بقلم/
سوزان قسطندي
17
نوفمبر 2006
الأيقونة هي رسالة تقوم بدور تعليمي، ولها فاعليتها
في الكنيسة.. فمن خلال لغة الألوان البسيطة تعلن
الأيقونة عن حقائق الإنجيل المقدس وتوضح تعاليم
الكنيسة وتنطلق بمشاعر المؤمنين إلى الأبدية.
وقد تعددت المراحل التى تطورت خلالها الأيقونة،
ونستطيع أن نقسم تاريخ الأيقونات إلى ثلاث مراحل:
أولاً: مرحلة الرموز
Period of Symbols
أستخدمت الرموز في القرنين الأول والثاني على نطاق
واسع..
فنرى السيد المسيح في شكل: الراعى الصالح - أو
السمكة (ومعناها باليونانية "إخثوس"، وأحرف هذه
الكلمة تمثل الأحرف الأولى للجملة اليونانية التى
معناها " يسوع المسيح إبن الله المخلِّص" - أو
مختفياً تحت المونوجرام
Monogram،
أي الحرفين الأولين من إسمه باليونانية "خريستوس"
(= المسيح) وهما XPوذلك
على شكل صليب (الحرفان متداخلان مع بعضهما البعض)..
حيث مُنع المسيحيين الأوائل في فترة الإضطهاد من رسم
الصليب في شكله الظاهر فإلتزموا بإخفائه تحت أشكال:
المرساة، أو رمح ثلاثي الشُعَب، أو حرفT
اليوناني، أو في شكل شفرة (كتابة رمزية) وهى
المونوجرام كما سبق وذكرنا- ولكن هناك دافع آخر
لإستخدام هذا المونوجرام
بصورة شائعة لا فى السراديب فحسب بل وفى نقوشات
الكنيسة الأولى وكل مستنداتها القديمة، وهو أن
الكنيسة الأولى لم ترد أن تفصل قط بين الصليب وإسم
المسيح أو كان الصليب فى فكرها يمثل شخص المسيح
نفسه، وفى السراديب ومقابر الشهداء غالباً ما نجد
المونوجرام يحيط به إكليل من الزهور يرمز للغلبة
بيسوع المسيح..
وأحياناً كانت تُكتَب عل الأيقونات القبطية الحروف
المختصرة من إسم "يسوع المسيح" باليونانية "إيسوس بى
خريستوس" IC XC
..
وأحياناً كان يُكتَب الحرفين الأول والأخير من
الأبجدية اليونانية "الألفا" و"الأوميجا"
Λ Ω
كرمز للمسيح (الأول والآخر، الألف والياء، البداية
والنهاية)..
كما نجد فى الفن القبطى الأول أشكال متنوعة كثيرة ..
مثل السفينة (ترمز إلى الكنيسة)، والطاووس (يرمز إلى
الخلود وبهاء الفردوس)، والعنب أو الكرمة (يرمز إلى
دم المسيح).
ثانياً:
مرحلة أيقونات الكتاب المقدس
Period of Biblical Icons
إستخدمت الكنيسة الأولى أيقونات تصور موضوعات من
الكتاب المقدس بقصد التعليم..
وقد كان ذلك طبيعياً حيث بدأت المسيحية تنتشر فى
العالم كله فى ذلك الوقت.. وكان المسيحيون فى
أسفارهم ينضمون إلى كنائس فى بلاد تتعبد بلغات
مختلفة عن لغتهم الأصلية، فصارت الأيقونات لغة عامة
يستطيع كل إنسان أن يقرأها..
وقد وجدت فى سراديب الأسكندرية أيقونات من هذا
النوع، حيث صورة معجزة قانا الجليل ومعجزة الخبز
متحدين معاً فى منظر واحد.
ثالثاً: مرحلة الأيقونات الإسخاطولوجية "الأخروية"
Period of Eschatological
Icons
صارت المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة الرومانية
في القرن الرابع الميلادي، فسادَ السلام أنحاء
الكنيسة..
هذا خلق إتجاهين متضادين هما: إنحراف بعض الكنسيين
خاصة من الأساقفة عن رسالتهم الروحية منشغلين بمجدهم
الذاتي، يساعدهم على ذلك إنفتاح أبواب القصر
الإمبراطورى فى وجوههم.. وعلى النقيض إذ شعر بعض
المسيحيون بغلبة الكنيسة على الوثنية، إنشغلوا بترقب
الغلبة الأبدية بمجيء الرب الأخير- هذا الشعور الذى
دفع بآلآف المؤمنين لممارسة الحياة الرهبانية..
وقد إنعكس هذا بصورة واضحة على الأيقونات الخاصة
بذلك العصر،، فجاءت العبادة الكنسية والأيقونات في
ذلك الحين تحمل إتجاهاً إسخاطولوجياً قوياً أى تعبر
عن الحياة الأبدية، لذلك فقد ظهرت الأيقونات
التالية:
أيقونات الشهداء والقديسين مكللين بالمجد..
أيقونات الملائكة..
أيقونات الرؤى النبوية.. ففى "دير بويط" بصعيد مصر
(القرن السادس) توجد أيقونة تمثل الرب كما جاء فى
رؤيا حزقيال النبى، فظهرت فيها العجلة ومركبة الغلبة
والنصرة.
أيقونات السيد المسيح جالساً على العرش الذى يحمله
الأربعة مخلوقات الحية والملائكة تحوط به (هذا
التصوير ظهر ايضاً بدير بويط).. إشارة إلى إشتياق
المؤمنين للحياة معه فى مجد ملكوته.
(عن كتاب "الكنيسة بيت الله" للقمص تادرس يعقوب ملطي)
|