|
|
بقلم/
سوزان قسطندي
23
نوفمبر 2006
القرون الأولى الثلاث:
سبق أن أشرنا إلى أن الطابع السائد لأيقونات القرن
الأول والثاني هو الرمزي، إلا أنه بجوار هذه الرموز
وجدت أيضاً أيقونات السيد المسيح وأمه وتلاميذه كما
وجدت أيقونات تمثل أحداث الكتاب المقدس.
ولكن بسبب تقدم الغنوسيون في تعبيرهم الفني بالقرن
الثاني - وكما شهد القديس إيريناوس أنهم كانوا
يمتلكون مرسومة بالألوان – وتماديهم في تكريم هذه
الصور في جو وثني، سببوا لبساً في العبادة
المسيحية.. وكان رد الفعل الطبيعي لهذا الاتجاه
الغنوسي أن انبرى اللاهوتيين في القرون الثلاثة
الأولى يتحدثون بلهجة عنيفة ضد كل تعبير فني خوفاً
من النكوص إلى الوثنية، ومنهم العلامة ترتليان
والقديس إكليمنضس الإسكندري والعلامة أوريجانوس.
القرن الرابع:
يتحدث آباء القرن الرابع بصفة عامة عن الأيقونات
كأمر مستقر.. فبعد فترة الاضطهاد التي عانى منها
المسيحيون كثيراً، جاء الإمبراطور الروماني قسطنطين
الكبير (227- 306م) وجعل المسيحية ديناً رسمياً
للإمبراطورية بعد أن اعتنقها، وزين جميع المنشآت
العامة والكنائس التي بناها في عاصمته الجديدة بصور
دينية أُخذت موضوعاتها من الكتاب المقدس.. فقد كانت
الأيقونات والتماثيل تسلب لب الملوك، وقد كان قبلاً
الوثنيون يجعلون لصورة الإمبراطور من الكرامة كأنها
تمثل حضوره الشخصي ويوزعون منها في أماكن كثيرة
وعامة ويزفونها في مناسبات الدولة وأعيادها بإكرام
كبير، وقد أُستبدل ذلك الوضع بصور السيد المسيح
والعذراء والشهداء القديسين مع وضع هالة نورانية حول
الرأس لتأكيد مجد المسيح الحقيقي وكرامة الشهداء..
وقد أمر قسطنطين بصنع تمثال للصليب وضعه عام 312م
بجوار تمثاله، كما صنع أيضاً صورة للراعي الصالح
وأخرى تمثل الآم السيد المسيح منقوشة ومرصعة
بالأحجار الكريمة ووضعها في غرفته الخاصة.. وهذا
الأمر كان بلا شك من أهم العوامل التي ساعدت على
انتشار الأيقونات انتشاراً كبيراً في جميع أنحاء
الإمبراطورية.
ومن بين القديسين الذين دافعوا عن فن الأيقونات في
هذا القرن القديس بولينوس أسقف نولا، الذي كان
رافضاً لها في البداية، ثم أدرك فيما بعد أهمية
الأيقونات في الحياة الكنسية فزين الكنائس بأيقونات
من العهدين (مثل أيقونات عن الخليقة، وذبح إسحق،
وعفة يوسف، وغرق فرعون، وانفصال راعوث وعرفة،
والفداء على شكل حمل أبيض مكلل تحت صليب أحمر،
والدينونة وقد وقف المسيح يفصل الخراف عن الجداء..
وأيضاً القديس باسيليوس الكبير والقديس غوريغوريوس
أسقف نيصص اللذان أشارا إلى أهمية وعظم نفع
الأيقونات التي تصور الشهداء كجنود للمسيح.
وكان القديس يوحنا ذهبي الفم يحتفظ في حجرته
بأيقونات للقديس بولس الرسول، ويقال أن القديس بولس
كان يظهر له ويكلمه من خلال الأيقونة أثناء سهره
ليلاً لدراسة رسائله.
كما أنه من أهم العوامل التي ساعدت على ازدهار الفن
القبطي والأيقونة بصفة خاصة هو انتشار الأديرة التي
كانت ملجأ وملاذ لآباء الكنيسة يستمدون منها قوتهم
الروحية في مواجهة الاضطهادات والبدع والهرطقات..
وقد كان لعزلة هذه الأديرة في الصحراء الضمان القوي
لكي تبقى وتحمل لنا خصائص هذا الفن في مرحلة هامة،
سواء في العمارة أو الزخرفة.
(عن كتاب "الكنيسة بيت الله" للقمص تادرس يعقوب ملطي) | | |
جميع الحقوق محفوظة لـ دراسات مصرية، موقع تابع
للأقباط متحدون |
© 2006 Copts United
http://www.copts-united.com/,
all rights reserved . Best view : IE6 ,IE7 Screen
resolution 800 by 600 pixels |
| |
|