى للميلاد فبدأت
في النصف
الأول من القرن الرابع، في جو الانتصار الذي خلقه
السلام الديني، إذ حلت التمثيلات
الواقعية للميلاد محل تمثيلات أقدم للتنبؤ المتعلقة
بنبوءات العهد القديم في مولد
المسيح الذي ولدته العذراء، تبتغي هذه التمثيلات
تمجيد تجسد الكلمة والتنويه
بالميزة الحقيقية لتجسد المسيح على الأرض.
أيضاً هذه التمثيلات الأولى للميلاد
ظهرت في العصر نفسه الذي تأسس فيه عيد الميلاد. إذ
كان عيد التجسد (الميلاد) قديماً
هو نفسه عيد عماد يسوع المسيح. بالنسبة لمسيحيي
القرن الثاني والثالث، ظهر التجسد
لدى ظهور المسيح للشعب بكلمات الآب: "أنت ابني
الحبيب...". وإذا ما اعتبرنا التوجه
العام الذي كان ينص على إعطاء تفسير واسع لكلمات
الكتاب المقدس فإن المبرر كان
كافياً من أجل الربط العاجل للتعييد بالميلاد بعيد
تثبيت التجسد الخلاصي لابن
الله، غير أن الكنيسة، بسبب عدم وضوح المضمون
العقائدي لعيد الظهور الإلهي في ما
يختص بصيغ التجسد تجاه التعليم الهرطوقي الغنوسي
والدوستياني والآريوسي، سرعان ما
عمدت إلى التشديد على عبارات المجمعين الأولين
العقائدية مؤكدة على ولادة المسيح
البشرية.
وهذا ما كان ممكناً إلا بتسليط الضوء على كل الأحداث
المحيطة بالميلاد
المذكور في الأناجيل. الشيء الذي أدى إلى أن يكون
عيد الميلاد - الظهور المزدوج ذا
تشعب كثير، وبالتالي إلى تسهيل عملية قسمه إلى عيدين
مختلفين.
الميلاد هو إذا
عيد يعبر عن الرؤية الأرثوذكسية للتجسد على نقيض
الظهور (عماد المسيح) الذي في ذلك
العصر بدا وكأنه كان يثبت بعض الهرطقيات. بالمثل،
على الأيقونة، تعبر والدة الإله
والتي هي أيضا والدة ابن الإنسان والطفل، الإله الذي
هو قبل الدهور والنائم في
النور غير المخلوق الآتي من فوق. نستنتج من هذا وجود
يقظة الاهتمام بموضوع الميلاد،
وهو اهتمام تشهد عليه محاولات مقاربة للحدث الميلادي
أكثر فأكثر وليس مجازية أو
رمزية وحسب. لذا أخذ المؤمنون في الاعتبار بعض
التفاصيل المذكورة في الكتاب المقدس.
لكي تولد الأيقونة انطلاقاً من هذه الوقائع المحدودة
الملموسة والقابلة لأن
تمثّل.
ومن بين كل مواضيع جداريات الدهاليز التي أحصاها
المؤلفون لم يذكر
الميلاد إلا مرة واحدة. الطفل ممثل راقداً على نوع
من فراش وإلى جانبه مع الثور
والحمار أمه ترتدي رداء رومانياً وشعرها منسدل.
إن أقدم نقوش النواويس التي تمثل
الميلاد تعود إلى بداية القرن الرابع. ليست هذه
التمثيلات عديدة إذا ما قارناها
بكثرة المواضيع الأخرى إنها شديدة التنوع في
تفاصيلها. يبدو أن التمثيل الأبسط
موجود على ناووس كنيسة القديس
Ambroise
في
Milan:
الطفل المقمط يرقد على فراش وعند
رأسه ورجليه الثور والحمار ممددان، فوق الطفل نرى
النجمة. مع ذلك، على نقوش من
نواويس أقدم (نحو 320-325)، يرقد الطفل في مذود
وحوله ما عدا الثور والحمار شخص (راع؟) يستند على
عصاه. في مكان آخر، نرى العذراء جالسة إلى جانب
المذود وأحياناً
شخصاً يعتبره بعض المؤلفين راعياً وأُخَر القديس
يوسف.
هناك أيضا بعض النواويس
حيث المجوس ماثلون أمام المذود. لكن التمثيل الأكمل
للميلاد موجود على ناووس الـVia
appia:
الطفل نائم في معلف مزخرف بجدائل موجود تحت إفريز،
إلى يمين المذود يوجد
القديس يوسف (كشخص كهل يحمل في يده قضيباً صغيراً)
ووالدة الإله جالسة يغطيها
معطفها من رأسها إلى أسفل قدميها وتشيح بوجهها عن
السرير المفترض، والى اليسار هناك
الثور والحمار وثلاثة مجوس (كأشخاص يرتدون الثياب
الفارسية: القبعات الإفرنجية والسراويل
Chausses
والجلابيب
القصيرة) يحملون هدايا متنوعة تبدو وكأنها عصافير
وفاكهة، وخبزاً بشكل إكليل، الأول بينهم يدل الآخرين
على النجم، لا ينقص إلا
الرعاة. من جهة أخرى، إن وجود الثور والحمار وحسب
عند قدمي العذراء على ناووس
القديس
Trophime
في
Arles
(منتصف القرن الرابع) يدل على تشكيل مختصر لمشهد
الميلاد
واندماجه بمشهد سجود المجوس.
بالمقابل، نرى بشكل خاص على نواويس القرن الرابع
أكثر
مما نرى عموماً مريم ويوسف وراعياً، أو أكثر، بسيطاً
لباسهم وفي يدهم
Baculus
(قضيب) أو أداة عمل، نراهم يسجدون للطفل أو يشيرون
إلى النجم. في التمثيلات الأقدم، تظهر
مريم جالسة إلى جانب المذود
وانطلاقاً من القرن السادس، تصور عموماً على العكس
ممددة على سرير، ربما أن هذا الوضع يشدد على مسألة
أن المسيح لبس فعلا طبيعتنا،
وتجعل ايضاً ألم العذراء ملموساً أكثر في مؤلفات
لاحقة، وانطلاقاً من القرن العاشر
بشكل خاص، تبدو مريم أحيانا منحنية فوق السرير. يظهر
يوسف في تصاوير الميلاد
انطلاقا من القرن العاشر بشكل خاص، تبدو مريم
أحياناً منحنية فوق السرير. يظهر
يوسف في تصاوير الميلاد انطلاقاً من القرن الخامس،
ويصور في معظم الأوقات جالساً
ويندر أن يصور واقفاً إلى جانب الطفل. فيما خص إطار
المشهد، فإن التمثيلات الغربية
القديمة تظهر المذود تحت كوخ
Cabane
أو تحت تعريشة
Pergola
بينما في الشرق فضلوا أن
يظهروه في العراء أو في مغارة. إن هدايا المجوس غير
المتوقعة على ناووس
Via appia
ليست الوحيدة في تاريخ هذا المخطط الإيقوجرافي. يجب
أن نلاحظ أن الأناجيل المنحولة
وأساطير الملوك المجوس تشير إلى الهدايا المتنوعة
التي من المفترض أنهم قدموها
للطفل يسوع. على سبيل المثال، نجد في إنجيل متى (2 ،
1 - 16) ذكراً لقطع
مالية مقدمة إضافة إلى ذهب وبخور ومر، كما أننا نجد
في السراديب المجوس يحملون
أواني مرصعة بقطع الذهب. يرتبط مشهد القطع الذهبية
هذا، حسب أسطورة غامضة، بأجداد
المسيح.
لنذكر أيضاً هدية أخرى تثير التساؤل وتظهر في
تمثيلات العصر الوسيط:
كتاباً. يأتي هذا التفصيل حتماً من تأثير الأساطير
المأخوذة من
Livre de Seth [كتاب
شيت] وlivre
Araméen de l'Enfance du Christ [كتاب
طفولة المسيح الآراميُ]:
"Melkon،
ملك الفرس، هو من أن أحضر المر واللؤلؤة
Loès
والموصلي
Mousseline
والبرفير
والأوشحة
Rubans
الكتانية والكتب التي كتبتها ومهرتها إصبع الله
ويمكن أن
يكون المقصود كتاباً يحتوي على نبوءات
Balaam
كما هو الحال بالنسبة للدروج
Rouleaux
على جداريات
Fresques
كبادوكية. إن هدايا المجوس الممثلة عموما على
النواويس هي
عبارة عن سلة من الفاكهة أو عن إكليل. وهي عبارة عن
كعكة
Galette
من خبز كما على
إنجيل
Etchmiadzin.
في بعض الأحيان هي عبارة عن قرون خصب
cornes d'abondance (كما
على
Dyptique
كاتدرائية
Milan
من القرن الخامس). إن الهيئة غير المألوفة لهدايا
المجوس لا تعني دوماً أنها لا تتوافق مع نص متى.
إذ في الواقع في التمثيلات الغربية
يصور المر بشكل خبز مستدير الشكل والبخور بشكل كرات
صغيرة. في كل الأحوال، علق
الآباء أهمية على نص الأناجيل القانونية التي تتكلم
عن الذهب والبخور والمر حتى ولو
اختلفت شيئاً ما في ما بينها في تأويل معنى الهدايا.
وعليه مثلا يذكر القديس
إيريناوس أن المر كان مخصصاً للرجل والذهب للملك
والبخور لله، الشيء الذي يُعتبر
التفسير الكلاسيكي. القديس أفرام السرياني يربط
الذهب بالملك لكنه يربط البخور
بالكاهن والمر بالطبيب. في أثيوبيا، كان الذهب يُربط
بالملك والبخور بالله والمر
بالآلام الشيء الذي يلتقي بالنتيجة مع تفسير القديس
إيريناوس.
**عن جريدة النهار
اللبنانية |