|
|
بقلم/
سوزان قسطندي
3 ديسمبر 2006
غدت
اللغة اليونانية هي اللغة الرسمية لمصر منذ فتح
الإسكندر الأكبر لمصر في الثلث الأخير من القرن
الرابع قبل الميلاد، وكانت هي لغة الثقافة في العالم
كله وقتذاك، وكانت اللغة المستعملة في مدرسة
الإسكندرية الذائعة الصيت، على أن اللغة القبطية ظلت
هي اللغة السائدة بين المصريين الوطنيين في أنحاء
القطر المصري...، وإستمر هذا الوضع إلى ما بعد الفتح
العربي لمصر عام 640 م، وظلت القبطية لغة رسمية في
الدواوين حتى بعد الفتح العربي لمصر.
وفي خلافة "الوليد بن عبد الملك بن مروان" الأموي،
وولاية واليه على مصر "عبد الله بن عبد الملك" عام
706 م (87 هـ)، أُعلنت اللغة العربية اللغة الرسمية
في البلاد المصرية بدلاً من اللغة القبطية...، كان
الوالي عبد الله بن عبد الملك يكره النصارى جداً،
فإشتد عليهم وعمل على نزع الكتابة في الدواوين من
أيديهم ونقلها إلى العربية.. ولما رأى القبط أن هذا
التغيير في لغة الدواوين يفقدهم وضعهم في الدولة،
عولّوا على تعلم اللغة العربية، فظهر ما عرف بإسم
"السلالم" – وهي كتب تحوي الكلمات العربية مكتوبة
بحروف قبطية، كما نقلت أسماء البلاد إلى العربية
فتحرفت عن أصلها.
تقول د. سيدة الكاشف في كتابها "مصر في عصر الولاة":
"بدأ العرب بعد فتح مصر بأقل من نصف قرن يتجهون إلى
تعريب البلاد وإلى جعل اللغة العربية لغة رسمية وذلك
لعدم معرفتهم باللغة القبطية.. كما تم ترجمة الإنجيل
وعدة كتب دينية مسيحية أخرى إلى اللغة العربية وذلك
ليعرف المسلمون إذا كان في هذه الكتب ما يمس الدين
الإسلامي بسوء.. وقد ساعد التعريب على شيوع اللغة
العربية وإنتشارها بين الموالي والأقباط، فأصبحت
اللغة العربية لغة الدواوين، كما بدأت تظهر طبقة
الكتَّاب، كذلك أصبحت اللغة العربية لغة الإدارة،
فضلاً عن أنها لغة الثقافة، بالإضافة إلى كونها لغة
السياسة والدين".
وما لبثت اللغة القبطية أن تلقت ضربة قاصمة على يد
الخليفة الفاطمي "الحاكم بأمر الله" (996- 1021م)
الذي أصدر أوامره بإبطال إستخدامها نهائياً في
المنازل والطرقات العامة أيضاً، ومعاقبة كل من
يستعملها بقطع لسانه.. فقد ضيق على الأولاد والبنات
والسيدات بالبيوت، بأمره بقطع لسان كل سيدة تتكلم
بها مع أولادها وأطفالها.
وإقتدى بالحاكم الطاغية في محاربة اللغة القبطية
كثيرون ممن جاءوا بعده.
وهكذا باتت اللغة القبطية محصورة داخل الكنائس
والأديرة.
وقد أتت أيام إشتد فيها الرعب على الكنيسة، فإضطر
الآباء إلى وضع ستائر على أحجبة الهياكل وقت خدمة
القداس خوفاً من الحكام الغاشمين الذين كانوا إذا
سمعوا الصلاة باللغة القبطية يهجمون على الكنائس
ويفتكون بمن فيها بدون شفقة ولا رحمة.
ومما يدل على أن اللغة العربية بدأت تناهض اللغة
القبطية في القرن التاسع، تلك الرؤيا المنسوبة خطأ
لأنبا صموئل القلموني- والتى يرجح أنها ترجع إلى
القرن العاشر، وهي تحتوي على حث مؤثر على الإهتمام
باللغة القبطية، ومنها تعرف أن اللغة العربية بدأت
تحل محل اللغة القبطية حتى في جهات كثيرة بالوجه
البحري..
وأول من ألف كتاباً باللغة العربية من الأقباط هو "ساويرس
بن المقفَّع" أسقف الأشمونين الذي كان معاصراً
للبطريرك "أفرآم بن زرعة السريانى" ال62 (975- 979)،
وهو الذي ترجم سير الآباء البطاركة مما وجده من
مخطوطات بدير الأنبا مقار ودير نهيا وما وجده بحوزة
بعض النصارى باللغة القبطية واليونانية إلى اللغة
العربية التي كانت شائعة حينذاك.
وأخذ علماء الأقباط يصيغون مؤلفاتهم بالعربية، ومن
أمثلتهم "أولاد العسَّال" الذين وضعوا مؤلفات دينية
ولغوية كثيرة، و"جرجس بن العميد" المعروف بـ "إبن
المكين"، و"أبو شاكر بن الراهب" شماس الكنيسة
المعلقة، و"شمس الرئاسة أبو البركات بن كبر"، والقس
"بطرس السدمنتى"، و"علم الرئاسة بن كاتب قيصر" ..
ولهذا فقد عمد هؤلاء العلماء إلى وضع قواعد مختصرة
للغة القبطية وتدوين مفرداتها لحفظها من الضياع
والإندثار.
وكان البابا "غبريال بن تريك" البطريرك ال70 (1131-
1146م) هو أول من صرح بقراءة الأناجيل والخطب وما
إليها باللغة العربية في الكنائس، وذلك بعد تلاوتها
باللغة القبطية.
وظل نجاح اللغة العربية مطرداً، حتى أنه في القرن
الثالث عشر كانت اللغة العربية هي السائدة..
ولكن على الرغم من إنتشار اللغة العربية، فإن اللغة
القبطية بقيت لغة التخاطب في الوجه البحري حتى القرن
السابع عشر"،
وقال "المقريزي" (من القرن الخامس عشر) في كلامه عن
دير موشة "والأغلب على نصارى هذه الأديرة معرفة
القبطي الصعيدي.. ونساء نصارى الصعيد وأولادهم لا
يكادون يتكلمون إلا القبطية الصعيدية"،
ويقول العلامة "ماسبيرو" في محاضرة له عن "صلة
المصريين الأقدمين بالمصريين الحاليين" ألقاها عام
1908 "من المؤكد أن سكان صعيد مصر كانوا يتكلمون
ويكتبون باللغة القبطية في السنين الأولى من القرن
السادس عشر، في أوائل حكم الأتراك".
وفي القرن الثامن عشر لما قاربت اللغة القبطية على
الزوال- كلغة للتخاطب، بدأ الأقباط يكتبونها بحروف
عربية.
كُتبت القداسات أصلاً باللغة اليونانية، ثم تُرجمت
إلى اللغة القبطية بدون مردات الشماس وبعض آلحان
الشعب.. وفي مدة حكم العرب بدأت اللغة العربية تحل
محل القبطية تدريجياً حتى إذا ما إنتهى القرن التاسع
عشر بدأت اللغة العربية تغلب على لغة القداس، وأصبحت
اللغة القبطية قاصرة على التسبحة والألحان الطويلة
والألحان الموسمية.
ومع كل هذه الظروف القاسية بقيت اللغة القبطية هي
لغة الكنيسة..
(عن كتاب تاريخ الكنيسة القبطية – إصداركنيسة رئيس
الملائكة ميخائيل ومارمينا بستاتين أيلاند بنيويورك) | | |
جميع الحقوق محفوظة لـ دراسات مصرية، موقع تابع
للأقباط متحدون |
© 2006 Copts United
http://www.copts-united.com/,
all rights reserved . Best view : IE6 ,IE7 Screen
resolution 800 by 600 pixels |
|
|
|